«نداء تونس» يشكو التضييق على وزرائه في حملة الانتخابات البلدية

TT

«نداء تونس» يشكو التضييق على وزرائه في حملة الانتخابات البلدية

هاجم حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب النداء، الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي والبصري (الهايكا)، واتهمها بأنها وراء عزوف الإعلام والناخبين عن متابعة البرامج الانتخابية، وذلك بسبب منع الوزراء وأعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان) من الظهور في وسائل الإعلام، والدعاية الحزبية لفائدة مرشحيهم في القائمات الانتخابية المتنافسة على مقاعد المجالس البلدية.
وطالب حزب النداء «الهيئة العليا للانتخابات»، بسرعة التدخل لوضع حد «للتضييقات غير المقبولة التي تفرضها (الهايكا) على تغطية وسائل الإعلام للحملة الانتخابية»، وفق ما ورد في بلاغ رسمي له، ودعاها إلى «توفير الظروف الطبيعية والعادية لإنجاح الانتخابات البلدية في تونس، وتحفيز المواطنين على الاختيار بين مختلف البرامج المتنافسة».
وكان حزب النداء قد كلف منذ الصيف الماضي 29 من قياداته السياسية والحكومية بالإشراف على الحملات الانتخابية المتعلقة بالانتخابات البلدية، المزمع إجراؤها في 6 مايو (أيار) المقبل، ومن ضمنهم 10 وزراء، و5 وزراء دولة، و4 مستشارين لدى رئيس الدولة، حيث عين سلمى اللومي وزيرة السياحة رئيسة للجنة الدعم، ووزير التربية حاتم بن سالم على رأس الحملة الانتخابية في مدينة تونس، ووزير الثقافة محمد زين العابدين في منوبة، ورضا شلغوم وزير المالية في نابل، وماجدولين الشارني وزيرة الرياضة والشباب في باجة، ورضوان عيارة وزير النقل في سوسة، وسليم الفرياني وزير الصناعة في صفاقس، بالإضافة إلى خميس الجهيناوي وزير الخارجية في القيروان، ومبروك كرشيد وزير أملاك الدولة في توزر. كما عين الهادي الماكني الكاتب العام للحكومة في الكاف.
لكن هذا التكليف خلف جدلاً سياسياً حاداً حول مشروعية تكليف أعضاء من الحكومة في إدارة الحملة الانتخابية في الوقت نفسه، رغم أن ذلك مشروع من الناحية القانونية. لكن عدة أحزاب من خارج الائتلاف الحكومي دعت إلى ضمان حياد الدولة في نزاهة الانتخابات. وفي هذا الصدد، قال رضا بلحاج، وهو قيادي في «حزب تونس أولاً» المعارض: «المسألة أخلاقية بالأساس، فهناك إمكانية إعادة إنتاج تداخل أجهزة الدولة مع أجهزة الحزب الحاكم، مثلما كان الأمر عليه خلال فترة حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي».
وبخصوص مشاركة بعض ممثلي حزب النداء في الحكومة بحملة الانتخابات البلدية، قال برهان بسيس، المكلف بالملف السياسي في «النداء»، إن «القيادات السياسية انتشرت في المدن التونسية منذ أول من أمس، ومشاركة أعضاء الحكومة ستكون خارج أوقات عملهم الإدارية، وفق ما حددته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات».
وفي سياق متابعة حملة الانتخابات البلدية، سجلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ما لا يقل عن 4069 مخالفة انتخابية لتعليمات القانون الانتخابي خلال الخمسة أيام الأولى، وذلك منذ انطلاق الحملة الانتخابية في 14 أبريل (نيسان) الحالي.
ورغم أن الأطراف السياسية عرفت 3 محطات انتخابية حددتها قوانين صارمة تنظم العمل الانتخابي (انتخابات المجلس التأسيسي سنة 2011 والانتخابات الرئاسية والبرلمانية سنة 2014)، فإن القائمات الانتخابية المرشحة نظمت 194 نشاطاً غير مصرح به لدى الهيئة، ووزعت 98 نشرة دعائية بشكل مخالف للقانون. كما سجلت الهيئة 42 تجاوزاً يتعلق بوضع بيانات انتخابية، علاوة على تسجيل 17 تجاوزاً في البيانات الانتخابية، التي علقت في غير أماكنها، و26 مخالفة تتعلق بمشاركة موظفين عموميين في الحملة الانتخابية.
يذكر أن 2074 قائمة انتخابية دخلت منذ أمس حملة انتخابية للفوز بـ7177 مقعداً بلدياً، موزعة على 350 دائرة بلدية، وذلك في انتظار الحسم النهائي في الانتخابات البلدية، التي ستُجرى في 6 مايو المقبل. وستتواصل الحملة الانتخابية إلى غاية 4 مايو بمشاركة 1055 قائمة، تمثل 22 حزباً سياسياً، و860 قائمة انتخابية مستقلة، إضافة إلى 159 قائمة انتخابية ائتلافية تضم أكثر من حزب سياسي. ويتنافس نحو 22 حزباً سياسياً على الفوز بالمقاعد البلدية المؤسسة للحكم المحلي، ومن المنتظر أن يكون التنافس على أشده بين حزب النداء (ليبرالي)، وحركة النهضة (إسلامي).
على صعيد آخر، حمّل حزب الاتحاد الوطني الحر المعارض مسؤولية «التصعيد الخطير وغير المسبوق» بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي إلى حكومة الشاهد، وذلك في أعقاب تعليق الدروس في الإعداديات والمعاهد الثانوية لليوم الرابع على التوالي. واتهم الحكومة بتعمّد «التعنّت وإقفال كل قنوات التواصل، والعجز في إدارة حوار متكافئ مع شريكها الاجتماعي طيلة الأشهر السابقة»، مؤكداً «فشل الحكومة الحالية في التسيير وتخطي الأزمات وتوقع نتائجها وتبعاتها»، على حد قوله.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».