منظمتان حقوقيتان تلوحان بجر مسؤولين إسرائيليين إلى القضاء الدولي بتهمة قتل مدنيين

فلسطينيون يلوحون بالعلم فوق تل من إطارات السيارات قرب الحدود شرق خان يونس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يلوحون بالعلم فوق تل من إطارات السيارات قرب الحدود شرق خان يونس (أ.ف.ب)
TT

منظمتان حقوقيتان تلوحان بجر مسؤولين إسرائيليين إلى القضاء الدولي بتهمة قتل مدنيين

فلسطينيون يلوحون بالعلم فوق تل من إطارات السيارات قرب الحدود شرق خان يونس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يلوحون بالعلم فوق تل من إطارات السيارات قرب الحدود شرق خان يونس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي ذهب فيه وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إلى الحدود مع قطاع غزة، أمس الثلاثاء، وهدد مجدداً بإطلاق الرصاص الحي على المشاركين في مسيرة العودة السلمية، نشرت منظمتا حقوق الإنسان، «هيومن رايتس وتش» العالمية و«بتسيلم» الإسرائيلية، تقريرين يحذران حكومة بنيامين نتنياهو من أن إطلاق الرصاص على المدنيين غير قانوني، وقد يجر مسؤولين سياسيين وعسكريين في إسرائيل إلى القضاء الدولي. وكان ليبرمان قد وصل إلى محيط غزة والتقى الجنود والضباط وشجعهم على مواصلة قمع المتظاهرين الفلسطينيين، كما فعلوا في يوم الجمعة الماضي، حيث تم قتل 16 فلسطينيا وجرح أكثر من 1500. وقال لهم: «يجب إطلاق النار على كل من يقترب من السياج»، وطمأنهم بأن حكومته لن توافق على إجراء تحقيق دولي بأحداث تلك الجمعة».
وقد رد مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسيلم»، بأن أوامر ليبرمان لجيشه بإطلاق النار على المتظاهرين العزل الذين لا يشكلون خطرا هو أمر غير قانوني، وعلى حكومة إسرائيل وجيشها تغيير هذه الأوامر وعدم إطلاق النار على عزل، كما فعلت الأسبوع الماضي وقتلت 17 فلسطينيا وأصابت ما يزيد على 1300 آخرين جميعهم عزل بينهم أطفال ونساء وشيوخ. وأضافت «بتسيلم» أنه «لا توجد حالة قتال بين جنود مدجّجين بالسّلاح ومتظاهرين عزّل». وتابع: «تعليمات إطلاق النار المخالفة للقانون والانصياع لها، هما ما أدّيا إلى هذا العدد الكبير من الإصابات في قطاع غزة. والقضاء الدولي لن يتقبل هذا الأمر بصمت».
وكانت «بتسيلم» قال إن الكارثة الإنسانية المتواصلة في قطاع غزة جلّها من صُنع أيدي إسرائيل، فإذا شاءت يتغيّر الواقع هناك فوراً ويتحسّن وضع سكّان القطاع بشكل ملحوظ».
وأما «هيومن رايتس وتش» الحقوقية، فقد أوضحت بشكل مباشر أن «المسؤولين الإسرائيليين الذين يأمرون باستخدام القوة القاتلة غير المشروعة، سيتعرضون للملاحقة القضائية في المحافل الدولية». وحملت المسؤولين المذكورين المسؤولية عن الذين سقطوا الجمعة الماضية في غزة.
وأكدت المنظمة على أن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم أي دليل على أن إلقاء الحجارة وغيره من أعمال «عنف» من قبل بعض المتظاهرين، شكل تهددا خطيرا للجنود الإسرائيليين وراء السياج الحدودي. وشددت على أن العدد الكبير للوفيات والإصابات كان نتيجة متوقعة لقرار السماح للجنود باستخدام القوة القاتلة في حالات لا تهدد الحياة، بما ينتهك المعايير الدولية.
وقال إريك غولدستين، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة: «لم يكن الجنود الإسرائيليون يستخدمون القوة المفرطة فحسب، بل كانوا ينفذون، على ما يبدو، أوامر تكفل جميعها رداً عسكرياً دموياً على المظاهرات الفلسطينية».
وذكرت المنظمة أن أعمال القتل تسلط الضوء على أهمية قيام المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، بفتح تحقيق رسمي في الجرائم الدولية الجسيمة في فلسطين. وشددت المنظمة على أن «دخول منطقة محظورة ينبغي ألا يعتبر جريمة يُعاقب عليها بالقتل».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».