قال اللاعب الإسباني نوليتو إنه كان «يمزح»، الأمر الذي يفعله كثيراً، مع رسمه ابتسامة جديدة على وجهه وانطلاقه في الضحك من جديد. وكثيراً ما يردد خلال حديثة ألفاظ غير لائقة بالإسبانية. وشرح نوليتو أنه: «رغم ذلك، كان الأمر حقيقياً، لقد اضطررت لإعطاء ابنتي فيتامين (د). وكنا نخرج في الهواء الطلق، لكن الشمس لم تكن تظهر أبداً. حتى أنا انتهى بي الحال إلى أن أصبحت بشرتي شاحبة..». وبعد برهة ألقى خلالها علي نظرة سريعة، سارع إلى القول ضاحكاً: «مثلك تماماً!» إلا أن هذا الشحوب بدا كذلك على ابنته لولا، 9 أعوام، وشقيقيها التوأمين البالغين عاما واحدا، لارا وألجيريا.
جدير بالذكر أنه مع قرب نهاية موسمه الأول في إنجلترا، وهي فترة بحلولها كان قد أدرك أن هذا سيكون موسمه الأخير في البلاد، قال اللاعب السابق في صفوف «مانشستر سيتي»، والذي عاد اليوم مجدداً إلى إسبانيا ويشارك مع «إشبيلية»، إن لون ابنته تبدل. وقال آنذاك: «بدا وكأنها كانت تعيش داخل أحد الكهوف». وأوضح نوليتو أن حديثه «تعرض لتفسير خاطئ. لقد كان الأمر مجرد مزحة أو دعابة، لكنه في الوقت ذاته كان حقيقياً، فلم تكن هناك شمس واضطررت لعرض ابنتي على طبيب أطفال».
وأضاف: «ربما بعض الناس يفتقرون إلى حس الدعابة، لكن أحداً من مشجعي مانشستر سيتي لم يسمع مني أبدا حديثاً يحط من شأن مانشستر. ومع أن المدينة لها إيجابياتها، فإن الواقع بها يشير إلى أنه بحلول الخامسة مساءً يحل الظلام ويصير الطقس بارداً، كما أنها تتبع فلسفة مختلفة في الحياة عما ألفته. وإلا فلماذا يفد الكثير من الإنجليز إلى ماربيلا؟ بل وحتى إلى مسقط رأسي، شلوقة؟ إنهم يأتون إلى هذه المدن ويشربون ويأكلون طعاماً إسبانياً ويشعرون بالمتعة».
كان المقابلة في إشبيلية، الواقعة على بعد ما يقرب من 2.000 كيلومتر إلى الجنوب من مانشستر، وأقل عن 100 كيلومتر عن البلدة التي ينتمي إليها نوليتو. وقال نوليتو إن ابنته استعادت لونها الطبيعي. وعلى ما يبدو، فإنه يستعيد هو الآخر ببطء تألقه داخل الملاعب، أو على الأقل يحاول ذلك. وتحدث نوليتو عن أنه بدأ يستعيد شعوره «كلاعب كرة قدم من جديد»، لكن بالتأكيد لا يبدو الأمر سهلاً عندما تغيب عن الملاعب طيلة سبعة أشهر، بسبب الغياب عن تشكيل الفريق أو الإصابة. وعندما تكون من شلوقة دي باراميدا، التي تشرق بها الشمس أكثر عن مانشستر بمقدار 1.500 ساعة سنوياً، والتي لا تنخفض بها درجات الحرارة أبداً إلى أقل عن 10، فإن المشاركة في الشمال الغربي يشكل تحولاً هائلاً.
بالنسبة لنوليتو، تمثلت المشكلة الأساسية أغلب الوقت في أنه لم تكن ثمة مستجدات تطرأ على حاله - داخل أو خارج الملعب. وقال: «كنا نعيش بالقرب من ديفيد سيلفا وإدو، وهو طبيب صديق كان يعمل في مانشستر سيتي. كنا نتناول الغداء معاً والعشاء داخل المنزل، ثم نخرج لتناول القهوة، لكن هذا لم يفلح في تحسين الحال بالنسبة لي. كان يحل الظلام في الخامسة، ثم بحلول السادسة يبدو الوقت وكأنه العاشرة ليلاً، بل وتبدأ في الشعور بالإرهاق. ويراودك شعور بأنه: «يا إلهي! إنها السادسة فحسب!».
