سوف يظل المشهد الذي ظهر فيه المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا وهو يضع رأسه بين يديه ويفكر في خروج فريقه من دوري أبطال أوروبا أمام نادي ليفربول، خالدا في الأذهان لفترة طويلة. ويمكن القول إن هذا هو ما يمكن أن تفعله إنجلترا بأفضل موهبة في عالم التدريب في الوقت الحالي! ولكي نكون منصفين يجب أن نشير إلى أن كرة القدم الإنجليزية لم تكن هي المسؤولة عن خروج غوارديولا وفريقه من دوري أبطال أوروبا أمام ليفربول، لكن المسؤولية تقع بصورة أكبر على حكم المباراة الذي ألغى هدفا صحيحا لمانشستر سيتي قبل نهاية الشوط الأول كان كفيلا بأن يعيد مانشستر سيتي إلى أجواء المباراة والبطولة بأكملها.
وقد رأينا الكثير من القرارات الخاطئة التي يمكن أن تؤثر على مجرى مباريات وبطولات في نهاية الموسم الحالي، وبالتالي من المفترض الآن أن يكون غوارديولا أكثر تعاطفا مع مدرب تشيلسي الهولندي غوس هيدنيك ولاعبي تشيلسي الإنجليزي بعد الخطأ الكارثي الذي ارتكبه الحكم النرويجي توم هينينغ أوفريبو لصالح نادي برشلونة الذي كان يدربه غوارديولا عام 2009 في الليلة المشئومة في لندن والتي تأهل من خلالها برشلونة على حساب تشيلسي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا بعد التعادل الإيجابي (1 / 1). وقال غوارديولا في ذلك الوقت إنه يمكنه أن يتفهم حالة الإحباط المسيطرة على لاعبي تشيلسي، لكنه الآن لا يتفهم القرار الخاطئ الذي ارتكب ضد فريقه!
ولو كان مستوى الحكام أفضل قليلا مما كان عليه - ولو كان لاعب مانشستر سيتي رحيم ستيرلينغ أفضل قليلا في إنهاء الهجمات - لتمكن مانشستر سيتي من الوصول للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا الآن، قبل أن يحسم لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. وتوج مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الخامسة في تاريخه، بعد خسارة منافسه المباشر وجاره مانشستر يونايتد بشكل مفاجئ أمام مضيفه وست بروميتش ألبيون صاحب المركز الأخير صفر - 1 الأحد الماضي.وكان سيتي قد خطا خطوة كبيرة نحو اللقب بفوزه السبت على ضيفه توتنهام هوتسبير 3 - 1 ضمن مباريات المرحلة الرابعة والثلاثين، قبل أن يحسم اللقب رسميا بخسارة يونايتد. وواجه مانشستر سيتي توتنهام هوتسبير على ملعب ويمبلي بعد الخسارة في ثلاث مباريات متتالية. ولم تكن هذه هي النهاية المتوقعة لموسم استثنائي، ولذا فما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية ومع استعادة مانشستر سيتي عافيته وتحقيق لقب الدوري الإنجليزي الممتاز يمكن أن يكون بعدد قياسي من النقاط والأهداف، فقد انتهى السعي نحو الكمال بالنسبة لغوارديولا وفريقه.
ونظرا لأن غوارديولا يعتقد أنه يتم الحكم عليه وتقييمه بقسوة أكبر مما يحدث مع باقي المديرين الفنيين في إنجلترا، فإن المدير الفني الإسباني يعمل على إثبات أن جميع النقاد مخطئون. وفي حين أن بعض الانتقادات التي توجه لغوارديولا ليست في محلها، نظراً لما حققه مانشستر سيتي في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز قبل أن يحسم لقبها، فإن غوارديولا يعرف جيدا أن الموسم الحالي - وسلوكه الخاص أيضا - كان يمكن أن يكون أفضل من ذلك. وقد يكون العزاء الوحيد للمدير الفني الإسباني يكمن في أن فريقه ظل يغرد منفردا في صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز وبفارق كبير عن أقرب منافسيه.
