قلل مسؤولون مصريون وروس من تأثير عودة حركة الطيران الروسي إلى العاصمة المصرية القاهرة رسميا أمس، مؤكدين أن تأثيرها سيكون محدودا على حركة السياحة الروسية إلى مصر، ما لم تقرر موسكو عودة حركة الطيران المباشرة إلى الوجهات السياحية على البحر الأحمر. غير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعث برسالة طمأنة، بإعلانه أمس أن «روسيا ومصر ستواصلان العمل على استئناف الرحلات في المسارات الأخرى».
وأعلنت سلطات مطار القاهرة أمس حالة طوارئ قصوى استعدادا لاستقبال أول رحلة طيران للخطوط الجوية الروسية. بعدما توقفت حركة الطيران بين البلدين منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015، بعد تحطم الطائرة الروسية «إيرباص - 321» التابعة لشركة «كوغاليم آفيا»، فوق شبه جزيرة سيناء، بعد ربع ساعة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ، جراء انفجار على متنها.
وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن هذا الانفجار، الذي راح ضحيته 224 أغلبهم من الروس، إضافة إلى طاقم الطائرة. وقال مدير هيئة خدمات اﻷمن الروسية الفيدرالية، أليكساندر بورتنيكوف، إن الانفجار نتج عن «قنبلة تزن كيلوغراما من مادة الـTNT وضعت على متن الطائرة».
وانطلقت الرحلة ذات الرقم 400 في تمام الساعة 20:55 بتوقيت المحلي من مطار شيريميتييفو الدولي بالعاصمة الروسية متجهة إلى مطار القاهرة الدولي، وتستغرق الرحلة 4 ساعات و35 دقيقة. وصرح مصدر مطلع بمطار القاهرة بأنه تم وقف الإجازات وسط العاملين، وجرى تشديد الرقابة الأمنية في كل المواقع، خاصة بالمبنى رقم 2 الذي تم تخصيصه لاستقبال وسفر الرحلات المصرية والروسية.
وأفادت «آيروفلوت» بأن هذه الرحلة ستقل قرابة 120 مسافرا، مشيرة إلى أنه مع استئناف الرحلات بين العاصمتين الروسية والمصرية تم حجز 3.75 ألف مقعد حتى نهاية فصل الصيف (27 أكتوبر) للرحلات من موسكو إلى القاهرة، و3.7 ألف مقعد للرحلات من القاهرة إلى موسكو.
في المقابل، تستأنف شركة مصر للطيران رحلاتها بين العاصمتين اليوم (الخميس) على أن تسير الشركتان معا خمس رحلات ذهاب وإياب في الأسبوع بين القاهرة وموسكو. وتم تحديد بوابة خاصة مشتركة لإقلاع رحلات مصر للطيران والآيروفلوت. ومن مطار القاهرة الدولي تم تحديد مبنى رقم 2 لوجود متابعة أمنية من رجل أمن روسي بالمبنى وكذلك في موسكو.
وقال بوتين، في كلمة له، خلال تسلمه أوراق اعتماد 17 سفيرا أجنبيا جديدا لدى روسيا الاتحادية من بينهم سفير مصر: «أؤكد أنه يتم استئناف الرحلات الجوية بين عاصمتي دولتينا، والعمل على استئناف المسارات الأخرى سيستمر».
وأكد بوتين أن «هناك علاقات استراتيجية تجمع بين مصر وروسيا»، موضحا أن التعاون بين البلدين يحمل طابعا فعالا، على رأسه التعاون في بناء أول محطة نووية. وأضاف أن «بين مصر وروسيا مواقف متقاربة وأحيانا متطابقة، كما أن هناك علاقات ثنائية تنمو بسرعة في كثير من القطاعات، وتم التوقيع على كثير من القطاعات المشتركة بيننا». وأشار إلى أنه هنأ الرئيس عبد الفتاح السيسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي وقعت مصر وروسيا مرسوماً يقضي باستئناف الرحلات الجوية المنتظمة أولا إلى مطار القاهرة الدولي، على أن تعود تدريجيا إلى مطارات المنتجعات السياحية مثل شرم الشيخ، والغردقة في وقت لاحق.
