قوات النظام تواصل قصف مخيم اليرموك... وقلق من مشاركة ميليشيات إيرانية

عناصر مسلحة وآليات جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
عناصر مسلحة وآليات جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات النظام تواصل قصف مخيم اليرموك... وقلق من مشاركة ميليشيات إيرانية

عناصر مسلحة وآليات جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
عناصر مسلحة وآليات جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)

قال التلفزيون الرسمي والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات النظام قصفت جيباً يسيطر عليه متشددون إلى الجنوب من دمشق أمس (الاثنين)، بينما يسعى الرئيس بشار الأسد إلى استعادة كل الأراضي قرب العاصمة. وبعد أن استعاد الغوطة الشرقية، بدأت قوات النظام الأسبوع الماضي تركيز جهودها على المنطقة التي يسيطر فيها تنظيم داعش على جيب قرب جيب آخر خاضع لجماعة مسلحة أخرى.
واستسلم مقاتلو المعارضة في جيبين آخرين شمال شرقي دمشق في الأيام القليلة الماضية. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن حافلات تنقل المقاتلين من أحد الجيبين واصلت المغادرة أمس إلى منطقة للمعارضة شمال سوريا عبر ممر آمن وفّرته الحكومة. وقال التلفزيون الرسمي والمرصد إن تنظيم داعش ومقاتلين آخرين وافقوا على الخروج من منطقة جنوب دمشق إلى أجزاء أخرى من البلاد خاضعة لسيطرة المعارضة.
ومع ذلك استمر القتال، وذكر المرصد أمس، أن ذلك بسبب رفض مقاتلي تنظيم داعش اتفاق الاستسلام. وأضاف المرصد أن القصف يستهدف فقط المنطقة الخاضعة للتنظيم. وبث التلفزيون الرسمي لقطات حية لمنطقة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وحي الحجر الأسود، بينما تتصاعد أعمدة الدخان من عدة أماكن.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أول من أمس (الأحد)، إن الظروف في المخيم كـ«الجحيم». وقال المتحدث باسم «أونروا» كريس جينيس: «يجب أن يكون هناك ممر آمن للمرضى والجرحى والذين يحتضرون من المدنيين... اليرموك تحول إلى مخيم للموت مثل إحدى درجات الجحيم السفلى».
بجسد نحيل ووجه أسمر شاحب وعيون حزينة جلست أم أحمد في الطابور أمام باب إحدى الجمعيات الخيرية لتتقاضى مبلغاً مالياً لا يتجاوز 3 آلاف ليرة سورية، عبارة عن منحة تقدمها الجمعية للأيتام.
أم أحمد التي تعمل في ورشة خياطة تحضر إلى الجمعية لتأخذ المبلغ لحفيدها (7 سنوات)، وهي تعول حفيدها مع 6 من أولادها، شباباً وصبايا، بينهم أرملة.
ولا تكتم أم أحمد سعادتها ببدء معارك «طرد الدواعش»، وتقول: «إذا الروس شاركوا بالهجوم من الممكن جداً أن نعود لكن إذا شارك الإيرانيون فلن نحلم بالعودة إلى هناك. قالوا لي إذا دخل الإيرانيون إلى المخيم فإن العودة لفلسطين أسهل من العودة للمخيم».
غالبية اللاجئين الفلسطينيين من أبناء المخيم لديهم الهواجس ذاتها، وسط أنباء عن مشاركة ميليشيات شيعية إيرانية (الكتيبة 313 من لواء الأمام الحسين التابع للفرقة الرابعة) إلى جانب قوات النظام والميليشيات الفلسطينية في الهجوم على المخيم.
ومخيم اليرموك أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، أنشئ عام 1957، على مساحة تقدّر بـ2.11 كلم مربع من الأراضي الزراعية (8 كم جنوب دمشق) حيث تم استئجارها من قبل وكالة اللاجئين لتوفير مكان إقامة مؤقت للاجئين الفلسطينيين، ومع مرور الزمن تحول إلى أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا ودول الجوار، وراح اللاجئون يحسّنون مساكنهم ويشيدون الأبنية الطابقية لتتسع للعائلات الكبيرة والمتنامية، وبات كمنطقة حيوية تستقطب السوريين من الريف للعيش فيها، لقربها من دمشق، إضافة إلى استقطاب التجار لفتح فروع لمخازنهم هناك للاستفادة من الكثافة السكانية الفتية، (أكثر من 200 ألف فلسطيني وضعفهم من السوريين). ولعل التنوع الكبير في المخيم، إضافة إلى اهتمام المنظمات السياسية ووكالة اللاجئين الفلسطينيين، أسهما بجعله مجتمعاً أكثر انفتاحاً، فرغم فقره كان منشغلاً بالسياسة ومهتماً بالثقافة والتعليم، وهو ما أضفى عليه سمات ديناميكية غير متوفرة بالمخيمات الفلسطينية الأخرى في سوريا والمنطقة عموماً، حتى لُقّب بـ«عاصمة الشتات الفلسطيني».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.