وفي هذه البطولة التي لا ترحم، أقيل 10 مديرين فنيين من مناصبهم، وهو ما يمثل نصف عدد فرق الدوري، كما أن نادي وست بروميتش ألبيون قد أقال اثنين من المديرين الفنيين خلال الموسم الحالي. وحتى المديرين الفنيين الذي ما زالوا يعملون مع نفس فرقهم من بداية الموسم يواجهون صعوبات كبيرة، مثل المدير الفني لمانشستر يونايتد جوزيه مورينيو الذي يتعرض لانتقادات كثيرة بسبب الخروج المهين للفريق من دوري أبطال أوروبا، كما يواجه أنطونيو كونتي موسما صعبا مع تشيلسي في موسم الدفاع عن اللقب. وحتى لو كان وضع آرسين فينغر مع آرسنال مختلفا بعض الشيء، فهناك كثير من علامات الاستفهام التي تحيط بالمديرين الفنيين لأندية مثل ليستر سيتي وإيفرتون ووستهام يونايتد وساوثهامبتون وستوك سيتي ووست بروميتش ألبيون.
أما المديرون الفنيون الذين نجحوا في تدعيم مراكزهم خلال الموسم الحالي فعددهم قليل، وهم مدرب ليفربول يورغن كلوب وتوتنهام ماريسيو بوكيتينو وبيرنلي شون دايش ونيوكاسل رفائيل بينيتيز في النصف الأول من جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. ويأتي خلفهم إيدي هاو مدرب بورنموث وكريس هيوتون مدرب برايتون، وخافي جارسيا منذ توليه المسؤولية مع نادي واتفورد، في حين يستحق كارلوس كارفالهال الكثير من الثناء بسبب البصمة الواضحة التي تركها على أداء سوانزي سيتي، الذي يعرف جيدا من خلال الخبرات الأخيرة أنه من الأفضل ألا تحكم على أي مدير فني إلا بعد انتهاء موسم كامل.
ورغم أن غوارديولا يشعر بالإحباط الآن بسبب خروجه من دوري أبطال أوروبا، فإنه على الأقل قد حصل على بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وتوج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز. وعلى الأقل فإن موقف غوارديولا أفضل كثيرا من أحد أسلافه في مانشستر سيتي، وهو مارك هيوز، الذي يقاتل في الوقت الحالي لكي يهرب من مسؤوليته عن هبوط فريقين إلى دوري الدرجة الأولى (تشامبيون شيب) في موسم واحد. كما أنه في موقف أفضل كثيرا من الآن باردو، الذي زاد الوضع سوءا مع وست بروميتش ألبيون، أو حتى من موقف سام ألاردايس السيء مع إيفرتون، رغم أن ألاردايس ببرودة أعصابه المعتادة ربما لم يدرك حتى الآن أن علاقته بجمهور النادي قد وصلت إلى الحضيض.
وإذا نظرنا إلى جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز لعرفنا أنه من السهل أن نرى أنه سيتم الإطاحة بستة مديرين فنيين جدد قبل بداية الموسم المقبل، معظمهم من المديرين الفنيين أصحاب الخبرات الكبيرة، وهو ما يظهر صعوبة اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، فتشيلسي الذي فاز باللقب الموسم الماضي لم يتمكن خلال الموسم الحالي من البقاء ضمن المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، ومانشستر يونايتد لا يمكن أن يكون راضيا عن المركز الثاني، أما ليفربول وتوتنهام ورغم التطور الكبير الذي طرأ على مستواهما فيدركان جيدا أنه يتعين عليهما العمل بصورة أكبر من أجل المنافسة على اللقب وليس مجرد الاكتفاء باحتلال مراكز أفضل من تشيلسي وآرسنال.
وحتى غوارديولا نفسه قد اعترف بصعوبة وقوة الدوري الإنجليزي الممتاز، رغم أنه كان يزعم في السابق أنه ليس أفضل أو أسوأ من الدوري في إسبانيا أو ألمانيا.
أما الشيء الذي لا يجب أن ننساه هو صعوبة الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وكيف استطاع مانشستر سيتي أن يجعل الأمر يبدو وكأنه سهل. وعلى الرغم من كل الأحداث الدرامية التي شهدتها الأسابيع الماضية، فإن كل الفرق الإنجليزية، بما فيها ليفربول الذي وصل للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، ما زالت تتمنى لو كانت في موقف مانشستر سيتي.
الدوري الإنجليزي ... بطولة لا ترحم المدربين
10 مديرين فنيين تعرضوا للإقالة هذا الموسم و6 آخرين سيلحقون بهم
الدوري الإنجليزي ... بطولة لا ترحم المدربين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة