مباراة ستوكبورت ودونكاستر استمرت 203 دقائق ولم يوقفها سوى الظلام

عندما كان القانون يقضي باستمرار اللعب في حالة التعادل ولا توجد هناك نهاية للوقت الإضافي

لقطة من مباراة ستوكبورت ودونكاستر قبل 72 عامًا والتي استمرت 203 دقائق
لقطة من مباراة ستوكبورت ودونكاستر قبل 72 عامًا والتي استمرت 203 دقائق
TT

مباراة ستوكبورت ودونكاستر استمرت 203 دقائق ولم يوقفها سوى الظلام

لقطة من مباراة ستوكبورت ودونكاستر قبل 72 عامًا والتي استمرت 203 دقائق
لقطة من مباراة ستوكبورت ودونكاستر قبل 72 عامًا والتي استمرت 203 دقائق

خلال الحرب العالمية الثانية، استمرت منافسات كرة القدم الإنجليزية بطريقة غير منتظمة، وفوضوية إلى حد ما، وأصبح التنظيم أكثر صعوبة عندما كان كل رجل يقدر على القتال - وبالتالي يقدر على اللعب - ينضم إلى القوات المسلحة، أو على أقل تقدير، ينضم للعمل في وظيفة بدوام كامل. وتم تجنب كافة التعقيدات غير الضرورية، وأقيمت المسابقات على المستوى الإقليمي وبسرعة كبيرة.
وفي عام 1940 فاز نادي وستهام يونايتد بكأس رابطة كرة القدم أثناء الحرب، وهي البطولة التي كانت تلعب من 137 مباراة في غضون تسعة أسابيع فقط. لكن المسؤولين عن تلك المسابقة رأوا أن إعادة المباريات التي تنتهي بالتعادل تعد شكلا من أشكال تعقيد الأمور دون داع. وفي العام التالي، كان يتم احتساب نتيجة المباراة التي تنتهي بالتعادل لصالح الفريق صاحب السجل الأفضل في المسابقة، لكن ذلك تسبب في حالة من الجدل وعدم الرضا أيضا.
وفي هذه الأثناء، لجأ كأس لانكشاير إلى تجربة طريقة جديدة لتسوية الخلاف حول المباريات التي تنتهي بالتعادل في المسابقات، وقرر ببساطة ألا تتوقف المباراة حتى يسجل أحد الفريقين هدف الفوز. وفي المرة الأولى التي يجرب فيها هذا الأمر، فاز بيرنلي على إيفرتون من دون قدر كبير من الوقت أو الجهد الإضافي، واعتبرت التجربة ناجحة. وفي عام 1942 تم تبني قاعدة «اللعب حتى إحراز أي فريق لهدف الفوز» في مسابقة «كأس الحرب»، واستمر العمل به خلال السنوات القليلة التالية - على الرغم من عدم استخدامه كثيراً - في مجموعة متنوعة من منافسات خروج المغلوب في كل من إنجلترا واسكوتلندا. ومن حين لآخر، كان يتم اقتراح تغيرات ساذجة وبلهاء، ففي موسم 1942-1943 لما كان يسمى بكأس الجنوب، كانت نتيجة المباراة تحتسب بعد مرور 20 دقيقة من الوقت الإضافي لصالح الفريق الذي يسجل هدفا أو يحصل على ركلة ركنية أولا.
ومع ذلك، كانت هناك مشكلة متأصلة في هذا النظام، حيث ذكرت صحيفة «ليفربول إيكو» في أبريل (نيسان) عام 1944 أنه «كان هناك دائما خطر يتمثل في أن الفريقين يرون في بعض الأحيان أن النهاية لن تأتي مطلقا». وفي مباراة أخرى في كأس لانكشاير، بين ليفربول وإيفرتون هذه المرة، حسب صحيفة «ليفربول إيكو»، فإنه «بعد مرور 130 دقيقة، كان لدينا مشهد لا ينسى للمديرين الفنيين ومساعديهم من كلا الجانبين وهم يتحدثون مع اللاعبين والحكم بجانب خط التماس من أجل إيجاد حل لاستمرار المباراة بهذا الشكل. واقترح ليفربول اللجوء إلى القرعة، لكن لاعبي إيفرتون، الذين كانوا على ما يبدوا أقل إرهاقا، أصروا على مواصلة اللعب. ولإبقاء الأمور ضمن الحدود المعقولة، أصدر والتر كارترايت الذي يمثل اتحاد لانكشاير لكرة القدم تعليمات للحكم بإنهاء المباراة إذا لم يسجل أي من الفريقين هدفا خلال الدقائق الخمس التالية. وبالفعل لم يسجل أي من الفريقين، وأنهى الحكم اللقاء».
في الحقيقة، كانت الأمور تتسم بالفوضى الشديدة، إذ كانت المباراة تُلعب بينما كانت هناك مناقشات بجانب خطوط التماس بين أشخاص يحاولون ارتجال أي طريقة لإنهائها ثم تنتهي المباراة بالفعل عندما يأخذ مسؤول محلي من اتحاد اللعبة على عاتقه تغيير قواعد المسابقة لجعلها أقل إرهاقا.
وقالت صحيفة «ليفربول إيكو»: «علينا أن نتذكر أن جميع اللاعبين كانوا إما في القوات المسلحة وإما العمل، وبالتالي لا تقام أي منافسات قبل منتصف النهار. وكان الكثير من اللاعبين المدنيين يذهبون إلى عمل صباحي قبل المباراة، في حين كان اللاعبون المنضمون للخدمة كثيرا ما يضطرون للقيام بمهامهم في الصباح قبل الخروج من المعسكر. وأعرف حالات كثيرة قام فيها لاعبون في الخدمة بتمارين مرهقة، وكانوا يقفون معظم فترات الطريق أثناء رحلتهم بالقطار أو الحافلة إلى المباراة، وغالباً لم يكن لديهم ما يأكلونه، ثم يتعرضون للانتقادات من قبل أولئك الذين لا يعرفون شيئا عما يحدث».
وفي كأس الحرب في الموسم التالي، استمرت مباراة بين كارديف سيتي وبريستول سيتي - بعيدا عن فترة الاستراحة بين أشواط المباراة - ثلاث ساعات و20 دقيقة قبل أن يستفيد بيل ريس من خطأ لحارس المرمى ويحرز هدف الفوز لفريقه. وقالت صحيفة «ويسترن ميل»: «عم الهرج والمرج في ملعب المباراة، حيث اقتحم الجمهور الكبير الذي كان يصل عدده إلى أكثر من 20 ألف متفرج ملعب المباراة وسط أجواء من الإثارة والتوتر وحمل اللاعبين على الأكتاف».
وأضافت الصحيفة: «عانى لاعبو الفريقين بشدة بسبب هذا الماراثون الطويل الذي لم يكن يبدو أن هناك نهاية له، وظننا أن كل فريق قد خارت قواه بالفعل لكن كل فريق حرص على وضع أكبر قدر ممكن من الطاقة في لاعبيه الذين ظهروا وكأنهم أبطال خارقون يتحملون ما لا يتحمله البشر. وأنا على يقين من أنه بعد هذه التجربة سوف يكون المسؤولون حذرين بشأن استمرار العمل بقانون يضع مثل هذه الضغوط البدنية والعقلية على اللاعبين والجمهور. وأنا أعلم جيدا أن قاعدة (اللعب حتى النهاية) ليست سوى إجراء مرتبط بفترة الحرب، لكن من أجل مصلحة اللعبة يجب إلغاؤه على الفور».
وأصر مراسل صحيفة «ويسترن ميل» على أن هذه المباراة كانت «اختباراً للقدرة على التحمل وستظل دائما موجودة ضمن الأرقام القياسية للعبة». لكن في واقع الأمر، لم تستمر هذه المباراة ضمن الأرقام القياسية للعبة طويلا، حيث حل بدلا منها مباراة أخرى بعد 12 شهرا فقط.
ففي 30 مارس (آذار) عام 1946 استضاف نادي ستوكبورت كاونتي نادي دونكاستر روفرز في مباراة الإياب لدوري كأس الشمال الثالث. وانتهت المباراة الأولى بالتعادل بهدفين لكل فريق، وهي نفس النتيجة التي انتهت بها مباراة العودة، ولذا لعب الفريقان وقتاً إضافياً ولم يسجل خلاله أي من الفريقين هدفا وبالتالي استمر اللعب طويلا.
