مصر تحشد دعم بوروندي قبل جولة جديدة لمفاوضات «سد النهضة»

TT

مصر تحشد دعم بوروندي قبل جولة جديدة لمفاوضات «سد النهضة»

حشدت مصر دعماً لموقفها بين دول حوض النيل من دولة بوروندي، قبل أيام من استضافة القاهرة جولة جديدة من المفاوضات بشأن «سد النهضة» الإثيوبي، المقررة الجمعة المقبل. وبدأ وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمس، زيارة لبوروندي، وتصدّر جدول مباحثات الوفد المصري مع نظرائه «تعزيز العلاقات مع دول حوض النيل».
والتقى شكري، أمس، بسكال ينابينادا رئيس الجمعية الوطنية البوروندية (الغرفة الثانية للبرلمان)، وأكد خلال اللقاء، اعتزازه بزيارة بوروندي للمرة الأولى، والأهمية الخاصة التي توليها مصر «لتعزيز علاقاتها مع دول حوض نهر النيل بشكل عام، ودولة بوروندي على وجه الخصوص، لا سيما في ظل العلاقة التاريخية الخاصة التي جمعت بين البلدين».
وقال المتحدث الرسمي للخارجية المصرية، أحمد أبو زيد: إن «اللقاء تناول عدداً من القضايا، وفي مقدمتها ملف مياه النيل وسبل تقريب وجهات النظر بين دول حوض النيل، وتطورات مفاوضات سد النهضة». وأضاف أن رئيس البرلمان البوروندي أكد «تفهم بلاده تماماً لاحتياجات مصر المائية ومدى اعتمادها على نهر النيل، وأنها ستقف دائماً إلى جوار مصر في سبيل تحقيق أمنها المائي». وأكد شكري اهتمام مصر بتعزيز «مجالات التعاون بين البلدين والحاجة إلى تطويرها في المجالات كافة، والعمل على التنسيق المشترك تجاه كل الموضوعات ذات الأولوية للجانبين». ووجهت مصر، قبل أيام، الدعوة إلى وزراء الخارجية والري ومسؤولي المخابرات في السودان وإثيوبيا، للقاء نظرائهم المصريين في القاهرة، يوم 20 أبريل (نيسان) الجاري، في إطار صيغة «الاجتماع التُّساعي» لمسؤولي الدول الثلاث وفي إطار مهلة مدتها شهر منذ عقد الاجتماع الأول في الخرطوم، وتنتهي في 5 مايو (أيار) المقبل. وفشل ممثلو دولة المنبع (إثيوبيا)، ودولتي المصب (مصر، والسودان) في التوصل إلى اتفاق خلال اجتماع الخرطوم، وقال وزير الخارجية المصري، إنه يجب التوصل إلى اتفاق «حتى يتم الإقدام على إتمام الدراسات التي تضطلع بها الشركة الاستشارية بشأن تأثيرات سد النهضة، والتي توضح الأمور المرتبطة بالسد والقواعد التي يجب أن تتم مراعاتها عند ملء خزان السد أو تشغيله».
وخلال اللقاء مع المسؤولين البورونديين، أمس، شدد شكري على أن «مصر كانت ولا تزال حريصة على توفير الدعم السياسي والاقتصادي لبوروندي، وهو ما عكسته بوضوح المواقف المصرية الداعمة لبوروندي في المحافل الإقليمية والدولية، لا سيما إبان عضويتها في مجلس الأمن عامي 2016 و2017. فضلاً عن عضويتها بكل من مجلس السلم والأمن الأفريقي، ومجلس حقوق الإنسان في جنيف». وأوضح المتحدث باسم الخارجية، أن وزير الخارجية حرص على طلب دعم بوروندي لترشيح النائب البرلماني المصري مصطفى الجندي، لرئاسة البرلمان الأفريقي، مستعرضاً خبرته الطويلة في دعم القضايا الأفريقية وتعزيز علاقات مصر مع القارة الأفريقية، فضلاً عن توليه منصب نائب البرلمان الأفريقي سابقاً.
من جهته أعرب رئيس البرلمان البوروندي عن «سعادته البالغة لاستقبال وزير خارجية مصر في بلاده»، مشيداً بالعلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين. وأكد في هذا الإطار أن «الشعب البوروندي الذي يمثله في البرلمان يقدر بكل إعزاز الدعم الذي تقدمه مصر لبلاده، وأنه يشعر دائماً أن الشعب المصري وحكومة مصر يقفون دائماً إلى جوار الشعب البوروندي في فترات الشدة والاحتياج، وأن بوروندي تتطلع إلى الاستفادة من الخبرات المصرية لدعم برامج التنمية الشاملة».
وترتبط مصر وبوروندي بعلاقات قديمة ازدهرت في ستينات القرن الماضي، وكثيراً ما تعلن الثانية مواقف مساندة للقاهرة خصوصاً في إطار دول حوض النيل الذي يجمع البلدين مع دول أخرى أبرزها «إثيوبيا، والسودان، ورواندا». ومن المقرر أن يلتقي شكري، خلال الزيارة التي تنتهي اليوم، كبار المسؤولين في بوروندي وعلى رأسهم الرئيس بيير نكورونزيزا، بالإضافة إلى افتتاح عدد من المشروعات التنموية المقدمة من مصر إلى بوروندي في إطار برامج ومشروعات الدعم التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية، للأشقاء في الدول الأفريقية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.