رئيس الحكومة التونسية يوقع على مشاريع لفائدة 100 منطقة فقيرة

بعد أن بلغ عدد العاطلين عن العمل في المناطق الداخلية نحو 626 ألف شخص

TT

رئيس الحكومة التونسية يوقع على مشاريع لفائدة 100 منطقة فقيرة

أشرف يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، في قصر الضيافة بالعاصمة التونسية، أمس، على توقيع البرامج المتعلقة بمخططات التنمية المندمجة، الموجهة للجهات الفقيرة، باستثمارات حكومية تصل قيمتها إلى نحو مليار دينار (نحو 411 مليون دولار)، تشمل مائة منطقة سجلت مؤشرات ضعيفة على مستوى التنمية والتشغيل، وهي تمثل القسط الثالث من هذا البرنامج، الذي انطلق قبل ثورة 2011، الذي يتواصل إلى غاية سنة 2020 بهدف تحقيق إقلاع اقتصادي، يعتمد بالأساس على المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وبهذه المناسبة أكد الشاهد أن هذه المشاريع ستغير ملامح المناطق الداخلية، وتبعث الأمل في صفوف الشباب العاطل عن العمل (نحو 626 ألف عاطل عن العمل)، مبرزاً أن الهدف الأساسي من إطلاق القسط الثالث من هذه المشاريع هو بعث حركية اقتصادية محلية، ودعم التشغيل بالمناطق الفقيرة، وتحسين نوعية حياة سكانها، عبر مساعدتهم على إحداث مشاريع فردية منتجة، وتقديم التكوين الضروري، خصوصاً في القطاع الفلاحي والصناعات التقليدية، والتصرف والإدارة، إضافة إلى مشاريع في البنية الأساسية المنتجة والتجهيزات الجماعية.
وقال زياد العذاري، وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، إن الحكومة أعطت الأولوية المطلقة للجهات الداخلية، التي تشهد تأخراً في مستوى مؤشرات التنمية مقارنة بالجهات الساحلية، من خلال تخصيص 69 في المائة من مشاريع القسط الأول من برامج التنمية المندمجة، و100 في المائة من مشاريع القسط الثاني لفائدتها، علاوة على تخصيص 441 مليون دولار ضمن القسط الثالث من هذا البرنامج.
وشدد العذاري على أهمية تنفيذ هذه المشاريع لضمان التنمية، والتخفيف من حدة التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين مختلف جهات تونس.
في المقابل، تحدثت أطراف سياسية معارضة عن استغلال بعض القيادات لهذه المشاريع قصد تهيئة أرضية مناسبة لهم قبل أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة خلال السنة المقبلة، كما طالبت بالابتعاد عن الدعاية السياسية لفائدة أطراف حزبية بعينها خلال حملة الانتخابات البلدية، المزمع إجراؤها في السادس من مايو (أيار) المقبل.
في غضون ذلك، أكدت تقارير حكومية (مندوبيات الفلاحة بالخصوص) صعوبة إنجاح هذه البرامج في قسطيها الأول والثاني، بسبب عدم وجود ثقافة استثمار بين المنتفعين من هذه الاعتمادات المالية الهامة، ونادت بضرورة تدريبهم على حسن اختيار المشاريع ودراسة جدواها قبل الإقدام على الاستثمار بهدف تجنب فشل تلك المشاريع.

وتشير بيانات الحكومة إلى أن الكلفة الإجمالية لإنجاز 90 مشروعاً تنموياً خلال السنوات الماضية، وصلت إلى 520 مليون دينار (نحو 213 مليون دولار)، بينها 377 مليون دينار من ميزانية الدولة، و142 مليون دينار على شكل قروض خارجية، وهي مبالغ مالية كبيرة يمكن أن تغير نمط الحياة في الجهات الفقيرة في حال نجاحها، حسب عدد من المراقبين.
وكان وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي التونسي قد وقع في العاشر من أبريل (نيسان) الحالي، اتفاقية قرض بين تونس والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة 50 مليون دينار كويتي، أي ما يناهز 400 مليون دينار، ستخصص للمساهمة في تنفيذ برنامج التنمية المندمجة (القسط الثالث).
لكن تقارير حكومية رسمية أكدت صعوبة إنجاز نسبة كبرى من مشاريع التنمية في جهات تونس نتيجة عدة عراقيل، أبرزها أداء المصالح الإدارية والعقارية. وقد قدرت قيمة المشاريع الاقتصادية المعطلة في البلاد بنحو 10 مليارات دينار (نحو 4 مليارات دولار)، وهي المشاريع التي مررتها حكومة الحبيب الصيد إلى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد، إثر حجب ثقة البرلمان عن حكومة الصيد في أغسطس (آب) 2016.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».