مؤسس {غوغل} يبني أكبر طائرة «جوية ـ فضائية» في العالم

تصمم بصواريخ للوصول إلى المحطة الدولية

مؤسس {غوغل} يبني أكبر طائرة «جوية ـ فضائية» في العالم
TT

مؤسس {غوغل} يبني أكبر طائرة «جوية ـ فضائية» في العالم

مؤسس {غوغل} يبني أكبر طائرة «جوية ـ فضائية» في العالم

تقدّمت طائرة عملاقة، يعمل الشريك المؤسس لشركة غوغل بول آلن على بنائها، شهر ممارس (آذار) الماضي خطوة إضافية نحو موعد إقلاعها الأول، حين خرجت من حظيرتها في موهافي كاليفورنيا، وسارت على المدرج بسرعة وصلت إلى 46 ميلاً في الساعة.
تتميّز الطائرة التي تعرف باسم «ستراتولانش Stratolaunch» بمسافة كبيرة فاصلة بين جناحها تفوق تلك التي تفصل جناحي طائرة «سبروس غوز» من إمبراطور الأعمال هاورد هيوز. وهي مصممة لحمل ثلاثة صواريخ للدفع، مقيّدة بجزئها الأوسط، تحملها حتى علوّ يصل إلى 35000 قدم. وبعد ارتفاعها في الجوّ، تسقط الطائرة الصواريخ، ثمّ تطلق محركاتها وتوصل الأقمار الصناعية إلى المدار.

طموحات فضائية

ولكن طموحات آلن تتجاوز «ستراتولانش»، إذ إنّه يفكّر بجمعها مع مكوك فضائي جديد يُعرف في الشركة باسم «بلاك آيس» (الثلج الأسود).
في مقابلات حصرية أجريت الصيف الماضي، رسم كلّ من آلن، وجان فليود، الرئيس التنفيذي لنظام «ستراتولانش» خطط الشركة المتعلّقة بالطائرة العملاقة، وقدّما إجابة وافية لمن سيسأل عن سبب رغبة أحدهم ببناء طائرة بـ28 عجلة، وستة محركات «جيت 747»، وجناح أطول من ملعب كرة القدم.
قال آلن في مقابلة أجريت معه في مكتبه في سياتل: «أحلم برؤيتنا نملك نظاماً كاملاً صالحاً لإعادة الاستخدام، يسيّر كما المطار، عمليات مستمرّة، مرّة كل أسبوع أو حتى أكثر».
أمّا عن مركبة «بلاك آيس» الفضائية، والتي من المفترض أن يتمّ بناؤها، فستكون كبيرة توازي حجم المكوك الفضائي السابق الذي طوّرته ناسا، وقادرة على الطيران لثلاثة أيّام متواصلة. هذه المركبة المنتظرة يمكن إطلاقها من أي مكان حول العالم ما دام أنّ المدرج يتسع لحجم «ستراتولانش». كما أنها ستكون قادرة على الطيران إلى المحطة الفضائية الدولية، وحمل الأقمار الصناعية والتجارب إلى المدار، وحتى أّنها قد تتمكّن من نقل البشر يوماً ما، على الرّغم من عدم وجود خطط كهذه في المدى القريب.
بعدها، ستعود المركبة لتهبط على المدرج، وتتحضّر للطيران من جديد. وقال فلويد: «تحوّل طائرتك إلى صاروخ فضائي، وكأننا نملك طائرة تحمل طائرة أخرى يمكن إعادة استخدامها من جديد بشكل كامل، وهذا يعني أننا لن نضطر إلى رمي أي شيء إلّا الوقود».
في الوقت الحالي، تركّز الشركة على الرحلة الأولى التي ستقوم بها «ستراتولانش»، والتي يمكن أن تحصل في أواخر هذا العام، ومن ثمّ ستقرّر ما إذا كانت ستتابع تنفيذ خطّة «بلاك آيس».
ولكن العودة إلى خطّة إطلاق رحلة فضائية تحمل ركابا ممكنة في وقت ما في المستقبل، حسب ما قال آلن، الملياردير ورائد الأعمال الذي شارك بيل غيتس في تأسيس شركة مايكروسوفت، واليوم يملك شركتي «بروتلاند تريل بلايزرز» و«سياتل سيهاوكس».
ويضيف: «أظنّ أنكم ترون أنّ جميع المركبات الفضائية اليوم، عدا تلك المخصصة للتموين، مهمتها إطلاق الأقمار الصناعية. هذه هي الحقيقة. تلعب هذه المركبات دوراً مهماً جداً في كلّ شيء من التلفاز إلى البيانات حول العالم. إذ بات يمكنكم مثلاً أن تحصلوا على البيانات الخاصة بصحراء كالاهاري لأن قمراً صناعياً موجوداً هناك».

