مسؤول سوري رفيع يرفض المثول أمام القضاء العسكري اللبناني

TT

مسؤول سوري رفيع يرفض المثول أمام القضاء العسكري اللبناني

رفض رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، اللواء علي مملوك، المثول أمام المحكمة العسكرية في لبنان، بتهمة محاولة اغتيال شخصيات وحيازة متفجرات، مشترطاً تشكيل محكمة من ضباط برتبة لواء، وفق ما أعلن مصدر مطلع لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس الاثنين.
ومملوك متهم منذ عام 2013 في قضية «محاولة قتل سياسيين ورجال دين ونواب ومواطنين، وحيازة متفجرات، بقصد القتل والقيام بأعمال إرهابية».
وهي القضية ذاتها التي حوكم فيها الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة، بالسجن لمدة 13 عاماً مع الأشغال العامة، بعد توقيفه بالجرم المشهود، وهو يسلّم 25 عبوة ناسفة إلى الشخص الذي كلفه تنفيذ العملية، وتبين أنه مخبر للأجهزة الأمنية.
وفصل القضاء اللبناني بين ملفي المتهمين، كون سماحة كان موقوفاً لدى الأجهزة الأمنية، فيما تعذر خلال سنوات إبلاغ مملوك في سوريا التي تشهد حرباً مدمرة منذ عام 2011.
وعقدت جلسات عدة في السابق لمحاكمة مملوك؛ لكنها تعطلت لتعذر إبلاغه وفق الأصول. وذكر المصدر أنه «تبين خلال جلسة عقدتها المحكمة العسكرية، أمس الاثنين، أن ورقة تبليغ علي مملوك عادت (من دمشق) من دون أن يوقعها؛ بل دُوّن عليها أنه طلب تشكيل هيئة محكمة من ضباط برتبة لواء ليوافق على المثول أمامها».
وأجلت المحكمة الجلسة إلى 29 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وأعادت تبليغه بوجوب حضوره أمامها. وأوضح مصدر قانوني لبناني أنه من المستحيل تشكيل هيئة محكمة وفق طلب مملوك؛ «لأن الأمر يتطلب إصدار قانون خاص، كما يتعذّر توفر سبعة ضباط برتبة لواء؛ لأن هذه الرتبة لا يحوز عليها إلا رؤساء الأجهزة الأمنية في لبنان».
وكان القضاء اللبناني أصدر مذكرة توقيف غيابية في حق مملوك، الذي صدر القرار الاتهامي بحقه مع سماحة في عام 2013، وطلب إصدار عقوبة الإعدام بحقهما.
واعترف سماحة حين تم توقيفه في أغسطس (آب) 2012، في أولى جلسات المحاكمة، بأنه تسلم مبلغ 170 ألف دولار وكمية من المتفجرات من مكتب مملوك في دمشق، ونقلها إلى لبنان.
وعين مملوك في عام 2012 رئيساً لمكتب الأمن الوطني السوري، الذي يشرف على كل الأجهزة الأمنية السورية، وذلك بعد مقتل أربعة من كبار القادة الأمنيين في تفجير في دمشق في 18 يوليو (تموز) 2012.
ويعد مملوك واحداً من أعضاء الحلقة الضيقة المحيطة بالأسد، واسمه مدرج على لائحة العقوبات الأوروبية المفروضة على أركان النظام ومتعاونين معه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.