دراسة مغربية تدعو إلى تطبيق المناصفة في الانتخابات المقبلة

لتجاوز «أزمة» وصول النساء إلى مناصب القرار

TT

دراسة مغربية تدعو إلى تطبيق المناصفة في الانتخابات المقبلة

خلصت دراسة حول تقييم تعزيز التمثيل السياسي للنساء في المغرب إلى وجود «أزمة وصول المرأة إلى مناصب صنع القرار»، وذلك بسبب ما وصفته «مقاومة أوساط السلطة الانفتاح المنصف على النساء»، اللواتي يشكلن 51 في المائة من سكان البلاد.
وكشفت الدراسة التي أنجزتها جمعية «جسور ملتقى النساء المغربيات»، بتعاون مع مؤسسة «فريديرش إيبرت» الألمانية وقدمت نتائجها أمس في الرباط، أن تمثيل المرأة في الهيئات القيادية للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية منخفض، حيث لا تتجاوز نسبة النساء 6 في المائة بين الأمناء العامين، وتسعة في المائة بين المفتشين العامين، و11 في المائة بين المديرين ورؤساء الأقسام، و16 في المائة بين السفراء. كما أن النساء يشغلن 20 في المائة فقط من المناصب القضائية (21 في المائة قاضيات و11.8 بين المدعين العامين).
وقالت الدراسة التي تهدف حسب معديها إلى توطيد الديمقراطية في المغرب من خلال تعزيز المساواة بين الجنسين، إنه رغم العشرات من الآليات القانونية والدستورية التي وضعت لتيسير ولوج المرأة إلى الساحة السياسية من قبيل اللوائح الوطنية، ونظام الحصص وصندوق الدعم، إلا أن تمثيل النساء لا يعكس حقيقة الحقوق الممنوحة لها بموجب دستور 2011. وعزت ذلك إلى عدم تنفيذ مبادئ الدستور، وتطبيق الأحكام القانونية غير المصحوبة بتدابير زجرية، والمشاركة الضعيفة للأحزاب السياسية، واعتماد الانتخابات على الأعيان وصعود التيار المحافظ، وتحفظ القضاة الدستوريين.
كما قدمت الدراسة أرقاما تثبت ضعف تمثيل النساء في الحكومة. فخلال 2011 كان لدى الحكومة وزيرة واحدة من أصل 30 وزيرا. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2013 عينت 6 وزيرات من أصل 39 وزيرا، وفي الحكومة الحالية وجد وزير واحدة و8 نساء كاتبات دولة من بين 39 وزيرا، بينما كان الوزراء الخمسة الذين جرى تعيينهم في يناير (كانون الثاني) الماضي إثر التعديل الحكومي رجالا.
وأقرت الدراسة بارتفاع نسب النساء المنتخبات في الانتخابات الجماعية والجهوية لعام 2015، إذ وصلت 37.61 في المائة، في حين لم تتجاوز النسبة 12.61 في المائة عام 2009. و0.54 في المائة عام 2003 إلا أنها سجلت أن 21 امرأة فقط من أصل 1538 وصلن لرئاسة الجماعات، معظمهن في القرى. وفي المقابل انتخبت امرأة واحدة رئيسة دائرة، ولم تنصب أي امرأة في رئاسة مجلس الجهة.
كما أبرزت الدراسة أن 13 امرأة فقط تحظى بمقعد في مجلس المستشارين من أصل 120 مقعدا، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع النسبة من 2.22 في المائة خلال الفترة ما بين 2009 و2015 إلى 10.83 في المائة عام 2017 إلا أن هذه الزيادة لا تعكس المشاركة الحقيقية للمرأة في التنمية الاقتصادية.
وأكدت الدراسة أنه «لا يوجد سبب يمكن أن يبرر تأجيل المساواة الفعلية بين المرأة والرجل إلى المستقبل، وقد حان الوقت للانتقال إلى الخطوة الحاسمة، وهي المناصفة باعتبارها حقا دستوريا يساهم في إدماج مبدأ المساواة في السلوك المجتمعي، وإجبار تغيير العقليات الأبوية التي تغذيها الأمية والتطرف الديني».
ولتحقيق هذه الغاية، أعلنت وفاء حجي، العضو المؤسس لمؤسسة «جسور - ملتقى النساء المغربيات»، عن إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تعزيز التمثيل السياسي للنساء في المغرب، بشراكة مع مؤسسة «فردريش إبيرت»، ويتمثل في حملة تعبئة للرأي العام وصانعي القرار في المغرب، استعدادا للانتخابات البرلمانية المقررة عام 2021. مشددة على أن «الظرفية الراهنة مواتية للترافع على حقوق النساء في تمثيلية سياسية مستوعبة، وبعيدة عن كل تسخير سياسي وانتخابي ضيق، يفرغ هذه الغاية من حمولتها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.