الحكومة الإسرائيلية تنوي التخلص من المفتش العام للشرطة

على خلفية تحقيقاته في اتهامات الفساد لنتنياهو

TT

الحكومة الإسرائيلية تنوي التخلص من المفتش العام للشرطة

أعلن قائد كبير في حزب الليكود الحاكم في إسرائيل، أمس، أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يسعى إلى استبدال قائد آخر بالمفتش العام للشرطة الإسرائيلية، روني الشيخ، «يكون مريحا له» و«لا يتعمق في تحقيقات الفساد ضد رئيس الحكومة وغيره من المسؤولين».
وقال المصدر إن نتنياهو صرح بهذا الأمر خلال جلسات مغلقة ولمقربيه، معتبراً أن أحد أهداف نتنياهو من الذهاب إلى صناديق الاقتراع مبكراً، هو منع تمديد سنة رابعة للمفتش الحالي الشيخ، وإنهاء ولايته في ختام السنة الثالثة من خدمته التي تنتهي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، خلافاً لسابقيه في المنصب، الذين أمضوا أربع سنوات في الخدمة. وأضاف المصدر إن هذا الهدف لا يزال نصب عيني نتنياهو، حتى بعد فشله في إعلان انتخابات مبكرة نهاية الدورة الشتوية للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) الشهر الماضي. وتابع المصدر بأن «أحد أهداف نتنياهو من تقديم الانتخابات كذلك، هو تغيير وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، والإتيان بواحد من مقربيه في الحكومة، ياريف ليفين أو ميري ريغيف». واعتبر المصدر أنه «في هذه الحالة، يضع نتنياهو أحد المقربين منه على رأس وزارة الأمن الداخلي، ما يمكنه من عزل الشيخ من منصبه، أو على الأقل لا يمدد ولايته لسنة رابعة، كما حدث مع من سبقه في المنصب».
وعن تمديد ولاية الشيخ، كتب الوزير أردان على حسابه في «تويتر» رداً على اللغط حول الموضوع: «لم أتعامل حتى الآن مع تمديد ولاية المفتش العام للشرطة، ولا موقف لي حتى الآن، لم يحن الوقت بعد للتعامل مع هذا الأمر»؛ لكن مقربين منه أوضحوا أن أردان حائر بين القيام بواجبه المهني بتمديد فترة الشيخ لسنة رابعة، وبين تبعات مثل هذا القرار على وضعه داخل الحزب. وأضاف أحدهم: «أردان فاز بأعلى نسبة أصوات بين نواب الليكود في الانتخابات الداخلية قبل ثلاث سنوات في الليكود. ولكن اتخاذه قرارا بتمديد ولاية الشيخ في الشرطة، سوف يقضي على شعبيته في الليكود، ويجعل أنصار نتنياهو ينتقمون منه ويخفضون من مكانته في الحزب، ويقضون على فرصه لتولي رئاسة الليكود بعد عهد نتنياهو».
وكان الشيخ قد تطرق بشكل غير مباشر للموضوع، وقال إنه يفضل أن يؤدي واجبه المهني ويجلس في البيت، على أن يمددوا له الولاية ويخون مبادئه.
تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو كان قد عين الشيخ في رئاسة الشرطة، مع وعده له بأن يعينه في نهاية المدة، رئيسا لجهاز الشاباك (المخابرات العامة)؛ لكن إجراء التحقيقات في ملفات الفساد جعله يغير رأيه، إذ يتهمه نتنياهو بالانجرار وراء المحققين، والامتناع عن صد محاولاتهم إسقاط رئيس الوزراء.
من جهة ثانية، كشفت مصادر قضائية أن مراقب الدولة، القاضي يوسف شبيرا، وجد تجاوزات مالية كبيرة في بعثة إسرائيل في الأمم المتحدة، بقيادة السفير داني دنون. ولم تستبعد التوصية بتقديمه إلى المحكمة بسبب هذه التجاوزات.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».