مكوك فضائي

أثارت طائرة «ستراتولانش» جميع أنواع الاهتمام، لأنها كانت بمثابة الفضول الذي كان لسنوات يُبنى بشكل سري داخل حظيرة كبيرة جداً إلى درجة اضطرّت فيها الشركة المطورة «سكيلد كومبوزايتس»، المسؤولة عن بنائها إلى الحصول على تراخيص استثنائية لبناء السقالة وحدها.
زار نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الطائرة في حظيرتها وسار على المسافة الفاصلة بين جناحيها. كما مرّت هيذر ويلسون، وزيرة القوات الجوية الأميركية المكان لرؤية الطائرة أيضاً، وغرّدت على «تويتر» قائلة إنها «حظيت بفرصة الاطلاع المباشر على تطوير (ستراتولانش) لمنصة إطلاق جوية تستهدف جعل عملية الوصول إلى الفضاء أكثر سهولة».
وكان آلن قد سجّل حدثاً تاريخياً عام 2004 عندما استعان بشركة «سكيلد كومبوزايتس» لبناء مركبة فضائية أخرى أطلق عليها اسم «سبايس شيب وان» والتي فازت بجائزة «أنصاري إكس» بعد أن أصبحت أول مركبة غير حكومية تصل إلى عتبة الفضاء.
وأخيراً، منح آلن ترخيص التقنية الكامنة خلف المركبة لريتشارد برانسون، مالك شركة «فيرجن غالاكتيك» التي تتابع اليوم خطتها الخاصة بنقل السياح إلى الفضاء البعيد في مركبة فضائية جديدة تحمل اسم «سبيس شيب 2».
وقال آلن: «أتفهم جيداً مسألة اختبارات الطيارين، ولكنني قررت أن أترك فكرة اصطحاب أشخاص عاديين على شكل ركّاب في رحلات مدفوعة لشخص آخر».
بعد الانكفاء عن عالم أعمال الفضاء، عاد آلن إلى متابعة واحدة من أكثر الأمور التي يحبها، وأعلن عام 2011 عن بناء «ستراتولانش». وقال: «لدى الإنسان عدد معين من الأحلام في حياته ويريد تحقيقها، وأنا أشعر بحماسة كبيرة تجاه تحقيق هذا الحلم».
في منشور كتبه على موقع «ستراتولانش»، قال آلن إنّ «فكرة اكتشاف الفضاء سيطرت عليه لفترة طويلة، ولكنه لم يتوقع أبداً، أنّه وبعد أكثر من 50 عاماً، لا يزال الوصول إلى مدار الأرض المنخفض مكلفا ومعقّدا وصعبا إلى هذه الدرجة. وأضاف أنّه مصرّ على تغيير هذا الواقع للمساعدة في زيادة قدرة الفضاء على تحسين الحياة هنا على الأرض.
لا شكّ في أنّ المكوك الفضائي القابل لإعادة الاستخدام سيقطع طريقاً طويلاً نحو تحقيق هذا الحلم، خاصة في حال كان قادراً على نشر أبراج الأقمار الصناعية الصغيرة. في مقابلة أجريت معه، كشف آلن أنه كان شديد الاهتمام في هذه التقنية.
وأضاف: «تثير قدرة هذه الأقمار الصناعية الصغيرة الاهتمام والانبهار في مجال الاتصالات، حيث يعمل الكثير من الأشخاص على نشر هذه الأبراج لمراقبة صحة كوكب الأرض الذي يواجه تحديات كبيرة. ورأى أنّ اهتمامه سينصبّ بشكل خاص على كيفية استخدام الفضاء لمراقبة أمور كالصيد غير القانوني في المحيطات، الذي يعتبر مشكلة متنامية اليوم».

* خدمة «واشنطن بوست»



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً