كشف التعديل الحكومي، الذي جرى الأربعاء الماضي، في الجزائر، والذي أنهى مهام أربعة وزراء، خيبة أمل كبيرة في صفوف حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، الذي كانت قيادته تتمنى لو عزل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيس الوزراء أحمد أويحيى، واستبدل به شخصية من الحزب، على أساس أنه يملك الأغلبية، وبالتالي تعود له رئاسة الحكومة، فيما يعد الحزب الذي يقوده أويحيى القوة السياسية الثانية في البلاد.
وقال قيادي في «جبهة التحرير»، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن الأمين العام للحزب جمال ولد عباس لم تتم استشارته في التغيير الحكومي الذي أجراه بوتفليقة «وقد كان يتمنى لو أخذ برأيه في الموضوع لأنه يرى أن منصب رئيس الوزراء من حق الأغلبية، وإن كان الدستور لا يلزم الرئيس بذلك».
وجاء في المادة 91 من الدستور أن الرئيس يختار رئيس الوزراء بعد استشارة الأغلبية البرلمانية، وهو مَن ينهي مهامه. في حين تفيد المادة 93 بأن الرئيس يعين أعضاء الحكومة بعد استشارة رئيس الوزراء.
يُشار إلى أن الرئيس أبعد وزراء الرياضة والتجارة والسياحة والعلاقات مع البرلمان. وهو أول تغيير حكومي منذ تنحية رئيس الوزراء السابق عبد المجيد تبون في الخامس عشر من أغسطس (آب) الماضي.
ونشر قطاع من الإعلام أسماء وزراء قياديين في «جبهة التحرير»، كان يعتقد أنهم سيخلفون أويحيى في تعديل حكومي يجري الحديث عنه منذ مطلع العام. وأبرز الأسماء التي تم تداولها وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، وهو قيادي بارز في «جبهة التحرير». ووجدت مؤشرات لصالح تولي لوح رئاسة الوزراء، من بينها تكليفه من طرف الرئيس بمهام في الأسابيع الأخيرة، تعد من «اختصاص» أويحيى، كتمثيل الرئيس في نشاطات خارج البلاد، واستقبال مبعوثين أجانب.
غير أن عدم إلمام لوح بالملفات الاقتصادية الكبيرة يضعف حظوظه في قيادة الحكومة، قياساً إلى أويحيى المتمرس في شؤون تسيير الاقتصاد، بفضل الخبرة الطويلة التي اكتسبها في هذا المجال، على اعتبار أنه يرأس الحكومة للمرة الرابعة، وكانت الأولى عام 1995 تحت إشراف «الرئيس الجنرال» الأمين زروال.
و«أفلت» منصب رئيس الوزراء من «جبهة التحرير» منذ أن غادره عبد العزيز بلخادم، أمين عام «الجبهة» سابقاً عام 2013. وقد تعاقب على هذا المنصب شخصان قريبان من الحزب، لكنهما ليسا مناضلين قديمين فيه مقارنة ببلخادم، هما عبد المالك سلال وعبد المجيد تبون.
وشكلت عودة أويحيى إلى رئاسة الحكومة للمرة الثالثة في عهدة بوتفليقة صدمة لـ«الجبهويين»، ممن كانوا يعتقدون أن كون بوتفليقة رئيس «جبهة التحرير» يجعله يختار واحداً منها ليكون مساعده الأول في الجهاز التنفيذي. يشار إلى أن لوح يطمح منذ زمن بعيد إلى تولي قيادة الحزب، وله عدة أنصار في «اللجنة المركزية»، وتجمعه خصومة شخصية شديدة بولد عباس، الذي منع كل القياديين من المشاركة في برامج تلفزيونية، أو التصريح للصحافة في شأن يخص الحزب، من دون إذنه.
ويرجح قطاع من المراقبين استمرار أويحيى في منصبه إلى غاية انتخابات الرئاسة المرتقبة في أبريل (نيسان) من العام المقبل، فيما لا يستبعد قطاع آخر أن يكون هو مدير حملة الرئيس إذا ترشح لولاية خامسة. وهناك فرضية أخرى تتمثل في أن يكون أويحيى «مرشح النظام» للرئاسية في حال عزف بوتفليقة عن تمديد حكمه. لكن الشيء الثابت حاليا هو أن الجميع، معارضةً و«موالاةً»، لا يغامرون في تحديد موقفهم من سيناريو 2019، ما دام بوتفليقة لم يكشف عن خياره. بمعنى آخر، كل شيء لا يزال معلقاً على رغبة الرئيس بخصوص تمديد الحكم.
وينسب لأويحيى طموحه في رئاسة الدولة، لكنه يكبح هذه الرغبة وينفيها بشدة عندما يحدثه عنها صحافيون، لأنه يعلم أن أكثر ما يثير حساسية بوتفليقة هو أن يظهر على أي من مساعديه «طمع» في «الكرسي». وقد جربها علي بن فليس، رجل ثقته ورئيس حكومته عام 2003، فحصل الطلاق بينهما، ومنذ ذلك التاريخ أصبح بن فليس من ألد أعداء بوتفليقة.
الجزائر: خيبة أمل في «جبهة التحرير» بعد تجديد الثقة برئيس الوزراء
الجزائر: خيبة أمل في «جبهة التحرير» بعد تجديد الثقة برئيس الوزراء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة