روحاني يطالب بوتين بتسريع التعاون في سوريا

الرئيس الروسي تمسك بالمشاورات مع طهران وأنقرة للتوصل إلى حل

بوتين و روحاني في لقاء سابق
بوتين و روحاني في لقاء سابق
TT

روحاني يطالب بوتين بتسريع التعاون في سوريا

بوتين و روحاني في لقاء سابق
بوتين و روحاني في لقاء سابق

أجرى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مشاورات عبر الهاتف مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أمس، طالب فيها بتسارع خطوات البلدين في سوريا، رداً على خطوات الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. وفي المقابل، أعرب بوتين عن تمسك موسكو بالتعاون الثلاثي مع طهران وأنقرة للتوصل إلى حل في سوريا.
ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن روحاني قوله إلى بوتين إن «هجوم أميركا وحلفائها يظهر أننا نواجه مشكلات وقضايا جديدة في مسار المواجهة الحاسمة مع الإرهاب في سوريا، ويتطلب ذلك أن نجري مشاورات وتعاوناً أكثر».
وشدد روحاني في هذا الصدد على استعداد بلاده لتسريع خطوات التعاون مع روسيا في الأطر الثنائية والثلاثية لحل الأزمة في سوريا، مضيفاً أن «الدول الغربية لا ترغب في استقرار الوضع بسهولة».
ووصف روحاني الهجوم الثلاثي، الأميركي الفرنسي والبريطاني، على مواقع في سوريا بـ«الاعتداء»، وأنه يأتي «في إطار رفع معنويات الإرهابيين»، معتبراً الضربة الأميركية دليلاً على علاقة واشنطن بما وصفها بـ«الجماعات الإرهابية» في سوريا، وتابع بقوله إن الخطوة الأميركية جاءت «عندما شعروا بأن الإرهابيين خسروا منطقة مهمة مثل الغوطة الشرقية».
وقال بوتين، رداً على تصريحات روحاني، إن موسكو وطهران «لديهما موقف مشترك في كثير من القضايا الإقليمية والدولية»، وفق ما نقله عنه موقع الرئاسة الإيرانية.
وأشار بوتين إلى أن الهجوم الأميركي تزامن مع دخول اللجنة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية، مضيفاً أن الخطوة الأميركية «زادت من صعوبة التوصل إلى السلام في سوريا، لكن يجب أن تتواصل المشاورات والعلاقات الثلاثية بين إيران وتركيا وروسيا لفرض السلام والاستقرار في سوريا».
وفي سياق آخر، كشف عضو هيئة رئاسة لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، محمد جواد جمالي، أمس، عن اجتماع خلف الأبواب المغلقة، بحضور قادة «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، لتقييم الأوضاع في سوريا غداة الضربة الثلاثية الأميركية الفرنسية البريطانية لمواقع في سوريا.
وقال جمالي، في تصريح لوكالة «إيسنا» الحكومية، إن «لجنة الأمن القومي تبحث تطورات سوريا والهجوم الأخير»، بحضور قادة من «فيلق القدس» ومسؤولين مرتبطين بالملف السوري في الخارجية الإيرانية، من دون تقديم تفاصيل.
وجاء الاجتماع بعد أيام من مقتل 4 إيرانيين على الأقل في مطار تي فور العسكري، بمحافظة حمص السورية، عندما أعلن «الحرس الثوري» الأسبوع الماضي عن مقتل أول عقيد في قوات جو الفضاء.
وكانت وكالة «إيسنا» قد أشارت، في تقرير لها، إلى نقل جثث 7 إيرانيين قضوا في سوريا غداة الإعلان عن مقتل 4 أشخاص، ولم تتضح الحصيلة النهائية لعدد القتلى الإيرانيين.
كما أعلن جمالي عن زيارة وفد برلماني إلى دمشق غداً (الثلاثاء)، برئاسة علاء الدين بروجردي، إلى سوريا، على خلفية الهجوم الصاروخي الثلاثي.
وبدأ رئيس البرلمان، علي لاريجاني، جلسة البرلمان، أمس، بـ«التنديد» بالهجوم الثلاثي، متهماً الإدارة الأميركية بـ«السعي لإحياء ملجأ الإرهابيين». وأصدر 239 نائباً في البرلمان الإيراني، أمس، بياناً ينتقدون فيه الحملات الصاروخية على سوريا.
من جانبه، أعلن مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، عن استمرار الدعم الإيراني للنظام السوري، متهماً الإدارة الأميركية باستخدام المواد الكيماوية كـ«ذريعة» للهجوم على سوريا. وقال ولايتي، على هامش مشاورات جرت مع عضو اللجنة الاستشارية في الخارجية الصينية تشي بي بينغ، إنه أبلغ المسؤول الصيني أن إيران ستواصل «الدعم» الذي قدمته للنظام السوري منذ بداية الأزمة.
وقد جاء تصريح ولايتي غداة تصريحات المرشد الإيراني، علي خامنئي، الذي أعلن عن استمرار الدعم الإيراني إلى سوريا بعد الضربة الثلاثية لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
ولم يعلق خامنئي، في تصريحاته، على قصف منطقة دوما، ومقتل وإصابة العشرات بمواد كيماوية قبل أيام من الضربة الأميركية، وذلك في سياق النفي الإيراني لأي قصف كيماوي على تلك المناطق.
بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، أمس، إن وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، «قدم توضيحاً»، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، حول مشاركة بلاده في الهجوم الصاروخي على سوريا.
وعبر ظريف، خلال الاتصال الهاتفي، عن إدانة الهجوم على سوريا، ووصفه بـ«التعسفي» و«أحادي الجانب» و«غير القانوني»، وزعم أن بلاده «تعارض أي استخدام للأسلحة الكيماوية»، متهماً الدول الغربية بـ«الازدواجية» بسبب ما اعتبره «دعماً» فرنسياً بريطانياً أميركياً للنظام العراقي السابق «في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد إيران».
واعتبر ظريف خطوة الدول الغربية الثلاث قبل وصول فريق المفتشين لوكالة حظر الأسلحة الكيماوية «مثيرة للشبهات».



