ترمب يريد العودة لـ«شراكة المحيط الهادئ»... واليابان تستبعد تعديل الاتفاق

الفائض التجاري الصيني زاد بنحو 20 % خلال الربع الأول

توقيع اتفاق شراكة المحيط الهادئ
توقيع اتفاق شراكة المحيط الهادئ
TT

ترمب يريد العودة لـ«شراكة المحيط الهادئ»... واليابان تستبعد تعديل الاتفاق

توقيع اتفاق شراكة المحيط الهادئ
توقيع اتفاق شراكة المحيط الهادئ

طرح الرئيس الأميركي فكرة العودة إلى اتفاق التبادل الحر عبر المحيط الهادئ، الذي سبق ووجه له ضربة قوية بإخراج بلاده منه. وبينما يشترط دونالد ترمب أن تكون عودة بلاده للاتفاق مرهونة بتعديل شروطه للصالح الأميركي، قالت اليابان إنها ترحب بالعودة فقط، أما التعديل فهو أمر غير هين.
وكتب ترمب، في تغريدة أول من أمس، «سننضم إلى اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ إذا كان الاتفاق أفضل بكثير مقارنة مع ما عُرض على الرئيس (باراك) أوباما».
وأضاف: «لدينا اتفاقات ثنائية مع ست من الدول الإحدى عشرة في الشراكة، ونعمل لأجل التوصل إلى اتفاق مع اليابان، كبرى هذه الدول التي سببت لنا الكثير من الأذى على المستوى التجاري على مدى سنوات».
وكلف ترمب، أحد مستشاريه الاقتصاديين، وممثله التجاري، استئناف المباحثات، وفق ما أفاد به السيناتور الجمهوري بن ساس. وقال ساس للصحافيين، إن الرئيس كلف المستشار الاقتصادي، لاري كودلو، وممثل التجارة، روبرت لايتهايزر، بدراسة موقف واشنطن، وكيف يمكن العودة مجدداً إلى مفاوضات الشراكة عبر الهادئ و«إن كان يمكن التفاوض مجدداً على اتفاق أم لا».
ولكن الحكومة اليابانية رأت أن إعادة التفاوض حول اتفاق الشراكة «غاية في الصعوبة». وقال المتحدث الحكومي يوشيهيدي سوغا لصحافيين في طوكيو «هذا اتفاق يشبه منحوتة من الزجاج. ستكون غاية في الصعوبة إعادة التفاوض حول بعض الأجزاء».
وقال وزير التنشيط الاقتصادي، توشيميتسو موتيجي، الذي كان مسؤولاً عن المفاوضات بشأن تلك الاتفاقية، في تصريحات للصحافيين: «إذا كان هذا يعني أن الرئيس ترمب يُقيّم بشكل صحيح أهمية وآثار الاتفاقية، فإن هذا أمر نرغب في الترحيب به». لكنه أضاف: «تشترك البلدان الـ11 الأطراف (في الاتفاقية) في التفكير في أنه سيكون من الصعوبة بمكان إخراج جزء من الاتفاقية وإعادة التفاوض عليه أو تغييره».
ووقعت 11 دولة في جانبي المحيط الهادئ بداية مارس (آذار) اتفاقية إنعاش التجارة الحرة بين ضفتي المحيط، بعد أن اعتبرت ميتة قبل سنة إثر انسحاب ترمب منها.
ووقع وزراء الخارجية أو التجارة في أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام الاتفاقية التي باتت تسمى «الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ».
وبذل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما جهوداً كبيرة لتوقيع اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ في فبراير (شباط) 2016 بعد سنوات من التفاوض بين البلدان المعنية الاثنى عشر، وكان الهدف منه حينها الوقوف بوجه نفوذ الصين المتنامي.
ولكن قبل دخوله حيز التنفيذ، أعلن ترمب انسحاب بلاده منه مهدداً الاتفاق الطموح الذي كان يفترض أن يشمل دولاً تمثل 40 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، وقرابة 25 في المائة من التجارة العالمية. ووصف ترمب، خلال حملته الانتخابية، الاتفاقية، بأنها «كارثة»، لكن خلال قمة دافوس الماضية في سويسرا، عدل موقفه بقوله إنه يمكن أن يعود إليه إذا حصل على شروط أفضل.
- ترمب يفشل في مقاومة العولمة
ويرى إدوار ألدن، زميل مجلس العلاقات الخارجية، أن إعادة النظر في عودة أميركا إلى اتفاق الشراكة دليلٌ على زيادة وعي الإدارة الأميركية بأن الضغط الأحادي من جانب واشنطن على الصين لتعديل سلوك بكين التجاري غير كافٍ، وأن هناك حاجة لضغط دولي جماعي عبر قنوات مختلفة، مشيراً إلى أن الاتفاقية كانت تمثل قوة نسبية للولايات المتحدة أمام الصين، إلا أن الرئيس ترمب لم يستمع إلى أراء الخبراء والمستشارين الذين حذروه من الانسحاب منها.
واعتبر ألدن أن الوضع كان سيصبح مختلفاً تماماً إذا طالب ترمب بإعادة التفاوض على الاتفاقية بعد دخوله البيت الأبيض، موضحاً أن ذلك كان سيعطي لأميركا اليد العليا في التفاوض، لكن الموقف الأميركي أصبح أضعف بعد خروجها من الاتفاق.
