انضمام الضفة وفلسطينيي 48 داخل إسرائيل إلى مسيرات غزة

فلسطينيان يقفزان فوق إطارات مشتعلة خلال مواجهات مع جنود الاحتلال في الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيان يقفزان فوق إطارات مشتعلة خلال مواجهات مع جنود الاحتلال في الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

انضمام الضفة وفلسطينيي 48 داخل إسرائيل إلى مسيرات غزة

فلسطينيان يقفزان فوق إطارات مشتعلة خلال مواجهات مع جنود الاحتلال في الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيان يقفزان فوق إطارات مشتعلة خلال مواجهات مع جنود الاحتلال في الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

انضمّت جماهير غفيرة من الضفة الغربية ومن فلسطينيي 48 داخل إسرائيل، أمس وأول من أمس، إلى مسيرات العودة التي بدأتها القوى الوطنية في قطاع غزة، لتأكيد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والمطالبة بوقف النكبة الفلسطينية المستمرة منذ 70 عاماً. وقد اندلعت مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، أمس (الجمعة)، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، استخدمت فيها قوات الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وأصدرت الرئاسة الفلسطينية بياناً في ختام أحداث الجمعة، أدانت فيه استمرار «الاعتداءات الوحشية لجيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية (...) بالإضافة إلى خط شعارات عنصرية وقطع أشجار وترهيب للمواطنين». وأكدت الرئاسة أن «قيام جيش الاحتلال بإطلاق النار الحي على المظاهرات السلمية الشعبية التي يشهدها قطاع غزة، وقيام المستوطنين بالاعتداء على الأرض الزراعية في قرية بورين وقطع 100 شجرة زيتون، وخط شعارات عنصرية في قرية برقة، والاعتداء على مركبات المواطنين، والهجوم على القرى الفلسطينية، لن يزيد شعبنا إلا صموداً وتمسكاً بحقوقه المشروعة».
وحمّلت الرئاسة، الحكومة الإسرائيلية «مسؤولية استمرار جيش الاحتلال بقتل المواطنين بدم بارد، وحماية اعتداءات المستوطنين الإرهابية، على الأرض والشعب والمقدسات». وطالبت المجتمع الدولي، وبخاصة مجلس الأمن الدولي، بالإسراع في «توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف جرائمها اليومية ضد الشعب والأرض الفلسطينية».

فلسطينيو 48
وقد اختارت قيادة المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، أنقاض بلدة عتليت الساحلية (شمال حيفا)، لمسيرة العودة السنوية التي تقيمها في كل مرة تحتفل فيها إسرائيل بذكرى تأسيسها. وشارك نحو 20 ألفاً من المواطنين أبناء الجماهير العربية من الجليل والمثلث والنقب والساحل، في المهرجان الختامي للمسيرة، الذي استُهلّ بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لذكرى الشهداء الفلسطينيين واختُتم بنشيد «موطني». ووجه رئيس لجنة الدفاع عن حقوق المهجّرين، المهندس سليمان فحماوي، التحيات إلى منظمي مسيرات العودة في غزة وغيرها. وقال: «تحية لكم أصحاب مسيرة العودة، تحية للمخيمات في الضفة الغربية فأنتم صانعون يوم العودة، أمّا المهجّرون، فمن أجلكم نصنع راية العودة ونبني الأمل من أجل العودة».
وألقى محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا، كلمة قال فيها: «نحن حرّاس العودة من أجل عودتكم من العالم. نحيّي أهل غزة بمسيرات العودة، ونؤكد أنّ القدس عربية فلسطينية عاصمة دوله فلسطين». وقال: «إننا هنا بالذات في هذا اليوم، الذي يريدون فيه تزوير هوية الوطن وحقائق التاريخ، جئنا لنشهر هوية الوطن: كانت تسمى فلسطين، وصارت تسمى فلسطين. وهكذا ستبقى». وأضاف بركة: «نحن نعرف أن ذكرى النكبة هي ذكرى أليمة، فهي ليست فقط ذكرى شعب، إنما هي قضية شخصية بالنسبة إلى اللاجئين الذين اقتُلعوا من بيوتهم وأراضيهم وقراهم. ذكرى النكبة أليمة، ولكن هذه الحشود التي جاءت لتعلن موقفها في سبعين عاماً على النكبة، هي شلال الأمل، والحق، الذي سيثبت للقاصي والداني أن لهذه الأرض هوية وانتماء. ولهذا الشعب أرضاً ووطناً. ونحن هنا لنقول لأبناء شعبنا اللاجئ في كل مكان، لأهالي المخيمات في الأردن ولبنان وسوريا الشام، نحن هنا في انتظار عودتكم، نحن حراس الأرض، حراس المكان، نحن حراس العودة. فيا أهلي ويا إخوتي، يا أبناء شعبي، يا أبناء عائلتي من صفورية، ومن عتليت وإجزم والبصة والغابسية والطنطورة و530 قرية، نحن ننتظر عودتكم».
وحضر عدد من اليساريين اليهود الذين يؤيدون الحق الفلسطيني، وتكلم باسمهم ممثل جمعية المهجّرين «زوخروت»، إيتان برونشطاين.

الضفة الغربية
وفي الضفة الغربية، خرج المصلون من المساجد بعد صلاة الجمعة، إلى المسيرات السلمية الأسبوعية. فحاولت قوات الاحتلال قمعها. واندلعت مواجهات في منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، وفي بلدات كفر قدوم وبيتا بمحافظة نابلس، والنبي صالح وبلعين ونعلين والمزرعة الغربية في محافظة رام الله. وأغلق شبان مدخل مدينتي رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية، وأشعلوا النار في إطارات المركبات، احتجاجاً على قمع الجيش الإسرائيلي لمسيرات العودة في غزة.
وكان المستوطنون اليهود المتطرفون قد استبقوا هذه المسيرات باعتداءات شتى على الفلسطينيين. فأقدموا على قطع 100 شجرة زيتون مثمرة في أراضي قرية بورين جنوب نابلس. وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة، غسان دغلس، إن أشجار الزيتون تعود ملكيتها للمواطن محمد رجا. وأضاف أن غلاة المستوطنين هاجموا أراضي المواطنين، وقاموا بقطع أشجار الزيتون المعمرة والتي يصل عمر بعضها إلى 60 عاماً، بالإضافة إلى عدد من أشجار اللوز. وأشار دغلس إلى أن المستوطنين خطّوا شعارات عنصرية ومعادية على الصخور المجاورة للأرض، قبل أن يلوذوا بالفرار. من ناحيته، وصف رئيس مجلس قروي بورين يحيى قادوس، ما حدث بـ«المجزرة»، مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على أراضي القرية. وأوضح أن صاحب الأرض قام قبل أيام قليلة فقط بحراثة أرضه، ليتفاجأ صباح أمس بأن المستوطنين هاجموا أرضه، وقاموا بتقطيع عشرات أشجار الزيتون. وتابع قادوس أن الأرض تعد مصدر الرزق الوحيد لعائلة المواطن رجا، لافتاً إلى أن المستوطنين خطّوا شعارات تدعو لقتل العرب. وهاجم مستوطنون آخرون، فجر الجمعة، قرية برقة شرقي رام الله، وقاموا بإعطاب إطارات مركبات خاصة بالمواطنين وخطّوا شعارات عنصرية توعدوا فيها أهالي القرية بالعودة وتنفيذ عمليات تخريب من جديد. وكتبوا على الجدران: «هذه بلادنا فارحلوا من هنا يا إرهابيون».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».