استقالة جماعية في حزب «آفاق تونس»

الاتحاد الأوروبي يستعد لإرسال 80 مراقباً للانتخابات البلدية

استقالة جماعية في حزب «آفاق تونس»
TT

استقالة جماعية في حزب «آفاق تونس»

استقالة جماعية في حزب «آفاق تونس»

شهد حزب «آفاق تونس» الذي أسسه الوزير السابق ياسين إبراهيم، استقالة جماعية لقيادات وطنية وجهوية ومحلية، ما سيضاعف من متاعبه قبل فترة وجيزة من إجراء الانتخابات البلدية. وجاء هذا التطور في وقت أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيرسل فريقاً مكوناً من 80 شخصاً لمراقبة اقتراع البلديات في السادس من مايو (أيار) المقبل.
وتستعد منظمات حقوقية تونسية وأجنبية لمراقبة مختلف مراحل العملية الانتخابية التي ستنطلق حملتها يوم 14 أبريل (نيسان) الحالي. ومن المنتظر أن تنحصر المنافسة إلى حد كبير بين حركة «النهضة» وحزب «النداء» في مختلف الدوائر الانتخابية البلدية البالغ عددها 350، علما بأن الحزبين قدّما مرشحين في كل تلك الدوائر.
ونجحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تفادي اتهامات أحزاب سياسية تونسية بإمكانية تزوير اقتراع البلديات، وأكد محمد التليلي المنصري، رئيس الهيئة، أن شحنة من الحبر الانتخابي ستصل إلى تونس يوم 25 أبريل، ما يضمن تهدئة المخاوف من حصول تزوير.
على صعيد غير متصل، أعلنت البرلمانية هاجر بالشيخ أحمد، المستقيلة من «آفاق تونس»، الحزب الذي أسسه ياسين إبراهيم الوزير السابق للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، عن استقالة جماعية لقيادات وطنية وجهوية ومحلية من الحزب، وهو ما سيضاعف من متاعبه قبل فترة قليلة من إجراء الانتخابات البلدية. وأكدت أحمد استقالة نحو 16 قياديا من مكاتب تابعة للحزب تنتشر في جهات مختلفة من العاصمة، من بينها منطقة المرسى الواقعة في الضاحية الشمالية.
وفي الجهة المقابلة، أوضح زهاد زقاب، المتحدث باسم «آفاق تونس»، أن هذه المجموعة ابتعدت عن الحزب ومختلف أنشطته منذ أشهر، ولم تكن لها أي مساهمة في تشكيل قوائمه المرشحة للانتخابات البلدية المقبلة، ولم يجددوا انخراطاتهم وجمدوا نشاطهم منذ إعلان «آفاق تونس» خروجه من حكومة الوحدة الوطنية. وأشار إلى أن المستقيلين عبّروا عن رفضهم قرار الحزب الانضمام إلى «الاتحاد المدني» (ائتلاف انتخابي يضم نحو 11 حزبا سياسيا) وعدم مساندتهم قوائم الاتحاد التي يشارك فيها «آفاق تونس». وقلل زقاب من أهمية هذه الاستقالة واعتبرها «مجرد فرقعة إعلامية غير بريئة القصد منها التشويش على الحزب وهو يخوض غمار هذه الانتخابات».
وكان حزب «آفاق تونس» قد انضم إلى الائتلاف الحاكم إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت سنة 2014. وحصل على ثمانية مقاعد برلمانية وانضم إلى ائتلاف يضم «النداء» و«النهضة» وحزب «الاتحاد الوطني الحر». غير أنه هاجم بقوة حكومة يوسف الشاهد من خلال خياراتها الاقتصادية ورفض التصويت لصالح قانون المالية للسنة الحالية وأعلن خروجه من الحكومة وجمد عضوية أربعة وزراء له بعدما تمسك الشاهد بهم ضمن تركيبة حكومته.
ونتيجة خلافات داخلية عميقة واتهامات لياسين إبراهيم رئيس الحزب بالتفرد بالرأي وتغييب بقية القيادات السياسية، استقال بعض نواب الكتلة البرلمانية ولم يبق بها سوى ستة أعضاء. وهذا العدد مخالف للقانون الداخلي للبرلمان التونسي الذي يحدد عدداً أدنى من النواب لا يقل عن سبعة نواب لتشكيل كتلة برلمانية، وهو ما ينبئ بانهيار الكتلة البرلمانية التي اعتمد عليها للضغط على الحكومة تحت قبة البرلمان.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».