أعلن الأزهر تأييده لفتوى علماء باكستان بشأن قتال «الإرهابيين»، مؤكداً أن ما جاء في الفتوى يتفق وصحيح ديننا الإسلامي، ولا يخالف نصاً أو حكماً شرعياً. وقالت مشيخة الأزهر أمس، إنها وردت إليها فتوى صادرة عن علماء باكستان، تجيب عن بعض الأسئلة التي تدور حول اتهام جيش وحكومة باكستان بالكفر لعدم تطبيق الشريعة الإسلامية... وحكم قتال جيش وحكومة باكستان، واعتبار هذا القتال من الجهاد في سبيل الله... فضلاً عن حكم قتال الجيش والشرطة لهذه العناصر الإرهابية التي تتهم الجيش والحكومة بالكفر، واعتبارهم خارجين عن طاعة ولي الأمر... وحكم الجماعات الطائفية التي تحاول فرض معتقداتها على الآخرين بالقوة.
وأضافت المشيخة أنه بعد الاطلاع على الفتوى الصادرة بإجماع علماء باكستان من كافة المذاهب، وهي الفتوى التي نفت صفة الكفر عن حكومة وجيش باكستان، وأثبتت أن دولة باكستان دولة إسلامية، فإن أي أعمال عنف ضد الدولة وجيشها تعتبر فساداً في الأرض ومعصية لله ورسوله، وأن من يقومون بتنفيذ عمليات انتحارية يرتكبون ثلاثة ذنوب، هي «الانتحار، وقتل الأبرياء، والخروج ضد حكومة باكستان»، ولذا فإن من يقومون بذلك يجب على حكومة وجيش باكستان قتالهم في ضوء الضوابط الشرعية، وأن على المسلمين تأييد هذه العمليات العسكرية والأمنية التي تقوم بها الدولة الباكستانية، وأنه يجب احترام الاختلاف الفكري بين المذاهب، ويجب أن يبقى هذا الخلاف في إطاره العلمي والفكري، وأنه لا يوجد أي مبرر للسب أو الشتم لأمهات المؤمنين ونشر الكراهية والعدائية بين أتباع المذاهب المختلفة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال اتخاذ هذا الاختلاف أساساً للقتل والنهب، أو فرض أفكار ومعتقدات بعينها على الآخرين، أو التربص بالمخالفين للقضاء عليهم.
جاء تعليق الأزهر على الفتوى، خلال كلمة ألقاها وكيل المشيخة عباس شومان، أمام الاجتماع الثالث عشر لمجلس أمناء الجامعة الإسلامية العالمية، الذي عقد في قصر الرئاسة بإسلام أباد، بحضور ورئاسة ممنون حسين رئيس جمهورية باكستان.
وقال شومان، إن ما يمر به العالم اليوم - وخاصة بلادنا الإسلامية - من تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف، وإذكاء الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية، يؤكد ضرورة التعاون الجاد لمواجهة هذه الظواهر البغيضة التي يسعى أعداء أمتنا لإذكائها، واتخاذها ذريعة للقضاء على بلادنا، وتحطيم آمالنا في مستقبل أفضل لشبابنا. مضيفاً أن «هؤلاء الإرهابيين مفسدون في الأرض، محاربون لله ورسوله، يستحقون أشد العقوبات الواردة في شرعنا على الإطلاق، وأن ثمة فرقاً بين الخروج على الحاكم والإفساد في الأرض؛ حيث إن الإفساد في الأرض أو الحرابة أصلها قول الله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقَتلّوا أو يُصَلّبوا أو تُقَطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفَوا من الأرض)، وهي جريمة مستقلة عن جريمة الخروج على نظام الحكم (البغي) التي أصلها قول الله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلُوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي)... والبغي له معنى معين وضوابط محددة في الفقه الإسلامي، فهو الخروج عن طاعة ولي الأمر ورفض الاعتراف به، ولا يوصف البغاة بذلك إلا إذا تحقق في شأنهم جملة من الشروط، أهمها: امتلاكهم شبهة قوية في الظاهر يجعلونها دليلاً لخروجهم على ولي الأمر، ويشترط كذلك أن يكون للخارجين على ولي الأمر قوة ومنعة تمكنهم من قتال جيش الحاكم الذي خرجوا عليه، وأن يكونوا متحيزين بمكان ما يسيطرون عليه ويمنعون الحاكم ومن معه من دخوله أو إنفاذ قوانينه فيه».
وأوضح وكيل الأزهر أن ذلك لم يكن متوفراً في هذه الجماعات التي تقاتل الجيش والحكومة الباكستانية، فلا يجوز وصفهم بالبغاة الخارجين على الدولة، ويكون الوصف اللائق بهم عندئذ هو الإفساد في الأرض. ويحق للقاضي عندئذ أن ينزل بهم أشد عقوبة وردت في شريعة الإسلام، دون نظر لنوع الجرائم التي ارتكبوها. كما أن وصف هؤلاء بالمفسدين في الأرض يمكّن من معاقبة من ساعدهم أو تستر عليهم، وليس من اشترك في تنفيذ الجرائم فقط. كذلك يمكّن قوات الجيش والشرطة من مباغتتهم دون إنذار، واستخدام القوة اللازمة للقضاء عليهم دون اشتراط تدرج في استخدامها، متى تأكد أن هؤلاء «إرهابيون» أفراداً كانوا أو جماعات. أما البغاة، فإنهم لا يُقاتَلون ما لم يبدأوا هم بالقتال، حتى لو أعلنوا خروجهم على الحاكم، وامتلكوا القوة وتحيزوا. كما أن قتال الخوارج - إذا كان قتالاً - يبدأ متدرجاً من الأخف إلى الأشد، ويكون لكسر شوكتهم وإضعافهم فقط، وليس لإفنائهم.
الأزهر يؤيد فتوى علماء باكستان بشأن قتال «الإرهابيين»
اعتبر أعمال العنف ضد الدولة والجيش {فساداً في الأرض}
الأزهر يؤيد فتوى علماء باكستان بشأن قتال «الإرهابيين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة