النيابة المغربية تفنّد «نظرية المؤامرة» في قضية الصحافي بوعشرين

TT

النيابة المغربية تفنّد «نظرية المؤامرة» في قضية الصحافي بوعشرين

فندت النيابة العامة المغربية الحجج، التي قدمها دفاع الصحافي توفيق بوعشرين للمحكمة، قصد البرهنة على تعرضه لمؤامرة من طرف جهات نافذة مستاءة من افتتاحياته. وقدم الوكيل العام للملك (النائب العام) خلال جلسة مساء أول من أمس، والتي استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، العديد من التوضيحات التي رفعها دفاع بوعشرين، الذي يحاكم بعدة تهم، منها الاتجار في البشر، والاستغلال الجنسي والاغتصاب.
وكان دفاع بوعشرين قد طالب المحكمة ببطلان محاضر التفتيش والحجز، لكونها غير قانونية، كما أنه أنكر ملكية الكاميرات التي ضبطها رجال الأمن في مكتبه. مشيرا إلى أن حضور 40 عنصرا من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى مكتب بوعشرين لم يحترم الضوابط القانونية لاحترام السر المهني.
وسجل دفاع بوعشرين بأن ضابط الشرطة المشرف على التحقيق طلب من شركة الاتصالات جردا للمكالمات الهاتفية، التي أجراها بوعشرين يوم 19 فبراير (شباط) الماضي، وهو الجرد الذي اعتمد عليه المحققون في تحديد هوية الضحايا، في حين أن اعتقال المتهم وتفتيش مكتبه وحجز الفيديوهات والصور، التي تظهر فيها الضحايا، وقع يوم 23 فبراير، ولم يتم الانتهاء من تفريغ محتويات الفيديوهات إلا صباح يوم 24 فبراير، حسب ما جاء في المحاضر. واستشف دفاع بوعشرين من ذلك وجود مؤامرة.
وردت النيابة العامة بأن الشرطة القضائية تلقت شكوى من نعيمة الحروري، واستمعت لها يوم 16 فبراير الماضي، وعلى أساس أقوالها التي ذكرت فيها أن بوعشرين استغل موقعه كمشغل لها في شركته الإعلامية لاغتصابها وتصويرها، وأنه ظل يهددها بنشر مقاطع فيديو فاضحة إن لم تستجب لطلباته. وأضافت أنه كان يتصل بها هاتفيا ليطلب منها الحضور إلى مكتبه لممارسة الجنس. وأضاف الوكيل العام أن ضابط الشرطة القضائية طلب من شركة الاتصالات جرد مكالمات بوعشرين من أول يناير (كانون الثاني) 2017 إلى 19 فبراير 2018، بهدف التأكد من ادعاءات الحروري. مشيرا إلى أن هذا الجرد استعمل لتحديد هوية باقي الضحايا.
كما رد الوكيل العام على تشكيك بوعشرين في صحة الإجراءات المتعلقة بتفريغ أشرطة الفيديو، والتي أشار فيها إلى أن المدة الزمنية التي تستغرقها هذه الأشرطة تناهز 15 ساعة، في حين أن محضر التفريغ يشير إلى أن التقني الذي أشرف على التفريغ تسلمها في الثامنة مساء من يوم 23 فبراير، وانتهى من صياغة محضر التفريغ في الثامنة صباحا من يوم 24 فبراير.
كما أوضح الوكيل العام أن التفريغ قام به فريق متخصص من مصلحة مكافحة الجريمة المعلوماتية تحت إشراف المسؤول، الذي وقع المحضر، وليس شخصا واحدا.
وبخصوص الدفع المتعلق باحترام إجراءات التفتيش والسر المهني، أوضح ممثل النيابة العامة أن رئيس الفرقة الوطنية حضر بنفسه للتأكد من احترام كل الإجراءات. موضحا أن عدد ضباط الشرطة الذين قاموا بالتفتيش ليس 40 شخصا كما قال الدفاع. غير أنه أوضح أن حجم العمارة التي تتكون من 20 طابقا، والتي يشتغل فيها المئات، كانت تتطلب تعاملا أمنيا خاصا.
وفي سياق ردوده على دفوعات دفاع بوعشرين وطلباته الأولية، أشار ممثل النيابة العامة إلى أن المتهم كان حاضرا خلال تفتيش مكتبه، وأنه حاول تغليط ضابط الشرطة عندما سأله عن جهاز تسجيل الفيديو، فأجابه بوعشرين بأنه مجرد جهاز لالتقاط القنوات الفضائية. وأوضح ممثل النيابة العامة بأن بوعشرين اعترف في البداية بملكية القرص المدمج، الذي كان يحتوي على أشرطة الفيديو المقدمة ضمن المحجوزات للمحكمة.
ويرتقب أن يستمع القاضي لمرافعات الأطراف المدنية خلال الجلسة المقبلة، التي حددها بعد ظهر الأربعاء، قبل أن يعود لدفاع بوعشرين للاستماع إلى ردوده.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».