«تمنّى أن يُشنق للتخلص من الرعب»... تركي يروي فظائع سجون الأسد

المعتقل التركي محمد أرترك يحكي قصته في السجون السورية من داخل منزله في بلدة ماغاراجيك (أ.ف.ب)
المعتقل التركي محمد أرترك يحكي قصته في السجون السورية من داخل منزله في بلدة ماغاراجيك (أ.ف.ب)
TT

«تمنّى أن يُشنق للتخلص من الرعب»... تركي يروي فظائع سجون الأسد

المعتقل التركي محمد أرترك يحكي قصته في السجون السورية من داخل منزله في بلدة ماغاراجيك (أ.ف.ب)
المعتقل التركي محمد أرترك يحكي قصته في السجون السورية من داخل منزله في بلدة ماغاراجيك (أ.ف.ب)

يعجز محمد أرترك عن أكل الخبز الذي تعدُّه زوجته خديجة، فقد خرج المواطن التركي بفم أجوف للتو من سجن سوري؛ حيث فقد نصف أسنانه، بينما النصف الآخر على وشك السقوط.

ويؤكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان التعذيب متواصلاً»، مستعيداً ضربات الهراوات التي كان يتلقاها على الفم من جانب الحراس في «فرع فلسطين» وهو سجن في دمشق أمضى فيه جزءاً من سنوات اعتقاله في سوريا، على مدى 21 سنة تقريباً.

أُوقف محمد في عام 2004 بتهمة التهريب، وعُثر عليه مساء الاثنين في بلدته ماغاراجيك الواقعة على مرتفع على بعد نحو 10 دقائق من الحدود السورية، عبر حقول الزيتون.

ويقول الرجل البالغ 53 عاماً الذي يبدو من خلال ملامح وجهه ومشيته أكبر سناً بكثير: «ظنَّت عائلتي أني مت».

محمد أرترك (أ.ف.ب)

في الليلة التي حُرر فيها من السجن، سمع إطلاق نار، وراح يصلي موضحاً: «كنا نجهل ما يحصل في الخارج. ظننت أن ساعتي قد حانت».

ثم راح يسمع ضربات مطرقة متسارعة. وبعد دقائق، فتح عناصر المعارضة الذين دخلوا دمشق لإسقاط حكم بشار الأسد، أبواب السجن.

«كما لو كنا في نعش»

تروي زوجته التي جلست في باحة المنزل العائلي مع ابنتها التي كانت في شهرها السادس عند اعتقال والدها: «لم نره منذ 11 عاماً، كنا نظن أنه قضى. لم يكن لدينا أي أمل».

حُكم على محمد الذي لديه 4 أبناء، بالسجن 15 عاماً، وزُج في زنزانة تحت الأرض، تحت رحمة حراس متحمسين من دون الاكتراث لموعد نهاية عقوبته في عام 2019.

ويروي قائلاً: «كانت عظامنا تظهر من شدة الضرب بالمطرقة على المعصمين».

ويتابع: «لقد صبوا المياه المغلية على عنق معتقل آخر. وقد ذاب جلد عنقه ونزل إلى أسفل»؛ مشيراً إلى وركيه.

وينزع جوربه ليظهر كاحله الأيمن الذي عليه بقع داكنة جرَّاء السلاسل.

آثار السلاسل على قدم محمد أرترك (أ.ف.ب)

ويؤكد: «خلال النهار كان ممنوعاً منعاً باتاً الكلام. كنا نجد صراصير في الطعام، ونعاني من الرطوبة وانتشار رائحة مراحيض»؛ متحدثاً عن مرور أيام «من دون ملابس ولا مياه ولا طعام، كما لو كنا في نعش».

ويضيف: «كانوا يضعون 115 إلى 120 شخصاً في زنزانة واحدة تتسع لعشرين شخصاً. قضى كثيرون جوعاً»، مؤكداً أن الحراس «كانوا يرمون من قضى في مكب نفايات».

«حبل في السقف»

ويوضح محمد أرترك: «نحن الأتراك تعرضنا لتعذيب كثير، بسبب دعم رئيسنا للشعب السوري في عام 2011»، مؤكداً أيضاً أنه حُرم من أدوية بسبب جنسيته.

وللتخلص من هذا الرعب، كان يتمنى أن يُشنق. ويوضح: «في أحد الأيام اقتادونا إلى مكان اعتقال جديد، ورأيت حبلاً متدلياً من السقف، وقلت في قرارة نفسي: (الحمد لله، الفرج آتٍ)».

أُوقف محمد أرترك في عام 2004 بتهمة التهريب وعثر عليه مساء الاثنين في بلدته ماغاراجيك الواقعة على مرتفع على بعد نحو 10 دقائق من الحدود السورية عبر حقول الزيتون (أ.ف.ب)

بشكل متكرر، يوقف روايته ليشكر الله و«رئيسنا العزيز إردوغان» على عودته على قيد الحياة إلى كنف عائلته، وأنه لم يكن بين الضحايا الكثر للسجون السورية الذين يزيد عددهم على الأرجح عن 105 آلاف، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومقره في لندن.

يعجز محمد أرترك عن أكل الخبز بعد أن فقد نصف أسنانه في التعذيب داخل السجون السورية (أ.ف.ب)

تعطيه إحدى شقيقاته مجموعة من الصور القديمة، على إحداها يظهر مع صديقه فاروق كارغا الذي دخل السجن في سوريا معه، بُعيد التقاط هذه الصورة.

محمد أرترك يحمل صورة تجمعه مع أصدقائه قبل اعتقاله (أ.ف.ب)

إلا أن فاروق كارغا لم يعد إلى دياره.

يؤكد محمد أرترك: «قضى جوعاً في السجن نحو عام 2018... كان وزنه 40 كيلوغراماً».