محكمة إسرائيلية تصدر حكماً مخففاً على جندي قتل عربياً

متطرف يشي برفاقه والشرطة لا تمنع اعتداءهم على حي عربي في القدس

TT

محكمة إسرائيلية تصدر حكماً مخففاً على جندي قتل عربياً

إزاء التساهل غير المعقول الذي تبديه السلطات الإسرائيلية مع الاعتداءات العنصرية، قامت مجموعتان من غلاة المتطرفين اليهود بتنفيذ عمليتي اعتداء على المواطنين الفلسطينيين، فجر أمس الأربعاء، واحدة في بلدة جالود قرب نابلس، والأخرى في بلدة إكسال قرب الناصرة.
ففي قرية جالود، التي تتعرض لهجمة استيطانية، أعطب مستوطنون إطارات 4 مركبات وخطّوا شعارات مُعادية للعرب وتدعو لترحيلهم. وحسب مسؤول السلطة الفلسطينية عن ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، «وصل المستوطنون إلى القرية في عتمة الليل ونفذوا اعتداءاتهم على طريقة (تدفيع الثمن)، وهو التعبير الذي يستخدمونه عندما يعتدون على الفلسطينيين احتجاجاً على قرار حكومي من السلطات الإسرائيلية، لا يعجبهم. فهم يردون على كل قرار كهذا بالانتقام من العرب».
وأضاف دغلس أن قرية جالود المحاصرة بالمستوطنات، تتعرض لانتهاكات متواصلة ولهجمة استيطانية شرسة، زادت وتيرتها بعد قرار حكومة الاحتلال بإنشاء مستوطنة جديدة على أراضي قرية جالود، المسمّاة «عميحاي الجديدة»، والتي تم إسكان مستوطني بؤرة «عمونا» بها منذ أيام، في الوقت الذي تتواصل فيه أعمال البناء والتوسع في جميع المستوطنات والبؤر الاستيطانية المقامة على أراضي القرية. «ويبدو أنهم يريدون توسيع رقعة الأرض أكثر مما خصصه لهم الاحتلال فنفذوا اعتداءهم».
وفي قرية إكسال، التي يسكنها نحو 12 ألف مواطن عربي (فلسطينيو 48)، أضرم المعتدون من عصابة «تدفيع الثمن»، النيران في سيارتين واعتدوا على ممتلكات أخرى، وكتبوا شعارات عنصرية وتحريضية ضد المواطنين العرب. وقد حمل الأهالي الشرطة والحكومة الإسرائيلية مسؤولية تكرار الاعتداءات على المواطنين العرب وممتلكاتهم، وعدم توفير الأمن والأمان، وامتناعها عن العمل الجدي لاجتثاث جرائم عصابات يهودية متطرفة واعتداءاتها على البلدات العربية.
وقال نور حبشي، أحد المتضررين من الاعتداء، إن «هؤلاء المجرمين كانون ينوون إحراق بيوت بمن فيها من أناس نائمين، لولا يقظة السكان». وأضاف: «الاعتداء نُفّذ في الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، حيث شعرنا بتحركات وأصوات خارجية في ساحة المنزل، لنفاجأ بإحراق سيارتين، وقمنا بإخماد النيران في اللحظة الأخيرة لتحاشي مضاعفات أكبر نتيجة الحرق، كما صُدمنا بعبارات عنصرية إرهابيّة خطوها على الجدران في الساحة التابعة لنا». وقال متضرر آخر، هو د.نايف حبشي: «لدينا أطفال صغار، والجريمة اقتُرفت داخل البيت، والأضرار النفسية والشعور بعدم الأمان والخطر القريب جداً، أكبر من ضرر الممتلكات، فالأطفال تعرضوا لصدمة عصبية إثر رؤيتهم الحريق».
وأصدر مجلس إكسال المحلي بيانا عبر فيه عن شجبه واستنكاره الشديدين «الاعتداء العنصري على ممتلكات أهالي إكسال وحرق السيارات وكتابة شعارات عنصرية». وأضاف: «هذا اعتداء عنصري وخطير ونعتبره اعتداء على كافة أهالي القرية، ولن نتساهل مع الحدث. سوف نواصل العمل الجاد من أجل إجراء تحقيق جدي والوصول إلى الجناة وتقديمهم للمحاكمة، من أجل وضع حد لهذه الاعتداءات العنصرية وإخراج هذه المجموعة خارج القانون، ومنع تكرار مثل هذه الاعتداءات». وعدّ أن «هذا الاعتداء نتيجة التحريض العنصري المستمر الموجه ضد جماهيرنا العربية، من مختلف القادة والمسؤولين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وندعو لشن حملة شعبية لمواجهة مظاهر العنصرية في البلاد».
وكان قد كشف النقاب، أمس، عن تخطيط مجموعة من الشباب اليهود من اليمين المتطرف، لتنفيذ اعتداء عنصري على حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. لكن أحدهم قرر التراجع وحاول إقناع زملائه بإلغاء الفكرة. فلما رفضوا اقتراحه، توجه إلى الشرطة قبل يوم كامل من موعد التنفيذ وأخبرها بنية زملائه. لكن الشرطة لم تفعل شيئا وتم تنفيذ الاعتداء.
وأصدرت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس، أمس، حكما مخففا جدا بالسجن 9 أشهر على الجندي الذي قتل الفتى نديم نوارة (17 عاما)، على حاجز عسكري جنوب رام الله في عام 2014. وجاء الحكم البائس على الرغم من عرض شريط مصور على المحكمة، نشرته «الحركة العالمية للدفاع عن الطفل»، يبين كيفية استشهاد الطفل نديم صيام نوارة، وكذلك الطفل محمد محمود أبو الظاهر (16 عاما)، قرب سجن «عوفر» العسكري، حيث تبين أن جنود الاحتلال أطلقوا النار صوب الطفلين بشكل «غير قانوني»، ومن دون أن يشكلا أي تهديد مباشر وفوري على الجنود. وتبين أيضا أن نديم أصيب بالرصاص من الخلف، بينما كان يتحرك بعكس الاتجاه الذي كان فيه جنود الاحتلال.
وقال القاضي إنه يخفف الحكم لكون الجندي المتهم مقاتلا ناجحا ولأنه أعرب عن ندمه. وقد عدّ النائب جمال زحالقة، من «القائمة المشتركة»، هذا الحكم وغيره من الممارسات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية في هذا المجال، بمثابة تشجيع للمعتدين على العرب. وقال: «المجرمون الصغار الذين نفذوا الاعتداءات في إكسال وغيرها، يستلهمون ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من جرائم وقتل وتدمير بأوامر رسمية من القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل. من يرَ كيف يقتل الجيش المتظاهرين العزّل، لا يستغرب أن يلجأ صغار الفاشيين إلى إحراق سيارات، وإلى كتابة شعارات عنصرية على البيوت. (تدفيع الثمن) محاولة لتقليد جرائم الجيش».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.