تركيا طلبت ابتعاد البحرية الأميركية عن مياهها

TT

تركيا طلبت ابتعاد البحرية الأميركية عن مياهها

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن بوادر تهدئة بدأت تظهر في التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وذكر إردوغان، في تصريحات للصحافيين في إسطنبول، أمس، أنه ناقش هاتفياً مع نظيريه الأميركي والروسي دونالد ترمب وفلاديمير بوتين (في اتصالين هاتفيين الأربعاء والخميس) الخطوات المحتملة لتحقيق السلام في سوريا، وسبل تأسيس السلام في أقرب وقت ممكن. وأضاف أنه أبلغ الرئيسين الأميركي والروسي أنه ليس من الصواب زيادة التوترات في المنطقة، لافتاً إلى أن الوضع الحالي يظهر أن التوترات خفت، وأنه يبدو أن الأجواء أصبحت لينة قليلاً، لكنه أكد أنه سيواصل محادثاته مع كل من ترمب وبوتين.
وأشار إردوغان إلى أنه أرسل إلى نظيره الروسي مقاطع مصورة من المأساة الإنسانية الحاصلة في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، قائلاً: «صحيح أن الأسلحة الكيميائية تتمتع بأرضية مختلفة جداً في القوانين الدولية، إلا أنه يجب علينا ألا نتجاهل أيضاً الأسلحة التقليدية». وقال إردوغان إنه أبلغ نظيره الأميركي تأييد تركيا لموقف التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش بقيادة واشنطن بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية.
وعن العمليات العسكرية التركية داخل الأراضي السورية، قال إردوغان: «عملياتنا التي انطلقت بعملية (درع الفرات) متواصلة بخطى ثابتة في الشمال السوري، خصوصاً عملية (غصن الزيتون) في عفرين، وعلى الغرب أن يعلم أن كفاحنا هو ضد الإرهاب، وليس من أجل الاحتلال».
في السياق ذاته، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ضرورة عدم لجوء الولايات المتحدة وروسيا إلى تعقيد الأوضاع أكثر في سوريا. وقال يلدريم، في تصريحات للصحافيين في أنقرة أمس، إن «هناك مشاحنات مستمرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الولايات المتحدة وروسيا. والمنطقة تواصل دفع ثمن باهظ منذ سنوات طويلة. ونوصي أصدقاءنا بتجنب المبادرات التي من شأنها تعقيد الأمور في سوريا أكثر».
وتناول يلدريم الادعاءات التي أشارت إلى استخدام السلاح الكيماوي في دوما بغوطة دمشق، قائلاً إن استخدام السلاح الكيميائي وقتل الأبرياء والأطفال هو سلوك دنيء، ولا يغتفر على الإطلاق.
إلى ذلك، كشفت تقارير صحافية عن أن تركيا طلبت من البحرية الأميركية الابتعاد بمدمراتها عن سواحلها، لا سيما بعد تحليق طائرات روسية على ارتفاع منخفض فوقها، ما فتح المجال أمام إمكانية وقوع اشتباك بحري جوي وقصف طائرات روسية لمدمرة أميركية.
وذكرت التقارير أن تركيا رسمت خطاً بعرض 80 كيلومتراً على سواحلها لا يجب أن تدخله المدمرات الأميركية.
في سياق مواز، أعلن الجيش التركي تحييد 3 عناصر من مسلحي «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تقاتلها تركيا و«الجيش السوري الحر» في إطار عملية «غصن الزيتون» في عفرين، رداً على نيران مصدرها أراض سورية تسيطر عليها الميليشيا الكردية.
وذكر بيان لرئاسة هيئة أركان الجيش التركي أمس، أنه رداً بالمثل ضمن حق الدفاع عن النفس على نيران مصدرها سوريا، استهدفت مخافر حدودية بقضاء أكجة قلعة بولاية شانلي أورفا جنوب البلاد ليل الخميس الجمعة، تم تحييد 3 عناصر من «وحدات حماية الشعب» الكردية.
ويقع قضاء أكجة قلعة بمحاذاة الحدود السورية عند بلدة تل أبيض الواقعة تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.