تصريحات باسيل تحيي الخلاف بين «أمل» و«التيار الحر»

أطلقها في جولته الانتخابية الأخيرة بالجنوب

لافتة دعائية للائحة الانتخابية لحركة «أمل» بقرية كفر كلا قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل (أ.ف.ب)
لافتة دعائية للائحة الانتخابية لحركة «أمل» بقرية كفر كلا قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

تصريحات باسيل تحيي الخلاف بين «أمل» و«التيار الحر»

لافتة دعائية للائحة الانتخابية لحركة «أمل» بقرية كفر كلا قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل (أ.ف.ب)
لافتة دعائية للائحة الانتخابية لحركة «أمل» بقرية كفر كلا قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل (أ.ف.ب)

ما إن تراجعت حدة الخلاف بين حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر»، حتى عادت لتبلغ مستويات غير مسبوقة أعقبت المواقف التي أطلقها رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل، خلال زيارته الانتخابية إلى الجنوب اللبناني نهاية الأسبوع الماضي، والتي استدعت هجوما عنيفا شنّه نواب كتلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ولعل ما فاقم استياء الثنائي الشيعي «أمل» - «حزب الله»، الحركة المكثفة لـ«الوطني الحر» وتيار «المستقبل» في دائرة «الجنوب الثالثة» التي تضم أقضية بنت جبيل والنبطية ومرجعيون وحاصبيا ذات الغالبية الشيعية. وسُجلت نهاية الأسبوع الماضي، زيارتان أثارتا امتعاض الثنائي؛ الأولى لرئيس الحكومة سعد الحريري، والثانية لباسيل، وكلاهما حضر في محاولة لحشد الناخبين وحثهم على التصويت لصالح لائحة «الجنوب يستحق» التي تشكلت بتحالف «المستقبل» - «الوطني الحر» - الحزب «الديمقراطي اللبناني»، ومستقلين.
ولا يحظى المسيحيون والسنّة إلا بمقعدين نيابيين في الدائرة ككل، بحيث تم تخصيص 3 مقاعد شيعية لبنت جبيل، و3 مقاعد شيعية للنبطية، ومقعدين شيعيين ومقعد أرثوذكسي ومقعد سنّي ومقعد درزي لقضائي مرجعيون وحاصبيا.
ووصف النائب علي بزي، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، اللغة التي اعتمدها باسيل خلال زيارته الجنوبية، بـ«التقسيمية السوداء»، من خلال اعتماده مصطلحي «نحن» و«هم»، مشددا على أنه «خطاب لم ولن تمارسه (حركة أمل) و(حزب الله)»، لافتا خلال لقاء شعبي إلى أنه «لا يمكن التأسيس لاستحقاق انتخابي على حطام الوحدة الوطنية وتجزئة اللبنانيين مقيمين ومغتربين».
من جهته، شدد النائب أيوب حميد، على أنه «لا يمكن للمتسلقين الذين جاءوا في لحظة من الزمن أن يغيروا تاريخ رميش وعيتا وبنت جبيل ومارون ويارون وكل قرى الانصهار الحقيقي الذي لم يذق طعمه أولئك المتسلقون الذين يحاولون إثارة الغرائز من أجل مقعد نيابي لن ينالوه في دائرة الجنوب الثالثة».
وكان باسيل قد أشار خلال زيارته إلى بلدة رميش الحدودية إلى «تهديدات بلقمة العيش» تطال أبناء المنطقة، قائلا: «رميش واجهت واحتضنت، ولا تكافأ بالتهديد بلقمة عيشها إذا قامت بخيارها السياسي الحر. وأنتم لا أحد يستطيع أن يهددكم أو يخوفكم. أنتم محميون بحمايتنا، بحماية رئيس البلاد وحكومتها ونوابها. وهذا الخوف اصطناعي، اصطنعوه لكم».
واستدعى موقف باسيل هذا ردا من رئيس بلدية رميش فادي مخول الذي أكد أن «أهالي المنطقة يعيشون في بلدتهم بكامل كرامتهم، محافظين على أحسن العلاقات مع محيطهم». وأضاف مخول في بيان: «نحن نحصل على حقوقنا وغير مهددين بلقمة عيشنا كما ذكر باسيل، ونأسف للكلام الذي صدر على لسان معاليه خلال زيارته لبلدتنا، حيث توجه إلينا مهددا بعدم قرع أبواب وزارته لمتابعة أي طلب في حال كانت أصواتنا في الصناديق لمصلحة اللوائح المنافسة للائحة (الجنوب يستحق) التي يدعمها (التيار الوطني الحر)».
بالمقابل، أوضح المرشح المسيحي الوحيد على لائحة تحالف «المستقبل» - «الوطني الحر» شادي مسعد أن المواقف التي أطلقها الوزير باسيل «جاءت نتيجة شكاوى سمعها ونسمعها من أهالي رميش وغيرها من بلدات الجنوب، لجهة أن من صوّت باتجاه معين في الانتخابات الماضية، عوقب، وبالتحديد من خلال عدم شراء الدولة محاصيل التبغ منه، وهي الزراعة التي يعتمد عليها الأهالي للعيش». وقال مسعد لـ«الشرق الأوسط»: «كلام الوزير باسيل لم يكن موجها ضد طرف أو جهة معينة، إنما للقول إن هناك اليوم دولة وسلطة ولا أحد يستطيع أن يعاقب أحدا، خصوصا أن لائحتنا اليوم ليست بمواجهة المشروع السياسي للائحة المقابلة، إنما تقدم بديلا عن نواب للمنطقة منذ 25 عاما لا يعرفون مشاكلها، وحتى إننا لا نراهم فيها».
وكان النائبان عن «أمل» هاني قبيسي وياسين جابر، قد دخلا أيضا على خط الرد على زيارتي الحريري وباسيل. فقال الأول: «فجأة تساقطت زيارات الرؤساء والوزراء على المنطقة الجنوبية ليس لدعم صمود أهلها في مقاومة العدو الإسرائيلي أو دعم مقاومتهم، إنما لغايات انتخابية، أقل ما يقال فيها إنها ساهمت في إذكاء نار الفتنة بين الأهالي الذين يلتقون على مصلحة المنطقة وخيرها ووحدة أبنائها». أما جابر فشدد على أن «المعركة الأساسية هي في قضاء مرجعيون - حاصبيا. فعندما ننتخب لائحة (الأمل والوفاء) بكثافة في النبطية، فإننا نرفع الحاصل للائحة في مكان آخر، لأن المطلوب بأي ثمن من داعمي اللائحة المنافسة للائحتنا أن يصل نائب أو اثنان عن تلك المنطقة يختلف (خيارهم) عن خيار (الأمل والوفاء)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.