مسؤول أمني مصري يلتقي قيادة «حماس» في غزة

حاملاً رسالة تتعلق بملف المصالحة ومطالب السلطة بتسليم القطاع لحكومة الوفاق

TT

مسؤول أمني مصري يلتقي قيادة «حماس» في غزة

زار اللواء سامح نبيل، مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية، قطاع غزة بشكل مفاجئ، أمس، قادماً إليه عبر معبر بيت حانون «إيرز»، في زيارة استغرقت نحو 5 ساعات، التقى فيها قيادة حركة حماس، برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة.
ووصل نبيل إلى قطاع غزة وحده، دون أن يرافقه أي وفد كما جرت العادة خلال زياراته السابقة للقطاع خلال الأشهر الأخيرة قصد متابعة ملف المصالحة الفلسطينية. فيما حضر عن حركة حماس يحيى السنوار، قائد الحركة بغزة، ونائبه خليل الحية، ونزار عوض الله عضو المكتب السياسي للحركة، بالإضافة إلى توفيق أبو نعيم، قائد قوى الأمن الداخلي.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن اللواء نبيل حمل رسالة مهمة من رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، إلى حركة حماس، تتعلق أساساً بملف المصالحة، ومطالب السلطة الفلسطينية بتسليم قطاع غزة لحكومة الوفاق الوطني بشكل كامل.
وحسب المصادر ذاتها، فإن مصر أبلغت حركة حماس بأنها تريد استئناف جهود المصالحة، بما يتوافق مع اتفاق القاهرة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. مشيرةً إلى أن القيادة المصرية معنية بإنجاز ملف المصالحة، وضرورة تمكين حكومة الوفاق من أداء مهامها بشكل كامل، والتفرغ لباقي الملفات الفلسطينية.
وأشارت المصادر إلى أن الجهود المصرية تركز في الوقت الحالي على إعادة الاتصالات بين حركتي حماس وفتح، ومحاولة عقد لقاء قريب في القاهرة، موضحة أن هذه المهمة ربما تكون «معقدة قليلاً» في ظل اشتراطات قيادة حركة فتح تنفيذ بعض المطالب المتعلقة بتمكين الحكومة من مهامها في غزة قبل عقد أي اجتماع.
ولم تُعرف تفاصيل دقيقة حول محتوى الرسالة التي نقلها اللواء نبيل إلى قيادة حركة حماس. لكن مصادر أخرى رجحت أن تكون متعلقة بمطالبات السلطة ومحاولات الوصول إلى حل وسط لاستئناف المصالحة من جديد، إلى جانب قضايا تتعلق بالمسيرات على الحدود، وضرورة الحفاظ على الحالة الأمنية الهادئة في ظل الأوضاع الصعبة في المنطقة.
كما قالت مصادر أخرى إن وفداً من حركة حماس قد يغادر قطاع غزة قريباً في اتجاه العاصمة المصرية، القاهرة، مشيرةً إلى أن ذلك سيكون، في حال حدوثه، بدعوة رسمية من جهاز المخابرات المصرية.
وبذلت مصر جهوداً في الأسابيع الأخيرة، لمحاولة منع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من فرض أي إجراءات جديدة ضد قطاع غزة، يمكن أن تعد «عقابية» استكمالاً لإجراءات مماثلة كانت قد اتُّخذت منتصف العام الماضي.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد استقبل في مقر إقامته في مدينة رام الله في الثالث من الشهر الجاري، رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، حيث استعرض الجانبان الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
ونقل اللواء كامل للرئيس الفلسطيني رسالة مهمة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن المصالحة، حيث قالت مصادر بعد أيام من اللقاء إن الرئيس عباس رد على تلك الرسالة، وطالب مصر بالضغط على «حماس» لتسليم القطاع قبل أن يتخذ أي إجراءات جديدة ضد القطاع، علماً بأن الرئيس عباس هدد باتخاذ إجراءات قانونية وإدارية ومالية في حال لم تسلم حركة حماس قطاع غزة كاملاً للحكومة. ويبدو أنه قد بدأ بهذه الإجراءات، رغم الجهود المصرية التي بُذلت، حيث لم يتم حتى الآن صرف رواتب أيٍّ من الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة.
وتسببت محاولة اغتيال رامي الحمد الله رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، وماجد فرج رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية، لدى وصولهما إلى قطاع غزة، في تفجر ملف المصالحة من جديد، وذلك بعد تسجيل أجواء إيجابية محدودة سيطرت في الأشهر الأخيرة على الملف. واتهم الرئيس الفلسطيني علناً في أكثر من خطاب، حركة حماس بالمسؤولية عن الهجوم. فيما نشرت الحركة اعترافات أشخاص تورطوا في الهجوم، وقالت إنها ما زالت تحقق في الحادثة، خصوصاً بعد مقتل المشتبه الرئيس بالعملية أنس أبو خوصة، وسط تلميحات باتهامات لمسؤولين بالأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بالوقوف خلف الهجوم، الذي أدى إلى مغادرة الوفد المصري، الذي كان موجوداً حينها في قطاع غزة.
ولم يعود الوفد منذ ذلك الحين إلى القطاع، رغم أنه كان قد أعلن في ذلك الوقت أنه سيعود سريعاً، لكنه بقي من دون عودة في ظل تجدد الخلافات والتراشق الإعلامي بين حركتي فتح وحماس بشأن تطبيق ملفات المصالحة وقضية تفجير الموكب.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».