واستبعد مسؤولون أن ينعكس هذا القرار الإيجابي فورا على قطاع السياحة المتأزم في مصر. وقال النائب محمد عبد المقصود، وكيل لجنة السياحة بمجلس النواب (البرلمان المصري)، لـ«الشرق الأوسط» إن تأثير عودة الطيران الروسي للعاصمة القاهرة فقط، سيكون محدودا على حركة السياحة لأن عدد المسافرين قليل، إضافة إلى التكاليف الباهظة والرحلة الشاقة إذا ما أراد السائح الروسي الذهاب إلى منتجعات البحر الأحمر السياحية (مثل شرم الشيخ والغردقة).
ويمثل قطاع السياحة ركيزة أساسية لاقتصاد مصر ومصدر رزق لملايين المواطنين وموردا رئيسيا للعملة الصعبة. وبلغ عدد السائحين الروس في مصر نحو 2.8 مليون سائح في أول عشرة أشهر من عام 2015، مقابل 3.1 مليون سائح في عام 2014 بأكمله.
غير أن البرلماني المصري وصف عودة الطيران بأنها «خطوة إيجابية يمكن البناء عليها بالنظر إلى فترة التوقف الكبيرة التي أثرت على حركة السياحة في مصر»، داعيا إلى التعاون مع روسيا للتوصل لاتفاق جديد يعيد طائرات «الشارتر» من موسكو إلى المنتجعات السياحة مباشرة، في ظل تحسن الظروف الأمنية في مصر.
من جهتها، قالت الناطقة باسم صناعة السياحة الروسية إيرينا تيورينا لـ«الصحافة الفرنسية»، إن «السياح لا يحتاجون لرحلات مباشرة إلى القاهرة. لأن الانتقال من القاهرة إلى المنتجعات البحرية طويل وغير مريح ولن يذهب أحد إلى هناك ما دامت الأمور على هذه الحال». وأضافت: «عمليا، الوضع سيبقى على ما كان عليه في السابق عندما كان الناس يصلون إلى هناك بأنفسهم عبر مينسك أو إسطنبول»، مشيرة إلى أن المستفيدين من هذه الرحلات سيكونون إما «الأشخاص الذي يحبون مصر كثيرا أو الروس الذين يعيشون هناك». ويتطلب السفر من القاهرة إلى المنتجعات المصرية استخدام الحافلات لمدة ست أو سبع ساعات أو الذهاب على متن رحلة داخلية بعد الوصول إلى العاصمة.
وستقرر موسكو والقاهرة بشأن موعد مناقشة استئناف الرحلات من الوجهات السياحية المصرية فور عودة الرحلات بين العاصمتين، وفق ما أفاد السفير المصري لدى روسيا إيهاب نصر. وكانت «آيروفلوت» أعلنت في مارس (آذار) استئناف رحلاتها، موضحة أنه «لاستئناف الرحلات كان لا بد من تكثيف الإجراءات الأمنية. وقد التزم الطرف المصري بهذا المطلب».
ولم يخف مسؤولون روس قلقهم بشأن إعادة إطلاق الرحلات المباشرة. وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، قال مدير الهيئة الروسية الفيدرالية للملاحة الجوية ألكساندر نيرادكو، إن «استئناف الرحلات المباشرة إلى مصر، تحديدا إلى مناطق المنتجعات، يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة إلينا».
عودة الطيران الروسي للقاهرة... وبوتين يتعهد باستئنافه في «المسارات الأخرى»
مسؤولون قللوا من تأثير القرار على حركة السياحة
عودة الطيران الروسي للقاهرة... وبوتين يتعهد باستئنافه في «المسارات الأخرى»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة