مو عيسى من السودان إلى الكرة الإنجليزية

يتألق في صفوف شلتنهام على أمل الانضمام لأحد الفرق الشهيرة

عيسي (يمين) يشارك مع شلتنهام أمام وستهام في أهم مباراة بمسيرته - محمد عيسي يتطلع لتذوق  كرة القدم الاحترافية
عيسي (يمين) يشارك مع شلتنهام أمام وستهام في أهم مباراة بمسيرته - محمد عيسي يتطلع لتذوق كرة القدم الاحترافية
TT

مو عيسى من السودان إلى الكرة الإنجليزية

عيسي (يمين) يشارك مع شلتنهام أمام وستهام في أهم مباراة بمسيرته - محمد عيسي يتطلع لتذوق  كرة القدم الاحترافية
عيسي (يمين) يشارك مع شلتنهام أمام وستهام في أهم مباراة بمسيرته - محمد عيسي يتطلع لتذوق كرة القدم الاحترافية

على أطراف مدينة أكسفورد، كان هناك محمد آخر يسطع نجمه بالقميص الأحمر والأبيض، إلا أنه على خلاف الحال مع محمد صلاح (الشهير بمو صلاح نجم ليفربول)، يبدأ مو عيسى تذوق كرة القدم الاحترافية في أعقاب انتقاله إلى صفوف شلتنهام تاون في دوري الدرجة الثانية، الصيف الماضي.
لقد نجح عيسى في فرض اسمه بين الواعدين خلال موسمه الأول مع ناديه الجديد، في إنجاز مبهر زاد إبهاراً بالنظر إلى أنه قبل عام واحد كان في صفوف غرينتش بورو بدوري الدرجة الثامنة للهواة ويشارك في مباريات لا يتجاوز عدد الحاضرين فيها 160 شخصاً.
الواضح أن القدرة على الوصول إلى مرمى الخصم من المهارات المتوارثة في أفراد عائلة عيسى، ذلك أن شقيقه الأكبر، أبو بكر، انضم إلى شروسبري تاون في يناير (كانون الثاني) بعد أن قدم أداءً مبهراً مع ويلدستون. وفي تمام الساعة 3 و13 دقيقة من السبت الماضي، سجل كل من مو وأبو بكر هدفاً في الدقيقة ذاتها. وكان الهدف الذي سجله مو هو الأول له مع ناديه الجديد. ويأتي هذا التزامن ليمثل مصادفة عجيبة وخطوة جديدة في رحلة الشقيقين الاستثنائية اللذين غادرا الخرطوم، عاصمة السودان، وقدما إلى لندن في سن التاسعة.
وقال مو عيسى: «البعض ربما لم يكن ليتمكن من الخروج من الموقف الذي كنت فيه، لذا أشعر بأنني محظوظ للغاية. من الواضح أنه كانت هناك بعض المشكلات وحروب أهلية، لكن أسرتي كانت هناك الصيف الماضي وأصبحت الأمور أكثر استقراراً اليوم، وتحرك كل شيء نحو الأفضل بصورة ما. أما عن مجيئي إلى لندن وما أقوم به اليوم مقارنة بما كان عليه الحال منذ بضع سنوات، فإنه أمر لم أكن أتخيل حتى مجرد إمكانية حدوثه».
وأضاف عيسى: «منذ سن صغيرة، اعتادت لعب الكرة مع الأصدقاء فحسب، وليس من أجل فريق بالمعنى المعروف، وتلك كانت تجربة مختلفة تماماً. لقد اعتدنا لعب الكرة كل يوم وتعلمت بعض المهارات من أحد أبناء عمومتي لأنه كان ماهراً للغاية في اللعب. أما التجهيزات فكانت مختلفة تمام الاختلاف عن الحال هنا. عندما انتقلنا إلى لندن، أصبحنا نلعب على ملاعب مغطاة بعشب صناعي طراز (أسترو تيرف)، أما في السودان لم يكن لدينا ذلك. كانت مجرد ملاعب عادية مغطاة بالعشب، لكن ليس بالكثير، هكذا كان الحال».
جدير بالذكر أن مو انضم إلى «برو تاتش»، أكاديمية يوجد مقرها في حي إيزلينغتون بلندن، في سن الـ14 وخاض بعض التجارب مع فرق نوريتش سيتي وساوثند يونايتد قبل أن ينضم إلى أكسفورد يونايتد كمتدرب. إلا أنه من خلال دارتفورد وكورينثيان وفترة إعارة في صفوف ليذرهيد، نجح عيسى داخل غرينتش، تحت قيادة المدرب غاري ألكسندر، مهاجم ميلوول السابق، من الوصول إلى ذروة تألقه وأكبر معدل من تسجيل الأهداف - 57 هدفاً على امتداد موسمين - الأمر الذي لفت أنظار بيت جونسون، كبير كشافي شلتنهام تاون وكذلك شقيق غاري، المدرب، ما دفعهما لمنح عيسى فرصة المشاركة مع النادي لمدة يوم واحد على سبيل التجربة. وقال عيسى أثناء وجوده داخل منشأة التدريب التابعة للنادي: «ربما كنت أبذل جهوداً دءوبة على نحو مفرط، فقد اتخذ كل شيء منحى خطأ، ولم أسجل أهدافاً ولم أحقق أي شيء. لقد سيطر علي التوتر، لكن لحسن الحظ وجهوا لي دعوة أخرى للمشاركة معهم لمدة ثلاثة أيام، وأبليت خلالها بلاءً حسناً».
وفاز عيسى بعقد لمدة 12 شهراً، وفي أعقاب إحرازه أربعة أهداف خلال أول ثلاث مباريات له، وقع تعاقداً جديداً بشروط جديدة حتى عام 2020. وتشكل الأهداف الـ22 التي سجلها هذا الموسم في إطار الدوري الإنجليزي هذا الموسم رقماً قياسياً بالنسبة لناديه.
ومع هذا، قوبلت مساعيه للرحيل عن غرينتش بحثاً عن دوام كامل بمجال كرة القدم بالرفض من جانب أندية مشاركة بالدوري ساورها القلق إزاء مستوى قوته البدنية وقوامه النحيل. وقد شارك في التدريب مع فريق بورهام وود وقال إنه «ربما كنت لأشارك معهم في دوري المناطق هذا الموسم» إذا لم يكن شلتنهام ضمني إلى صفوفه.
وبعد تسجيله 24 هدفاً، تحول الموسم الأول لعيسى إلى ما يشبه قصة أسطورية. واليوم، يعيش عيسى مع ثلاثة من أقرانه بالفريق، جيمي غريميز وجاني جوردون وإيمانويل أونارياز، على مقربة من ملعب التدريب داخل شقة يملكها رئيس النادي، بول بيكر.
ومثلما هو متوقع، لفت النجاح الذي حققه عيسى أنظار جماهير المدينة وعن هذا، قال اللاعب: «ذهبت إلى حمام السباحة في أعقاب إحدى المباريات برفقة بعض زملائي لاستعادة نشاطنا ورأيت مجموعة من الصبية يصيحون: (مو، مو، مو!) في الحقيقة، أحب مثل هذه التفاعلات مع الجماهير. وكان هذا واحداً من المواقف الجميلة، ومن الرائع حقاً أن تشعر أن الناس يعرفونك في الشوارع ومثل هذه الأمور».
بالنسبة لعيسى، الذي كان يتحدث قليلا من الإنجليزية لدى وصوله لندن، حملت مسألة تحوله إلى لعب كرة القدم الاحترافية الكثير من التحديات. وبالفعل، نجح عيسى في أن يكون على مستوى معظمها، وتمكن من تعزيز كثافة التدريبات التي يخوضها وتعلم كيفية التعامل مع فترات القحط التي أصابته بعض الأحيان وحالت دون إحرازه الأهداف على امتداد عدة مباريات متتالية وصلت أحياناً إلى تسع مباريات.
وقال اللاعب البالغ 23 عاماً: «في مباريات الهواة، كان عدد الجماهير أحياناً لا يتجاوز 50 متفرجاً. اليوم، ارتفع العدد إلى قرابة ألفين، بل وربما يتجاوز ذلك في بعض المباريات، مثلما كان الحال خلال مواجهتنا أمام كوفنتري والتي حضرها 7000 متفرج».
أما اللحظة الحاسمة جاءت عندما قدم وستهام يونايتد إلى المدينة لخوض مباراة في إطار بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، بعد شهر من توقيع عيسى عقد انضمامه إلى ناديه الجديد. عن هذه المباراة، قال عيسى: «كان يجري بثها عبر شاشات التلفزيون على الهواء مباشرة، كان حدثا فريدا بالنسبة لي. لقد سجلت هذه المباراة، وأحياناً أعود إليها لأشاهدها مرة بعد أخرى. وعندما أمر بفترة سيئة داخل الملاعب، أعود إلى هذه المباراة لأذكر نفسي بما كنت أحققه من قبل».
ويعتبر الأخوان عيسى، مثلما الحال مع الأخوين سيسيغنون أو آيو، واحدة من التجليات القليلة لظاهرة مشاركة شقيقين في كرة القدم للمحترفين، ويبدي الشقيقان قدرا بالغا من الفخر إزاء الرحلة التي خاضها الآخر. وقد حرص مو على الذهاب إلى ويمبلي لدعم أبو بكر في إطار نهائي بطولة الهواة هذا الشهر.
ومع هذا، ثمة اختلافات كبيرة تبقى بينهما، ذلك أن أبو بكر يستعد للانتهاء من نيل درجة علمية في العلوم الطبية الحيوية من جامعة برونيل بعد الامتحانات التي يخوضها الشهر المقبل. وعن هذا، قال عيسى: «يتميز شقيقي بقدر كبير من الذكاء. أما أنا، فلست كذلك. لقد رغب دوماً في لعب كرة القدم، لكنه رغب في استكمال التعليم أيضاً، لكن بالنسبة لي انصب تركيزي على كرة القدم».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».