تراجع الإقبال في «رئاسية مصر» يُظهر أثر «ضعف التنافسية»

أنصار السيسي يحتفلون بفوزه لولاية ثانية في ميدان التحرير أول من أمس (أ.ف.ب)
أنصار السيسي يحتفلون بفوزه لولاية ثانية في ميدان التحرير أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تراجع الإقبال في «رئاسية مصر» يُظهر أثر «ضعف التنافسية»

أنصار السيسي يحتفلون بفوزه لولاية ثانية في ميدان التحرير أول من أمس (أ.ف.ب)
أنصار السيسي يحتفلون بفوزه لولاية ثانية في ميدان التحرير أول من أمس (أ.ف.ب)

بإعلان «الهيئة الوطنية للانتخابات» في مصر، أول من أمس، النتائج الرسمية والنهائية للاستحقاق الرئاسي الذي أسفر عن فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثانية تمتد لأربع سنوات مقبلة بعد حصوله على 97.08 في المائة من الأصوات الصحيحة، اتضحت مؤشرات تفيد بتراجع معدلات الإقبال على التصويت.
وفي بلد مثل مصر التي كان يحق لنحو 60 مليون شخص من مواطنيها التصويت في الانتخابات الأخيرة، بدا مثيراً للانتباه أن إجمالي من شاركوا في «رئاسية 2018» بلغ 24.2 مليون ناخب، وكان من بينهم 22.4 مليون صوت صحيح، وبنسبة حضور 41.5 في المائة، وهي أرقام تبدو مقبولة للوهلة الأولى، غير أنها تشي بالتراجع عند مقارنة النسب الأحدث بمثيلتها عام 2014 والتي خاضها السيسي، في مواجهة السياسي الناصري، حمدين صباحي، والتي استطاعت جذب 25.2 مليون ناخب من بينهم 24.5 مليون ناخب، وبنسبة حضور 47.4 في المائة فيما كان يحق آنذاك (قبل 4 أعوام) لنحو 54 مليون ناخب التصويت.
التراجع في نسب الإقبال انسحب بدوره على معدلات التصويت لصالح الرئيس، وتحديداً في قاعدة المؤيدين الذين عبروا عن موقفهم عبر الصندوق الانتخابي، ورغم أن النسبة التي حازها السيسي في الاستحقاقين (2014 و2018) تكاد تكون نفسها وتساوي 97 في المائة، لكنها في الأولى عبرت عن أصوات 23.7 مليون ناخب مؤيد، وفي الثانية الأحدث مثلت أصوات 21.8 مليون صوت، بتناقص في قاعدة المؤيدين عبر صندوق الانتخاب يقدر بمليون و900 ألف ناخب.
مستشار مركز الأهرام للدراسات الدكتور، جمال عبد الجواد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن نتائج المؤشرات التي أثمرتها الانتخابات يمكن تصنيفها بـ«الطبيعية»، وشرح أن «الاستحقاق الماضي الذي أعقب (ثورة 30 يونيو «حزيران»)، شهد معدلات مرتفعة للتصويت، وهي سمة طبيعية في كل الانتخابات التي تعقب فترات التحول السياسي، في حين يتراجع الإقبال تدريجياً في الاستحقاق الذي يليه».
ورغم أنه عدّها «طبيعية»، لكن عبد الجواد لم يستبعد عامل «ضعف المنافس، أمام الرئيس السيسي، باعتبار أن المؤيدين للرئيس لم يستشعروا تهديداً على احتفاظه بمنصبه، وكذلك فقد كانت نتائج الانتخابات تكاد تكون معروفة سلفاً».
وقبل أسبوع تقريباً من إجراء الانتخابات الرئاسية، أقر السيسي بأن الانتخابات تتسم بـ«ضعف التنافسية»، وقال في لقاء تلفزيوني: «كنت أتمنى لو كان هناك أكثر من مرشح، لكن ليس لي ذنب في ذلك إطلاقاً»، وزاد قائلاً: «كنت أتمنى أن يكون لدينا حتى 10 مرشحين».
وبشأن «تراجع نسبة من أيدوا السيسي عبر صندوق الانتخاب» قال عبد الجواد، إنه «متأكد من تراجع شعبية الرئيس في أوساط مؤيديه، بسبب القرارات الاقتصادية الصعبة التي في مقدمتها تحرير سعر صرف العملة المحلية، وهي مسألة أقر بها السيسي أيضاً عند حديثه عن يقينه في أن تلك السياسات المتعلقة بتراجع الدعم وغيرها لا تحظى بتأييد قطاع واسع يعاني على إثرها، رغم يقينه في صحتها وضرورتها».
وواصل عبد الجواد «رغم تراجع الشعبية، والقرارات صعبة الأثر، تظل الأصوات التي نالها السيسي في الانتخابات الأخيرة، تأكيدا على تفهم قطاع ليس بالقليل من الناخبين لصحة توجهاته في المرحلة السابقة، وهي معدلات دفعت السيسي للتعبير عن سعادته في أول كلمة ألقاها بعد إعلان النتائج، التي عدّها دعماً برغم أي تحفظات أو انتقادات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».