المغرب يرحب بـ«القرار الإيجابي» لمجلس الأمن حول الصحراء

بوريطة دعا البوليساريو إلى الاستجابة للنداءات الدولية

TT

المغرب يرحب بـ«القرار الإيجابي» لمجلس الأمن حول الصحراء

أشاد وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، بمضمون القرار الذي اعتمده مجلس الأمن بشأن الصحراء، مساء أول من أمس، الذي وصفه بـ«الإيجابي»، مشيراً إلى أنه جاء «ثمرةً للعمل الجاد والحازم للعاهل المغربي الملك محمد السادس، من أجل التصدي لكل المحاولات اليائسة التي تستهدف المصالح العليا للمملكة».
وقال في تصريح أوردته وكالة الأنباء المغربية، إن القرار جاء ليؤكد المسار الذي اختطته المجموعة الدولية من أجل حل هذا النزاع الإقليمي. وأبان أن توضيحات مجلس الأمن تناولت ثلاث نقاط أساسية. أولها حول الوضع التاريخي والقانوني لشرق المنظومة الدفاعية، وتحركات جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة. فبخصوص منطقة الكركرات الواقعة على الشريط العازل، ذكر الوزير المغربي أن مجلس الأمن عبّر، عن «قلقه» بشأن وجود جبهة البوليساريو في هذه المنطقة، داعياً إياها إلى إخلائها على الفور.
وبخصوص بير الحلو، عبّر مجلس الأمن عن انشغاله تجاه إعلان جبهة البوليساريو عن نقل بنيات إدارية إليها داعياً إياها إلى الكف عن مثل هذه الأفعال المزعزعة للاستقرار. ووصف الوزير هذه الخطوة بأنها تكريس من جانب مجلس الأمن لوضع المنطقة شرق المنظومة الدفاعية، وبمقتضى اتفاقيات وقف إطلاق النار، فلا ينبغي القيام بأنشطة مدنية وعسكرية.
وسجل بوريطة أن مجلس الأمن، الجهاز الوصي على الشرعية الدولية، وصاحب التفويض بالنسبة لـ«مينورسو»: «فند كل التحركات والأكاذيب حول وجود أراضٍ محررة أو مناطق انتشار». وقال بوريطة في تصريحه الذي جاء عقب صدور قرار مجلس الأمن الذي مدد مهمة «مينورسو» 6 أشهر، إن جبهة البوليساريو، المدعومة من قبل الجزائر، مدعوة اليوم، إلى الانصياع لنداءات مجلس الأمن والانسحاب فوراً، ونهائياً، ودون شروط، من المنطقة الواقعة شرق المنظومة الدفاعية.
وبخصوص النقطة الثانية، شدد الوزير بوريطة على أن «مجلس الأمن في قراره، أوضح أن غاية المسلسل السياسي، الذي يجري تحت الريادة الحصرية للأمم المتحدة، تتمثل في التوصل إلى حل سياسي واقعي، قابل للإنجاز ومستدام يقوم على التوافق. وهي مصطلحات تنطبق على الحل السياسي الذي يعرضه المغرب، في إطار مبادرته للحكم الذاتي». وأبرز بوريطة، أن مجلس الأمن يستبعد جميع الحلول والسيناريوهات والمخططات غير الواقعية وغير القابلة للتحقيق وغير المستدامة التي ينادي بها باقي الأطراف، ويؤكد أن «الواقعية وروح التوافق أساسيان للتقدم نحو الحل السياسي».
ولفت وزير الخارجية المغربي إلى أن مجلس الأمن تبنى توصية الأمين العام في تقريره الأخير، والقاضية بدعوة الجزائر إلى الانخراط بقوة في المسلسل السياسي، على قدر مسؤولياتها الثابتة في النزاع الإقليمي حول الصحراء، وبذلك، يكرس القرار، حسب الوزير المغربي، وضع الجزائر فاعلاً وطرفاً مباشراً، عليه واجب الانخراط بشكل أقوى في البحث عن الحل السياسي. «فالجزائر هي من يسلح ويحتضن جبهة البوليساريو، والجزائر هي من يمولها، ويؤطرها ويعبئ كل جهازه الدبلوماسي من أجل معاكسة الوحدة الترابية للمملكة».
أما النقطة الثالثة، فهي؛حسب بوريطة، تكمن في حث مجلس الأمن البلدان المجاورة وضمنها الجزائر على القيام بـ«إسهام مهم في العملية السياسية وتكثيف انخراطها في المسلسل»، بما يتماشى مع مسؤولياتها في نشوء واستمرار النزاع الإقليمي بشأن الصحراء.
من جهته، قال الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، إن قرار مجلس الأمن رقم 2414 حول تمديد مهمة بعثة مينورسو «يعزز موقف المغرب وحزمه إزاء الاستفزازات الأخيرة لجبهة البوليساريو شرق منظومة الدفاع بالمنطقة العازلة للكركرات»، مشيراً إلى أن المجلس «تصرف بحزم ومسؤولية وحرص على فرض القانون وفقاً لمهمته المرتبطة بصون السلم والأمن في العالم».
ونوّه هلال في مؤتمر صحافي عقده عقب اعتماد قرار مجلس الأمن، بكون المجلس «قدم دعماً صريحاً وقوياً لمطالب المغرب»، موضحاً أن الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة «أمرت جبهة البوليساريو بالانسحاب فوراً من المنطقة العازلة في الكركرات». كما «أمر انفصاليي جبهة البوليساريو بالامتناع عن نقل ما يسمى الهياكل الإدارية من مخيمات تندوف في الجزائر إلى بير الحلو، شرق منظومة الدفاع (المنطقة العازلة)، واصفاً هذه المناورات بالمزعزعة للاستقرار بالمنطقة.
ولاحظ هلال، أن «الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة استخدمت لغة صارمة جداً ضد انفصاليي جبهة البوليساريو، من أجل وضع حد لاستفزازاتها البالغة الخطورة في هاتين المنطقتين».
وأضاف أن مجلس الأمن، سواء في مداولاته أول من أمس، أو في تلك التي جرت الأسبوع الماضي، وكذا في أحكام قراره: «أبدى رفضه التام لمحاولات انفصاليي جبهة البوليساريو تغيير الحقائق على أرض الواقع؛ وهو ما يعتبره المجلس انتهاكاً لوقف إطلاق النار، وتهديداً خطيراً للعملية السياسية التي يعمل المبعوث الشخصي للأمين العام هورست كوهلر، بشكل دؤوب على إحيائها».
وأوضح هلال، أن «أوامر مجلس الأمن الموجهة إلى انفصاليي جبهة البوليساريو تشكل نسفاً صارخاً لأوهامهم ودعايتهم بشأن سيطرة مزعومة على المنطقة الواقعة شرق منظومة الدفاع، أو كيان وهمي لا وجود له إلا في مخيلتهم ومخيلة صانعيهم الجزائريين». وتابع قائلاً «إن انفصاليي جبهة البوليساريو تم عزلهم بوضوح من قبل المجتمع الدولي بسبب استفزازاتهم المزعزعة للاستقرار في المنطقة»، مضيفاً: «من الآن فصاعداً ليس لهم من خيار سوى الامتثال لمطالب مجلس الأمن بالانسحاب، أو تحمل العواقب الخطيرة التي ستترتب عن أعمالهم الخارجة عن القانون».
وأبرز الدبلوماسي المغربي، أن «ثمة باعثاً آخر على ارتياح المغرب لقرار مجلس الأمن يتمثل في الطلب الإضافي والملح الموجه للجزائر بتحمل كامل مسؤولياتها غير القابلة للإسقاط، والكبيرة في النزاع الإقليمي حول الصحراء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».