أحياناً، كان شقيقه يأتي لزيارته، لكن هذا أيضاً لم يساعده. وعن ذلك، قال نوليتو: «لم يكن يخرج معي للتنزه، وإنما كان يكتفي بزيارتي لثلاثة أو أربعة أيام ثم يرحل عائداً إلى جبل طارق! وكنت أود حينها أن أصرخ مستجدياً له لأن يبقى وأن أقوله له: «ابق معي وسأدفع لك مالاً مقابل ذلك»»، ثم انطلق ضاحكاً. وسارع إلى الاستدراك قائلاً: «لا، هذه مزحة بالطبع، لكن حتى لو كنت عرضت عليه مالاً لم يكن ليبقى لأكثر عن 10 أيام. وكان على نفس هذا الحال عندما كنت في فيغو. لقد ألف الحياة في شلوقة. وكان يكتفي بالقدوم إلى إنجلترا لثلاثة أو أربعة أيام لمشاهدة مباراة جميلة، ثم يغادر مسرعاً».
وبينما كان نمط الحياة مختلفاً، فإن كرة القدم هي من حسم مصير نوليتو. وقال: «تحدثت ابنتي الإنجليزية، وكذلك زوجتي. أما أنا، فكنت الوحيد الذي لا يتحدثها، وخضت بالفعل دروساً تعليمية برفقة خيسوس نافاس. لقد تكيفنا بصورة جيدة، لكن المشكلة الحقيقية أنني لم أشارك في اللعب خلال الشهور القليلة الأخيرة». بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، كان نوليتو قد شارك في اللعب تسع مرات، وسجل خمسة أهداف وبدت الأمور كلها على ما يرام. وقد شارك نوليتو بانتظام في التشكيل الأساسي منذ وصوله حتى نهاية العام، وبلغ إجمالي مشاركاته 21 مباراة. منذ بداية العام، شارك تسع مرات فقط، كان معظمها كلاعب بديل. وكانت آخر مشاركاته في التشكيل الأساسي خلال مباراة أمام هدرسفيلد في إطار بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة في فبراير (شباط).
إذن، ماذا حدث؟ ورد نوليتو على هذا التساؤل بقوله: «في الواقع، يتعين عليك توجيه هذا السؤال إلى المدرب. لقد انضممت إلى النادي وأنا مفعم بالأمل، وكنت أعتبره أفضل مكان في العالم للعب كرة القدم. لقد اتصل بي وأقنعني، وفي بادئ الأمر سارت الأمور على ما يرام». وأضاف: «في البداية، أدهشتني كرة القدم، عندما رأيت مهاجما يجره مدافع ضخم في مختلف أرجاء المكان، بينما لا يحتسب الحكم أي خطأ في الأمر. كما رأيت بعض الاعتداءات بالضرب..».
واستطرد موضحاً: «أحياناً تدرك أنك على وشك التعرض للضرب، ويكون بمقدورك القفز من مكانك، لكن إذا سقطت في قبضة مثل هؤلاء اللاعبين، ستتعرض لضرب مروع. إن اللاعبين ينقضون على بعضهم البعض أثناء اللعب وهم حريصون في قيامهم بذلك، لكن أحياناً تجد لاعبا ينقض عليك متعمدا ويمر الأمر دون صدور أي قرار من الحكم. إلا أنه في النهاية تبقى تلك طبيعة كرة القدم. وإذا شعرت بعدم الرضا لعدم قدرتك على التكيف مع الأوضاع الجديدة من حولك، فإن هذا الشعور قد ينتقل إلى داخل الملعب، لكن في البداية كنت سعيداً وأقدم أداءً جيداً داخل الملعب».
وبعد ذلك، تبدلت الأمور فجأة، حسبما قال نوليتو. وأكد أنه (مانشستر سيتي) فريق جيد للغاية بالفعل ويضم لاعبين ماهرين للغاية، لكن أعتقد أنني لم أكن استحق ما تعرضت له خلال الأشهر الأربعة الأخيرة. هذا رأيي الشخصي، لكن نبقى جميعاً معرضين لمثل هذه الظروف. عندما تمر عليك أربع أو خمس مباريات دون أن تشارك في اللعب - مرة تجلس في المدرجات ومرة على مقعد البدلاء ومرة تشارك 20 دقيقة ومرة أخرى لا تشارك مطلقاً - فإن هذا يأتي بمثابة تحول راديكالي بالنسبة لك. وتجد ثمة تساؤلا يفرض نفسه عليك باستمرار: «ماذا حدث، بحق الجحيم؟!».
وسألنا نوليتو هل حاول الاستفسار عن السبب، وأجاب: «لا، لأنه لم تكن ثمة حاجة لكلمات. ليس هناك الكثير يمكنك الاستفسار عنه لأنك بالفعل تعرف الكثير. عندما تشارك في ثلاث مباريات فقط من إجمالي 10، تصبح الرسالة واضحة تماماً أمامك».
وفي الوقت الذي انطلق نوليتو في الحديث والضحك والمزاح، بدأت ثمة صورة تتضح في الأفق. هل جرى النظر إلى شخصيته باعتبارها عامل سلبي يحسب ضده؟ هل جرى النظر إليه باعتباره يفتقر إلى الجدية الكافية؟ وهل يبدو غوارديولا نفسه جاداً بما يكفي؟ عبر نوليتو عن هذا مبتسماً: «حسناً، نعم، لكن هكذا الحال مع الكثير من المدربين. وأود التأكيد هنا أن الأمر ليس أنني لا أتعامل مع الأمور بجدية، وإنما كل ما في الأمر أنني أتعامل معها على نحو مختلف: هناك لاعبين عندما لا يفوزون يمتنعون عن الأكل. إلا أنني أرى أنه يتعين عليك تناول الطعام وأن تنهض في اليوم التالي بهمة. في الواقع، أشعر بحزن من أجل هؤلاء لأنهم يعانون أكثر من اللازم لأن الأمر في النهاية ليس سوى لعبة رياضية».
وأكد: «أنا هو أنا: أعشق الهجوم وأنفر من الدفاع. هههه! كما أحب الدعابة، لكن هذا لا يعني في الحقيقة أي شيء، فعندما يتعين علي العمل، انطلق بجدية. ولم يشتكي أي مدرب قط من أنني لم أعمل بجد، ولن يحدث هذا أبداً. وبمقدورك خوض التدريب وأنت سعيد ويمكنك خوضه وأنت حزين أو أنت تشعر بالمرارة. في النهاية، تذكر أنك تعيش مرة واحدة فقط». وشرح: «المقصود من كرة القدم الاستمتاع، ولا يمكن أن تتعامل على النحو الذي يجعلك ترى نفسك شخصا عديم الفائدة إذا لم تسجل أهداف يوما ما، ثم تتحول إلى سوبر ستار في اليوم التالي لأنك أحرزت أهدافاً. إنني أحاول إلى الاستمتاع في كل مرة أشارك في الملعب».
في الواقع، كنت هناك فرص قليلة للاستمتاع أثناء مشاهدة نوليتو النصف الثاني من الموسم من المدرجات. بحلول ذلك الوقت، شاهد «مانشستر سيتي» يخرج من بطولة دوري أبطال أوروبا على يد موناكو. وعن ذلك اليوم، قال نوليتو: «بدا المدرب واللاعبين في حالة مزرية، ربما لم نملك الحماس أو الرغبة التي كان ينبغي وجودها تلك الليلة». وأكد نوليتو أنه: «سأشعر دوماً بالامتنان تجاه غوارديولا، لقد منحني فرصة المشاركة للمرة الأولى في صفوف برشلونة وضمني إلى مانشستر سيتي. لا أدري إن كان قد غير رأيه في بعد ذلك، لكنني لم أشعر قط بمشكلة في التعامل معه ولا يزال هذا الحال بالنسبة لي اليوم. أتمنى له كل التوفيق، وللفريق».
اليوم، لدى متابعته أداء «مانشستر سيتي» عن بعد، يشعر نوليتو بوجود نوع من الاستمرارية. إلا أنه رصد بعض التغيير أيضاً. الواضح أن نوليتو تعلم من تجربته الأخيرة، وكذلك غوارديولا. وعن هذا، قال اللاعب: «أحياناً تفعل أشياءً مع غوارديولا داخل ملعب التدريب لم يسبق لك في حياتي فعلها، ثم تراودك لاحقاً فكرة: «يا إلهي، لقد كان محقاً!» في بعض الأحيان، يكتفي المدربون بقول: «هذا هو ما ينبغي فعله»، دون تقديم شرح، باعتبار أنه المدرب ويجب أن ترضخ لتعليماته. أما غوارديولا فيقول: «هذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر من أجل كذا وكذا وكذا. وإذا لم تفعل هذا، سيحدث كذا وكذا. وغالباً ما يتحقق قوله بالضبط داخل الملعب. إنه أشبه بساحر وأحد أفضل المدربين على مستوى العالم».
وأضاف: «لقد كان في برشلونة وقدموا تحت قيادته أداءً رائعاً، وكان في بايرن ميونيخ، ثم انتقل إلى إنجلترا، لكن ربما العام الأول له لم يكن جيداً للغاية. ومع هذا، تظل الحقيقة أنه ليس من السهل الانتقال إلى كرة قدم أكثر حدة واعتماداً على القوة البدنية ومزيد من الضرب... وبالنسبة للاعبين، من الصعب التكيف مع فلسفة جديدة. وإذا كنت في الـ30 من عمرك، تشعر أنك ربما لن تتمكن أبداً من التأقلم مع التعليمات الجديدة لأنك لم تنفذ مثلها من قبل قط. في الواقع، يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن بمرور الوقت يتغير توجه اللاعبين ويشرعون في الانطلاق. من جانبه، يتميز غوارديولا بالصلابة الشديدة والعناد ويتحتم على اللاعبين الالتزام بتعليماته، لكن أعتقد أنه هو الآخر تكيف مع الكرة الإنجليزية. ومع أنني لا أزعم معرفتي بما يدور في رأسه، لكن أعتقد أنه حسم أمره بأنه ينبغي له تقديم أداء أقوى وأسرع. ويتضح ذلك في ضمه لاعبين جدد مثل كايل ووكر وبنجامين ميندي».
ومع هذا، يبقى كيفين دي بروين الأروع من وجهة نظر الكثيرين، ومنهم نوليتو. وقال المهاجم الإسباني عنه: «إنه لاعب رائع، فهو يسجل أهدافاً ويبذل جهداً كبيراً ويملك جميع المهارات. إنه صغير السن، ومع هذا أثبت نفسه كواحد من أفضل لاعبي الدوري الإنجليزي. ومع هذا، إذا طلبت مني اختيار اللاعب الأفضل، سأختار سيلفا».
وأضاف: «سيلفا أشبه بساحر، لكنه لم يلق التقدير المناسب بعد. ولا يحصل على الإشادة التي يستحقها، ولا يتحدث الناس عنه، بينما يثيرون موجة من التصفيق حول آخرين. ربما لو كان إنجليزياً كان الحال سيختلف، لكنني أعتقد أن سيلفا أفضل لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز. ومع أنه لا يسجل معظم الأهداف، فإنه يفعل كل أسبوع ما يفعله لاعب آخر. ومع أن هناك لاعبين أقوياء ويتميزون بالقوة والسرعة، لكنهم لا يقدمون داخل الملعب ما يقدمه سيلفا، ولا يمكنهم التحرك داخل الملعب وكأن الكرة مربوطة بأقدامهم مثله. ولا يملكون رباطة جأشه لدى تمرير الكرة لزملائه».
نوليتو: مزحة عن الطقس جلبت لي المتاعب في إنجلترا
مهاجم مانشستر سيتي السابق يؤكد أن حنينه إلى الشمس أعاده لإسبانيا
نوليتو: مزحة عن الطقس جلبت لي المتاعب في إنجلترا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة