تبدد فرص المعارضة التركية في الاتفاق على منافس لإردوغان

ميرال أكشينار رئيسة «الحزب الجيد»
ميرال أكشينار رئيسة «الحزب الجيد»
TT

تبدد فرص المعارضة التركية في الاتفاق على منافس لإردوغان

ميرال أكشينار رئيسة «الحزب الجيد»
ميرال أكشينار رئيسة «الحزب الجيد»

تبددت فرص اتفاق أحزاب المعارضة التركية على مرشح توافقي واحد يخوض انتخابات الرئاسة منافسا للرئيس رجب طيب إردوغان، مع إصرار ميرال أكشينار رئيسة «الحزب الجيد» تمسكها بالترشح، وترشيح حزب الشعوب الديمقراطي رئيسه المشارك السابق المسجون حاليا صلاح الدين دميرتاش لخوض السباق الرئاسي.
وقالت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، إن الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي تجرى في 24 يونيو (حزيران) المقبل سيعلن خلال يومين، وذلك بعد نشر قوانين المواءمة في الجريدة الرسمية. وقال رئيس اللجنة، سعدي جوفن في تصريح أمس: «سنعلن الجدول الزمني للانتخابات بعد نشر قوانين المواءمة (المتعلقة بالانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي) في الجريدة الرسمية، وقد يكون ذلك غدا (اليوم) أو بعد غد (غدا الجمعة)».
وأقر البرلمان التركي يوم الجمعة الماضي مقترحا مشتركا لحزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية، المتحالفين انتخابيا، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24 يونيو، للانتقال إلى النظام الرئاسي بموجب التعديلات الدستورية التي أقرها الناخبون في الاستفتاء الذي أجري في 16 أبريل (نيسان) 2017، وتضمنّت التعديلات أيضا زيادة عدد مقاعد البرلمان التركي إلى 600 مقعد، وخفض سن الترشح للانتخابات من 30 إلى 18 عاما.
واستمرت أمس حالة الحراك المتصاعد على الساحة السياسية، استعدادا للانتخابات المبكرة التي أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن موعدها الأربعاء قبل الماضي. والتقى رئيس حزب السعادة الإسلامي، تمال كرم أوغلو، الرئيس التركي السابق أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية عبد الله غل أمس، في مسعى لإقناعه بالترشح للانتخابات الرئاسية في مواجهة رفيق دربه السياسي إردوغان، لا سيما بعد أن شهدت العلاقات بينهما بعض الفتور منذ تولي إردوغان الرئاسة في البلاد ومنع غل من العودة لرئاسة الحزب الحاكم.
كما التقى رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو بميرال أكشينار، التي كانت التقت كرم أوغلو أول من أمس، فيما قالت مصادر قريبة من الاجتماع إنه استهدف إقناع أكشينار، الملقبة بالمرأة الحديدية، بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية لإفساح المجال للدفع بمرشح توافقي للمعارضة (يرجح أن يكون عبد الله غل). إلا أن أكشينار أعلنت عقب اللقاء أن قرارها بالترشح للرئاسة لا رجعة فيه، وأنها تريد أن تواصل في هذه المسألة حيث ستقوم بجمع 100 ألف توقيع من الناخبين من أجل الترشح.
وقالت إن زيارتها للشعب الجمهوري جاءت لتقديم الشكر لدعمه لحزبها الوليد الذي تأسس في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من أجل عدم فقد فرصته في خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، كونه لم يمض على تأسيسه 6 أشهر وقت الإعلان عن الانتخابات المبكرة.
من جانبه، قال كليتشدار أوغلو إنه يحترم قرار أكشينار وإن مهمتهم هي حماية الديمقراطية في تركيا والدفاع عنها. وكان كليتشدار أوغلو التقى رئيس حزب السعادة الإسلامي قبل يومين أيضا، ورشحت أنباء عن سعيه لتشكيل تحالف انتخابي واسع من المعارضة قد يضم الشعب الجمهوري والسعادة والحزب الجيد وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، وعدد آخر من الأحزاب الصغيرة.
