العبادي يتعهد إعادة جميع النازحين ورفض أي تغيير ديموغرافي

وزير الهجرة لـ {الشرق الأوسط}: تخطينا الأزمة رغم الصعوبات

TT

العبادي يتعهد إعادة جميع النازحين ورفض أي تغيير ديموغرافي

في وقت تعهد فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بإعادة جميع النازحين إلى ديارهم مع عدم السماح بإحداث تغيير ديموغرافي من قبل تنظيم داعش في المناطق التي كانت تحت سيطرته، فقد أكد وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف أن وزارته ورغم «الصعوبات الجمة التي واجهتنا طوال السنوات الماضية فقد تمكنا من تخطي أخطر وأكبر أزمة نزوح واجهناها». وكان العبادي الذي يواصل إطلاق حملته الانتخابية متنقلا بين المحافظات (بدأها بصلاح الدين فالمثنى وأمس في الديوانية)، قال في كلمة له خلال حضوره المؤتمر العاشر للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنعقد في بغداد أمس الأربعاء، إن «العالم في عام 2014 تصوّر أن العراق انتهى لكننا حققنا لبلدنا القوة والوحدة وقد تغلبنا على (داعش) بوحدتنا وبشجاعة المقاتلين والمواطنين». وأضاف أن «النصر على (داعش) جاء نتيجة وحدة العراقيين ووقوف العالم معنا، وهو نجاح لأنه أنقذ العراقيين من عصابة إرهابية مجرمة تسببت بضحايا كثيرة خلال عدوانها وتضحيات أخرى في عمليات التحرير»، مؤكداً «أننا نواصل الخطى لإكمال إعادة جميع النازحين لديارهم ومدنهم المحررة وما زلنا ملتزمين بإعادتهم بشكل طوعي ومنع (داعش) من إحداث أي تغيير ديموغرافي وإلغاء التنوع الذي نعتز به ونشأت عليه الحضارات». وفيما يشكك عدد من القادة السنة بمثل هذه الوعود فقد أكد وزير الهجرة والمهجرين جاسم الجاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق تمكن من تخطي أزمة النازحين بعودة أكثر من 3 ملايين نازح إلى مناطقهم وهي أكبر عملية نزوح من حيث الجانب الإنساني وهي الأكبر عددا بعد الأزمة السورية». وأضاف أن «الوزارة ومن خلال الدعم الحكومي لها بالإضافة إلى ما تلقيناه من دعم من المجتمع الدولي فقد تمكنا من تخطي الأزمة بأقل ما يمكن من خسائر رغم كمية الصعوبات التي واجهتنا في كل مراحل الأزمة»، مبينا أن «العدد الكلي للنازحين والمهجرين سواء داخل العراق في محافظات إقليم كردستان أو محافظات الوسط والجنوب، وفي الخارج بلغ نحو 5 ملايين نازح ومهجر، تمكنا من إعادة أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون نازح وهو ما يشكل نسبة عالية، بينما ما تبقى ربما يعود بعضه إلى عدم تهيئة البنية التحتية المناسبة لإعادتهم ولو بالحد الأدنى، بالإضافة إلى وجود مشكلات أمنية أو عشائرية». وأوضح الجاف أن «الخطة التي اتبعناها ركزت على تقديم الخدمات للعوائل النازحة وإدامة مخيمات الإيواء والاحتياجات اللوجيستية والقانونية والإدارية فيما يخص الأسر النازحة والتركيز على أهمية ودعم الاستقرار في المناطق المحررة الذي سيضمن عودة مليون نازح لهذا العام».
إلى ذلك عبر عدد من قادة السنة عن شكوكهم حيال قدرة الحكومة على الإيفاء بوعودها حيال عودة النازحين إلى ديارهم. ويقول عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى صلاح الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ردا على قول العبادي بعدم سماحه لـ«داعش» بإحداث تغيير ديموغرافي في مناطق النزوح من قبل «داعش»، متسائلا: «هل يقصد العبادي تلعفر أم جرف الصخر أم قرى آمرلي أو سليمان بيك أو يثرب» وهي المناطق التي لم يعد إليها النازحون بسبب وجود خلافات أمنية وسياسية، بالإضافة إلى سيطرة فصائل مسلحة عليها.
وأضاف الجبوري أن «هناك عمليات تغيير ديموغرافي يطال محافظة ديالى وهو غالبا يجري من قبل فصائل مسلحة أمام أنظار القوات الأمنية التي لم تستطع عمل شيء لها»، مبينا أن «عمليات من هذا النوع تحصل في كثير من المناطق والقرى في ديالى وهو ما يعيق إعادة بقية النازحين الذين يزيد عددهم على مليوني نازح لم يعودوا حتى الآن من بين 5 ملايين ونصف المليون نازح حسب بيانات الحكومة نفسها». وأشار إلى أن «داعش تسبب في التهجير المعروف بالإضافة إلى عمليات القتل والسبي غير أن المناطق التي لم يسمح بعودة النازحين إليها تم تحريرها ولم يعد (داعش) يسيطر عليها بل هناك جهات أخرى تعمل على إفراغها من مكون معين ليحل محله مكون آخر». في السياق، أكد شعلان الكريم عضو البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أكثر من مليوني ونصف المليون نازح لم يتمكنوا حتى اليوم من العودة إلى منازلهم رغم استمرار الوعود الحكومية»، مبينا أن «الأسباب التي تقف خلف ذلك هي المخاوف الأمنية التي لا تزال تمنع عودتهم بالإضافة إلى انعدام الخدمات في مناطقهم التي تم تحريرها من تنظيم داعش».
وأضاف أن «الوعود بوجود تسهيلات للنازحين لا يعدو أن يكون مجرد كلام انتخابي وهو ما كان دعا القيادات السنية إلى المطالبة بتأجيل الانتخابات بسبب بقاء النازحين في مخيماتهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.