الكتل السنية تتبرأ من «داعش».. تمهيدا لإجراء حوار مع جماعة الحراك الشعبي

مصدر سياسي مطلع: تسعى لطمأنة واشنطن والزعامات الشيعية

الكتل السنية تتبرأ من «داعش».. تمهيدا لإجراء حوار مع جماعة الحراك الشعبي
TT

الكتل السنية تتبرأ من «داعش».. تمهيدا لإجراء حوار مع جماعة الحراك الشعبي

الكتل السنية تتبرأ من «داعش».. تمهيدا لإجراء حوار مع جماعة الحراك الشعبي

أعلنت كتلة «متحدون» بزعامة رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، وهي كبرى الكتل السنية في البرلمان العراقي (33 مقعدا)، وقوفها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) ومنهجه التكفيري، في وقت بدأت فيه مساع حثيثة في كل من عمان وأربيل لعزل التنظيم عن باقي جماعات الحراك الشعبي، بهدف استثمار الضغط الذي بدأت تمارسه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما حيال حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
وقال بيان صادر عن النجيفي إنه لدى استقباله مجموعة من علماء الدين يمثلون المجمع الفقهي ومجلس علماء المسلمين والحراك الوطني: «ألقى كلمة، شدد فيها على أنه وائتلاف (متحدون) بقادته وجماهيره ضد (داعش) ومنهجه التكفيري، وعلى الجميع أن يكون لهم موقف واضح وقوي من جرائمهم». وشرح النجيفي: «العمل الدائب الذي قام به خلال الأيام القليلة الماضية واتصالاته ولقاءاته بقادة الدول واجتماعاته بالكتل السياسية وقادتها - تمخضت عن فهم مشترك بضرورة التغيير والعمل على البدء بمنهج لا يتضمن إقصاء أو تهميش أحد». وأوضح البيان أن النجيفي «ركز في اتصالاته مع القادة الأميركيين على ضرورة حماية المدنيين في أي عمل عسكري محتمل، وألا يقود هذا العمل إلى إلحاق الضرر بالمواطنين ومدنهم والبنية التحتية، كما أن الاعتماد على العمل العسكري ينبغي أن يترافق مع حلول سياسية قادرة على معالجة الأسباب ومنع استمرارها، ودون ذلك فإن البلد يتجه إلى ما لا تحمد عقباه». وخاطب النجيفي العلماء بالقول: «هناك محاولات خائبة تستهدف الربط بين أبناء السنة والإرهاب، علما بأن المكون السني هو المتضرر الأكبر من جرائم الإرهاب وهو المرشح أكثر من أي جهة أخرى لمحاربته وطرده من العراق، وهذه مهمة مشتركة ينبغي لنا التعاون لتحقيقها».
وفي هذا السياق، أكد القيادي بكتلة «متحدون»، عصام العبيدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «أهل المناطق الغربية من البلاد هم الذين يدفعون ثمن الجرائم التي ترتكبها عصابات (داعش) وكل التنظيمات الإرهابية التي طالما حذرنا منها الحكومة التي فشلت في تأمين الحدود الدولية للبلاد، مما جعلها ممرا لكل العصابات والميليشيات الذاهبة إلى سوريا بحجة الدفاع عن المقدسات، والآتية منها بطرق وأساليب شتى». وأضاف العبيدي أن «المناطق الغربية من البلاد، بمحافظاتها الست، قامت منذ سنتين بمظاهرات واحتجاجات سلمية من أجل مطالب مشروعة، تعاملت معها الحكومة إما بالحديد والنار مثلما حصل في الحويجة وإما بالتجاهل التام مثلما حصل لباقي ساحات الاعتصام من الفلوجة والرمادي حتى الموصل مرورا بسامراء وديالى وكركوك وبغداد». وأكد العبيدي أن «محاولات خلط الأوراق التي يتقنها البعض من خلال جعل كل شيء مرتبط بـ(داعش) أمر لا يمكن السكوت عنه، ومن ثملا بد من التمييز بين العصابات الإجرامية وبين أصحاب المطالب المشروعة».
من جهته، أكد سياسي عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، أن «القيادات السنية بدأت تدرك الآن أن عليها أن تكون أكثر حذرا مما يحاك بشأن حراكها الشعبي وربطه بالإرهاب، باعتبار أن الحرب ضد (داعش) يجب أن تشمل الجميع من منظور بعض القيادات العراقية»، مشيرا إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية تبدو اليوم أكثر تفهما من أي وقت مضى لمطالب العرب السنة، وهو ما جعل الرئيس الأميركي يتردد في الكيفية التي يمكنه بها التدخل لصد (داعش)». وأضاف السياسي المطلع أن «الإدارة الأميركية استمعت خلال الآونة الأخيرة إلى نصائح من زعامات عربية وعراقية بشأن الأوضاع في العراق، وهو ما جعل القيادات السنية أمام خيارات جديدة؛ من أبرزها الإعلان بشكل صريح عن رفض (داعش) لكي تتشجع الإدارة الأميركية في محاربتها من ناحية والضغط على (رئيس الوزراء نوري) المالكي لتحقيق شراكة أكبر، في وقت تسعى فيه هذه القيادات إلى استثمار ما حصل في الموصل وصلاح الدين في التفاهم مع قيادات (التحالف الوطني) باستبدال المالكي؛ إما على صعيد تشكيل حكومة إنقاذ وإما الحيلولة دون حصوله على ولاية ثالثة». ويخشى السياسي العراقي المطلع من أن «يكون التدخل الإيراني - الروسي لصالح المالكي مقابل التردد الأميركي بمثابة إطالة أمد النزاع وربما تكرار السيناريو السوري في العراق، وهو ما كثف الاتصالات بين قيادات سنية وأخرى كردية مع إيصال رسائل لقيادات شيعية بارزة من أجل حسم الاختيار على صعيد الحكومة المقبلة، الاتصالات تجرى بين أربيل وعمان وبغداد، وذلك بهدف حث الكثير من جماعات الحراك الشعبي وبعض رجال الدين على إعلان التزام واضح ضد (داعش) لإقناع الإدارة الأميركية بعدم وقوف أحد مع الإرهاب وكذلك طمأنة الزعامات الشيعية التي تختلف مع المالكي إلى أن شركاءها السنة هم ضد (داعش) بشكل واضح وبقوة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».