في الوقت نفسه، أعلن حزب الشعوب الديمقراطي أن رئيسه السابق صلاح الدين دميرتاش ألقابع في السجن لاتهامه في العديد من القضايا المتعلقة بدعم الإرهاب يواجه عنها أحكاما بالسجن تصل إلى 143 عاما، سيكون هو مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية.
وخاض دميرتاش انتخابات 2014 الرئاسية أمام إردوغان وحل ثالثا بعده، ونائب حزب الحركة القومية الأمين العام الأسبق لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو الذي كان مرشحا توافقيا للمعارضة. وبحسب تقارير إعلامية، فقد التقى الرئيس السابق عبد الله غل، الاثنين، رئيس الوزراء السابق، النائب بالبرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم أحمد داود أوغلو، ما زاد من حجم التكهنات حول احتمال أن يتخذ غل قرارا بخوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة إردوغان.
وقال محمد أجات، الصحافي في القناة السابعة وصحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة، في تغريدة له أول من أمس إن غل طلب من داود أوغلو، الذي تشوب العلاقات بينه وبين إردوغان بعض الفتور أيضا، دعمه في الترشح للرئاسة إلا أنه رفض ذلك. وعلى الرغم من أن غل يلتزم الصمت ولا يتطرق نهائيا إلى موضوع الانتخابات، رشحت تسريبات مصدرها بعض الصحافيين عن أن غل اشترط على أحزاب المعارضة أن يكون هو المرشح الوحيد عنها في مواجهة إردوغان، لكن إصرار أكشينار على الترشح وتأكيدها أنها لن تنسحب لصالح غل حال إعلان ترشحه قلل من أهمية هذه التكهنات.
ولا يبدو أن هناك توافقا بين أحزاب المعارضة على مرشح واحد، حتى لو كان غل، حيث أعلن القيادي في حزب الشعب الجمهوري محرم إينجه أن غل لا يمكن أن يكون مرشحاً لنا، و«إن خيرت بين غل وإردوغان سأصوت لإردوغان».
وتحسبا لأي احتمالات لشق الصف داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم حال ترشح غل، سعى إردوغان لتجميع القيادات التاريخية للحزب إلى صفه، والتقى مساء أول من أمس أحد الزعماء القدامى للحزب رئيس البرلمان الأسبق بولنت أرنيتش. وأكد أرنيتش، في تصريح صحافي عقب اللقاء الذي جاء بدعوة من إردوغان، استحالة مشاركته في أي خطوة من شأنها أن تضرّ بمسيرة حزب العدالة والتنمية أو رئيسه الحالي (إردوغان).
وتأتي هذه اللقاءات في ظل الحديث عن وجود دعم من قِبل بعض القيادات القديمة في العدالة والتنمية لترشح غل، على رأسهم نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، إلا أن تصريحات أرنيتش، الذي توترت العلاقات بينه وبين إردوغان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، ساهمت بشكل كبير في الحد من التوقعات حول دعم جيل مؤسسي العدالة والتنمية «غل» في مواجهة إردوغان.
واعتبر رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، الذي أعلن أن إردوغان هو مرشح حزبه للرئاسة أن هناك استراتيجية «خبيثة للغاية» لتهيئة الرأي العام لترشح الرئيس السابق عبد الله غل للانتخابات المقبلة. وذهب إلى أن حركة الخدمة التابعة للداعية التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن، الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء محاولة الانقلاب التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016، هي من تقود هذه العملية، وأن حزب العمال الكردستاني (المحظور) راضٍ عنها، وأعداء تركيا متحمسون لها، قائلا إن «أحزاب الشعب الجمهوري، والشعوب الديمقراطي، والسعادة مصرون بحماس على ترشح غل».
وتقوم استراتيجية المعارضة على الوصول بالانتخابات الرئاسية إلى جولة إعادة، ويتطلب الفوز بمنصب رئيس البلاد إجراء جولة ثانية مع ثاني منافس، في حال لم يحصل على أكثرية (50 في المائة+1) تمكنه من حسم السباق في جولته الأولى.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».