وأضاف أن عدداً من الأحكام والبنود التي نجحت الولايات المتحدة في وضعها بالاتفاق الأساسي، عندما كانت عضواً في الاتفاقية، منها حماية حقوق الملكية الفكرية، تم تأجيلها في الاتفاق الجديد الذي تمت الموافقة عليه مارس (آذار) الماضي، مشيراً إلى أن إعادة التفاوض على هذه الأحكام، وإدراجها في الاتفاق الجديد سيتطلب موافقة الإحدى عشرة دولة التي وقعت على الاتفاق، وهو ما يزيد من صعوبة تحقيق ذلك، ويقلل من فرص نجاح المفاوضات الأميركية لتحقيق مكاسب أكبر لواشنطن.
ورحب المشرعون الأميركيون، الذين يمثلون الولايات الزراعية، بموقف ترمب الجديد. لكن مستشاريه التجاريين الأكثر تشدداً، الذين يهيمنون على إدارته، عبروا عن تفضيلهم التفاوض على اتفاقات ثنائية يقولون إنها تراعي مصالح الولايات المتحدة بصورة أفضل.
وفي تدوينة له، طرح ديبورا إيلمس، المدير التنفيذي لمركز التجارة الآسيوي في سنغافورة، سيناريوهات يمكن أن تلجأ إليها أميركا للعودة للاتفاقية، منها أن تكون عودة واشنطن في مقابل حصول الدول الإحدى عشرة على فرص أكبر لشركاتهم لدخول السوق الأميركية، أو قبول أميركا للاتفاق بشروطه الحالية، ثم سعيها بعد ذلك إلى توقيع اتفاقات تجارية منفردة مع الدول الأعضاء في الاتفاقية، مضيفاً أن المشكلة في ذلك الاتجاه هو أن الدول الأعضاء لن تكون متحمسة لفكرة التفاوض على اتفاقات ثنائية مع الولايات المتحدة.
ولطالما انتقد ترمب الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف، إذ وصف اتفاقية التجارة الحرة في أميركا الشمالية بأنها «كارثة»، علماً بأنها سارية منذ 24 عاماً، لكن إدارته بدأت مفاوضات جديدة حول اتفاق «نافتا» مع كندا والمكسيك الموقعتين على اتفاقية «الشراكة عبر الهادئ».
وقال أشيش كومار من «المجلس الأطلسي»، وهو مركز بحثي متخصص في العلاقات الدولية، إن «معاداة ترمب للعولمة اصطدمت بالواقع: لا أحد يريد اتفاقات تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة وترمب ليست لديه خطة بديلة».
- تنامي الفائض التجاري الصيني
وسعى ترمب خلال الأشهر الأولى من العام الحالي لتطبيق سلسلة من الرسوم الحمائية على الواردات، التي يرى أنها تهدد الصناعات المحلية وفرص العمل بالتبعية، وطالما انتقد العجز التجاري لبلاده مع الصين على وجه الخصوص، معتبراً أنه يتفاقم في ظل شروط تجارية غير عادلة تطبقها بكين. وجاءت بيانات الفائض التجاري لتعاملات الصين مع أميركا، أمس، لتسلط الضوء على عجز واشنطن عن كبح واردات العملاق الصيني، حيث أفاد المتحدث باسم مكتب الجمارك الصيني، هوانغ سونغبنغ، بأن الفائض التجاري مع الولايات المتحدة سجل زيادة سنوية نسبتها 19.4 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، ليصل إلى 58 مليار دولار.
وقال هوانغ للصحافيين في بكين، إن الصادرات إلى الولايات المتحدة ارتفعت 14.8 في المائة، فيما زادت الواردات 8.9 في المائة، بصفة سنوية. لكن الأرقام الأخيرة أشارت إلى تراجع الفائض في مارس (آذار) إلى 15.4 مليار دولار، مقارنة بـ21 مليار دولار في فبراير (شباط) و17.7 مليار دولار قبل 12 شهراً.
وسجلت الصين عجزاً نادراً من نوعه بقيمة 4.98 مليار دولار مع باقي العالم الشهر الماضي، يعزى إلى عوامل موسمية كعطلة رأس السنة القمرية. أما الصادرات الصينية لدول العالم فانخفضت بنسبة 2.7 في المائة الشهر الماضي، وهو ما يرى محللون أنه أمر طبيعي، نظراً لفترة العطلة الطويلة، فيما زادت الواردات بنسبة 14.4 في المائة.
وعلى خلفية التوتر الأخير، كرر هوانغ الخطاب الرسمي الصيني بأن بلاده لا تسعى إلى ميزان تجاري لصالحها. وقال: «نحن لا نسعى إلى ميزان تجاري يميل لصالح (الصين). السوق هي التي تحدد الوضع الحالي للشؤون التجارية. نأمل أن تتحلى الولايات المتحدة بالصبر وتستمع لصوت العقل والمنطق حول مسائل الميزان التجاري». وأكد أن بكين لا ترغب في الدخول في حرب تجارية مع واشنطن قائلاً: «نحن نؤمن بأن هذه الخلافات التجارية لا تخدم مصالح الصين، ولا مصالح الولايات المتحدة». وخلال العام الأول لترمب في منصبه، سجل الفائض مستويات قياسية فبلغ 357 مليار دولار، وفقاً للأرقام الأميركية، أو 276 مليار دولار بناء على البيانات الصينية.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.