وبعد مرور أقل من ثلاث ساعات، حول لي كوكر، مهاجم ستوكبورت، الكرة إلى داخل المرمى ونزل الجمهور إلى أرض الملعب قبل أن يسمع صافرة نهاية المباراة. لكن حكم المباراة، الذي كان يدعى بيكر من منطقة كرو، قد اكتشف أن الهدف جاء من لمسة يد واضحة، وبالتالي ألغى الهدف وقرر استكمال المباراة. وكتبت صحيفة «يوركشاير بوست» تقول: «في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء، كان اللاعبون ينهارون من الإرهاق وكان الجمهور يطالب الحكم بإيقاف المباراة». وفي النهاية، توقفت المباراة بسبب تلاشي ضوء الشمس وحلول الظلام، تماما كما تلاشى حماس الجميع».
وأضافت الصحيفة: «وأخيرا وبسبب تلاشي ضوء الشمس والأدخنة القادمة من قطارات السكك الحديدية القريبة، رأى حكم اللقاء أن الضوء أصبح خافتا بالدرجة التي لن تسمح باستكمال المباراة، وأنهى المباراة ليسقط الـ22 لاعبا والثلاثة حكام المرهقين على أرضية الملعب». وخلال 203 دقيقة، بعيدا عن الفواصل، دخلت هذه المباراة سجلات الأرقام القياسية بفارق ثلاث دقائق عن مباراة كارديف. وطُلب من الفريقين إجراء عملية القرعة لمعرفة الفريق الذي سيستضيف مباراة الإعادة، وفاز نادي دونكاستر في القرعة، والتقى الفريقان مرة أخرى بعد أربعة أيام. وبعد ما يقرب من 400 دقيقة، تم فض الاشتباك بين الفريقين نهائياً، حيث سجل رالف ماديسون ثلاثة أهداف ليفوز دونكاستر بأربعة أهداف مقابل لا شيء، وسط انتقادات واسعة النطاق، حيث كتبت صحيفة «الغارديان» في تقريرها عن تلك المباراة تقول: «لا شيء يمكن أن يكون أكثر سخافة من ذلك». ولم يستمر العمل بقانون «اللعب حتى النهاية» سوى لبضعة أشهر بعد ذلك.


مقالات ذات صلة

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

رياضة عربية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى المملكة العربية السعودية، بعد الفوز بتنظيم «كأس العالم 2034».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (رويترز)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على «البريميرليغ»

قال ماريسكا إنه ولاعبي تشيلسي لا يشعرون بأنهم دخلوا في إطار المنافسة على لقب «البريميرليغ» بعد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)

أموريم: يونايتد بكامل جاهزيته لمواجهة سيتي

ربما يستعين روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد بالمدافع المخضرم جوني إيفانز، عندما يسافر الفريق عبر المدينة لمواجهة مانشستر سيتي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير (إ.ب.أ)

بوستيكوغلو: توتنهام بحاجة للاعبين ملتزمين

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إنه لا يخشى انتقاد لاعبيه قبل مواجهة ساوثهامبتون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنطونيو كونتي مدرب نابولي (أ.ب)

كونتي: علينا مواصلة العمل

قال أنطونيو كونتي مدرب نابولي إنه يريد من الفريق رد الفعل نفسه الذي يقدمه عند الفوز.

«الشرق الأوسط» (نابولي)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».