... ورحل راي ويلكنز أحد عظماء الكرة الإنجليزية

دافع عن ألوان 11 نادياً بينها تشيلسي ومانشستر يونايتد وميلان ورينجرز وباريس سان جيرمان

ويلكنز قاد المنتخب الانجليزي في بطولات دولية عدة («الشرق الأوسط»)
ويلكنز قاد المنتخب الانجليزي في بطولات دولية عدة («الشرق الأوسط»)
TT

... ورحل راي ويلكنز أحد عظماء الكرة الإنجليزية

ويلكنز قاد المنتخب الانجليزي في بطولات دولية عدة («الشرق الأوسط»)
ويلكنز قاد المنتخب الانجليزي في بطولات دولية عدة («الشرق الأوسط»)

أدرك كل من شاهد راي ويلكنز وهو يحمل شارة قيادة نادي تشيلسي، وهو في الثامنة عشرة من عمره، أنه سيكون له باع كبير في كرة القدم الإنجليزية. وبفضل رؤيته الغريزية للعبة ومهاراته الفائقة كان ويلكنز بالفعل يجعلك تشعر بأنه يلعب بكل أناقة وهدوء، والأهم من ذلك كله، أن لديه إحساساً مبكراً بالمسؤولية مكَّنَه من غرس كثير من الصفات الرائعة في الفريق الذي كان قد هبط للتو إلى القسم الثاني من الدوري الإنجليزي بشكله القديم.
كان ويلكنز يلعب كمهاجم كلاسيكي في عمق الملعب وكان من نوعية اللاعبين الذين يجعلونك تشعر بالمتعة والسعادة وأنت تشاهدهم. ونجح في قيادة تشيلسي إلى العودة للدوري الإنجليزي الممتاز في موسمه الثاني كقائد للفريق الذي كان يدربه آنذاك إيدي ماكريدي، الذي كان يضع ثقته في الشباب، قبل أن ينتقل ويلكنز بعد ذلك إلى أندية مانشستر يونايتد وميلان وباريس سان جيرمان وغلاسكو رينجرز الاسكوتلندي. وكان ويلكنز يحظى باحترام كبير في أي مكان يذهب إليه خلال تلك السنوات، وبالتحديد خلال الفترة بين منتصف السبعينات ونهاية الثمانينات من القرن الماضي.
رحل ويلكنز عن «أولد ترافورد» عام 1984 بعدما حصل على جائزة أفضل لاعب من قبل جمهور النادي، الذي كان يضم إلى جانبه لاعبين عظماء مثل بريان روبسون والهولندي أرنولد موهرين. كما ترك ويلكنز ذكرى رائعة مع نادي ميلان، الذي لعب له لمدة ثلاث سنوات خلال حقبة صعبة بالنسبة للفريق الإيطالي، ورحل عندما أعاد المالك الجديد للنادي آنذاك، سيلفيو برلسكوني، تشكيل الفريق حول مجموعة من اللاعبين الهولنديين في وقت لم يكن مسموح به سوى باثنين من اللاعبين الأجانب فقط. ولعب ويلكنز فترة محدودة مع نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، لكنه مع نادي غلاسكو رينجرز فاز بلقب الدوري الاسكوتلندي وبكى بحرقة أثناء الرحيل عن النادي وتوديع أنصار الفريق له.
وعلى المستوى الدولي، شارك ويلكنز في 84 مباراة مع منتخب إنجلترا - 10 منهم قائداً - تحت قيادة دون ريفي ورون غرينوود وبوبي روبسون. وفي وسط الملعب الذي كان يشهد منافسة حامية الوطيس بين لاعبين من أمثال بريان روبسون وغلين هودل وبيتر ريد، كان ويلكنز في كثير من الأحيان ضحية لهذا الشعور الفطري بالمسؤولية. وكثيراً ما كان ويلكنز يلعب في عمق الملعب ويلتزم بمركزه وبتعليمات مديره الفني ويلعب الكرة السهلة والبسيطة ويشجع اللاعبين الآخرين على التحرك بحرية واللعب بإبداع.
وبهذه الطريقة سمح ويلكنز لبعض المراقبين والمحللين بأن يقنعوا أنفسهم بأنه لاعب غير مبدع، بينما العكس هو الصحيح تماماً. وتم ترسيخ هذه الفكرة غير الصحيحة عندما أطلق عليه المدرب الإنجليزي رون أتكينسون لقب «السلطعون»، لأنه دائماً ما يمرر الكرات بعرض الملعب ولا يلعب للأمام. وفي الحقيقة، لن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي تتسبب فيها كلمات أتكينسون في المزيد من الضرر بصورة أكبر مما كان يقصده. لم يكن ويلكنز يحرز الكثير من الأهداف، لكن أهدافه لا تُنسَى، وما زال مشجعو مانشستر يونايتد يتذكرون الهدف الرائع الذي سجله بقدمه اليسرى في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أمام برايتون عام 1983، كما لا يزال جمهور غلاسكو رينجرز يتذكرون الهدف الجميل الذي أحرزه بقدمه اليمنى من خارج المنطقة بعدما لاحظ تقدم حارس مرمى الفريق المنافس عام 1988.
وقد أفسد ويلكنز مسيرته الكروية التي امتدت لعشر سنوات في إنجلترا في لحظة تهور لا تعبر عن صفاته الشخصية ودماثة خلقه على الإطلاق. فقد كان بريان روبسون، زميله السابق في مانشستر يونايتد، وويلكنز قد شاركا في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم عام 1986 في المكسيك كمحوري ارتكاز في وسط الملعب، وكان روبسون يحمل شارة القيادة، كما كان ويلكنز يأتي ثانياً في الترتيب بعد ذلك لحمل شارة قيادة المنتخب الإنجليزي. ومع ذلك، كان روبسون يعاني من خلع في الكتف قبل البطولة، وكانت الشكوك تحوم حول قدرته على اللحاق بالمونديال. وعندما تجددت الإصابة واضطر روبسون لمغادرة الملعب خلال المباراة الثانية لمنتخب إنجلترا في دور المجموعات ضد المغرب، كان من الواضح أنه لن يتمكن من استكمال البطولة.
أدى ذلك إلى شعور ويلكنز بالإحباط الشديد، وهو ما جعله يلقي الكرة على حكم المباراة بينما كان يناقشه في أحد القرارات، وهو ما جعل الحكم يشهر في وجهه البطاقة الحمراء، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها لاعب إنجليزي للطرد في نهائيات كأس العالم.
وقد جاء ويلكنز من أسرة تعشق كرة القدم في غرب العاصمة البريطانية لندن - كان والده يلعب مع برينتفورد ونوتنغهام فورست، وكان جميع أشقائه الثلاثة يلعبون بشكل احترافي - وكان ويلكنز متردداً في ترك مسيرته الكروية. وبعدما وصل لأعلى المستويات مع الأندية الكبرى والمنتخب الإنجليزي، تنقل ويلكنز في عدد من المحطات الأقل في المستوى، فانتقل إلى كوينز بارك رينجرز ثم إلى هيبرنيان الاسكوتلندي ثم إلى ويكومب واندررز، وميلوول، وفي النهاية إلى نادي ليتون أورينت، الذي اعتزل بين صفوفه بعدما خاض معه ثلاث مباريات وهو في الأربعين من عمره. وخاض ويلكنز نحو 700 مباراة في مع 11 نادياً في إنجلترا وإيطاليا وفرنسا واسكوتلندا، سجل خلالها 49 هدفاً.
وأمضى ويلكنز عامين كلاعب ومدرب في نفس الوقت لنادي كوينز بارك رينجرز، الذي قاده في الموسم الأول لاحتلال المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه هبط بالفريق في الموسم الثاني. وتولى ويلكنز القيادة الفنية لنادي فولهام وقاده للمباريات الفاصلة للصعود في دوري الدرجة الثالثة، قبل أن تتم إقالته من قبل مالك النادي محمد الفايد، الذي عين بدلاً منه كيفن كيغان. ثم عمل بعد ذلك مساعداً للمدير الفني في نادي تشيلسي في ثلاث فترات مختلفة.
في البداية مع جيانلوكا فيالي، ثم مع لويس فيليبي سكولاري، وأخيراً مع كارلو أنشيلوتي. وكان العمل في هذا الدور وفي هذه البيئة مناسباً تماماً لويلكنز، خصوصاً بعد وصول صديقه كارلو أنشيلوتي، زميله السابق في ميلان. ونجح أنشيلوتي وويلكنز معاً في موسم 2009 - 2010 في قيادة النادي للفوز بثنائية الدوري والكأس لأول مرة في تاريخ النادي.
وكتب أنشيلوتي في سيرته الذاتية يقول: «راي واحد من أولئك القلائل، والحاضرين دائماً، الذين لديهم روح نبيلة ويجري في عروقهم حب النادي». لكن في أحد الأيام في مركز تدريب النادي في كوبهام، وبعد بضعة أسابيع من انطلاق الموسم التالي، قيل له إن خدماته لم تعد مطلوبة. ولم يتم الإعلان عن سبب الإقالة مطلقاً، رغم التقارير التي تشير إلى أنه ربما قال شيئاً ما في حضور مالك النادي رومان أبراموفيتش. لكن هذا الأمر قد يكون غريباً للغاية، نظراً لأن ويلكنز مشهود له بدماثة الخلق والالتزام وبأنه شخص مهذب.
وفي سنواته الأخيرة، قدم ويلكنز مساهمات رائعة في تحليل المباريات في «سكاي سبورتس» و«توك سبورت»، لكنه اعترف، بعد منعه من قيادة السيارات لمدة أربع سنوات، بأنه يعاني من مشكلات بسبب تناول الكحوليات. كما كان يعانى من التهاب القولون التقرحي وخضع لعملية جراحية مزدوجة في القلب العام الماضي.
وعلى شاشات التلفزيون، كان ويلكنز يخاطب جمهوراً ليست لديه معرفة كبيرة بما قدمه كلاعب في أوج تألقه وعطائه داخل الملعب، ولم يره - مثل مالك النادي أبراموفيتش - وهو يحرز هدفاً خرافياً من منتصف الملعب في منتصف السبعينات من القرن الماضي، عندما استقبل الكرة التي شتتها حارس مرمى الفريق المنافس من منتصف الملعب ليودعها الشباك بشكل رائع.
كما لم يره وهو يلعب تمريرة رائعة من على حافة منطقة جزاء فريقه ويركض بسرعة شديدة ليستقبل التمريرة مرة أخرى، ويضع الكرة في الشباك برأسه. ولم يشاهد جمهور اليوم أيضاً ويلكنز وهو في بداية مسيرته الكروية كشابّ صاعد وهو يضع يده على كتف الحارس المخضرم لتشيلسي بيتر بونيتي ليواسيه على خطأ مأساوي ارتكبه في إحدى المباريات. كان هذا هو راي ويلكنز الحقيقي والرائع الذي يتعين علينا أن نتذكره دائماً.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».