«واشنطن بوست»: وثائق مسربة تؤكد دفع قطر أكثر من مليار دولار لميليشيات شيعية متطرفة

أمير قطر لدى استقباله الرهائن بعد الإفراج عنهم وعودتهم إلى الدوحة (أ.ب)
أمير قطر لدى استقباله الرهائن بعد الإفراج عنهم وعودتهم إلى الدوحة (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست»: وثائق مسربة تؤكد دفع قطر أكثر من مليار دولار لميليشيات شيعية متطرفة

أمير قطر لدى استقباله الرهائن بعد الإفراج عنهم وعودتهم إلى الدوحة (أ.ب)
أمير قطر لدى استقباله الرهائن بعد الإفراج عنهم وعودتهم إلى الدوحة (أ.ب)

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية اليوم (السبت)، مراسلات مسربة من قطر تثبت دفع الدوحة لأكثر من مليار دولار لميليشيات شيعية متطرفة في سوريا والعراق.
وبحسب الصحيفة، فقد اشتكى السفير القطري في بغداد ورئيسة المفاوضين في صفقة الرهائن زايد بن سعيد الخيرين في أبريل (نيسان) من العام الماضي، لرئيسه من «سرقة وقحة» تجري بحق بلاده.
ودخلت قطر في مفاوضات سرية لإطلاق سراح 25 من مواطنيها تم اختطافهم في العراق، وتحولت المساومة إلى نوع من «الابتزاز الجماعي» بحسب الدبلوماسي القطري، حيث تتصارع ستة ميليشيات وحكومات أجنبية من أجل «اعتصار» المال من الدوحة، ووصفهم بـ«اللصوص».
وتؤكد الوثائق أن قطر دفعت بالفعل المال للميليشيات الشيعية المتطرفة، ومن بينها "حزب الله اللبناني" و"كتائب حزب الله" العراقية الممولة من إيران.
ووافقت الدوحة على دفع مبلغ إجمالي لا يقل عن 275 مليون دولار أميركي لتحرير تسعة من أعضاء الأسرة الحاكمة و16 مواطنا قطريا تم اختطافهم خلال رحلة صيد جنوب العراق، بحسب نسخ من المراسلات المسربة والتي حصلت عليها "واشنطن بوست".
كما أظهرت المراسلات السرية لأول مرة أنه تم دفع 150 مليون دولار إضافية نقدا لأشخاص وجماعات كوسطاء، بالرغم من اعتبارهم ممولين للإرهاب الدولي من جانب واشنطن منذ فترة طويلة. وشملت هذه الجماعات «الحرس الثوري» الإيراني، و«كتائب حزب الله» وهي ميليشيا عراقية شبه العسكرية مرتبطة بهجمات دامية على القوات الأميركية خلال حرب العراق.
وتضيف الصحيفة إن هذه المبالغ كانت جزءا من اتفاق أكبر يشمل أطرافا في حكومات إيران والعراق وتركيا، وأيضا ميليشيا «حزب الله» اللبنانية وما لا يقل عن جماعتين معارضتين سوريتين أحدهما جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وبلغ إجمالي المبلغ المطلوب دفعه لتحرير الرهائن أكثر من مليار دولار أميركي، لكن الوثائق لم توضح بالضبط المبلغ الذي تم تسيلمه.
وتأتي المراسلات المسربة بعدما نفت قطر مرارا التقارير بشأن دفعها أموالا للتنظيمات الإرهابية كجزء من الصفقة، لكنها اعترفت بتلقيها دعم دول عدة لتأمين إطلاق سراح مواطنيها.
وكشفت المحادثات والمراسلات التي حصلت عليها الصحيفة الأميركية أيضا ما تصفه بصورة "أكثر تعقيدا"، فقد وافق الدبلوماسيون القطريون على دفع مبالغ تتراوح بين 5 و50 مليون دولار إلى مسؤولين إيرانيين وعراقيين وقادة ميليشيات مسلحة، حيث تم تخصيص 25 مليون يورو لقائد «كتائب حزب الله»، و50 مليونا تم وضعها جانبا لقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» بالحرس الثوري الإيراني وأحد المشاركين الرئيسيين في صفقة الرهائن.
وأكد الخيرين في رسالة صوتية مدتها سبع ثوان لرئيسه أنه تم دفع جميع هذه المبالغ.
وتضمنت المراسلات المسربة والتي سجلتها حكومة أجنبية بحسب واشنطن بوست، محادثات بالجوال، ورسائل صوتية باللغة العربية.
وتقول الصحيفة إن دفع قطر الأموال للميليشيات المتطرفة سيكون بمثابة علامة فارقة في خلاف الدوحة مع جيرانها بسبب علاقتها مع إيران ودعمها للإخوان المسلمين وباقي جماعات الإسلام السياسي. ولفتت أن قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر للعلاقات مع قطر جاء بعد أسابيع من إطلاق سراح الرهائن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».