باري دوغلاس... من عامل إصلاح مبردات إلى منتخب اسكوتلندا

الظهير الأيسر مرشح للعب في الدوري الممتاز في حال تأهل وولفرهامبتون الموسم المقبل

الاسكوتلندي باري دوغلاس (يمين) في مواجهة المجر الثلاثاء الماضي (أ.ب)
الاسكوتلندي باري دوغلاس (يمين) في مواجهة المجر الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

باري دوغلاس... من عامل إصلاح مبردات إلى منتخب اسكوتلندا

الاسكوتلندي باري دوغلاس (يمين) في مواجهة المجر الثلاثاء الماضي (أ.ب)
الاسكوتلندي باري دوغلاس (يمين) في مواجهة المجر الثلاثاء الماضي (أ.ب)

يجري تصوير وولفرهامبتون وندررز باعتباره أبرز أندية دوري الدرجة الأولى (تشامبيون شيب) والبطل المتوقع، لكن ثمة قصة رائعة وراء ذلك. وشهد الثلاثاء الماضي مشاركة باري دوغلاس، 28 عاماً، للمرة الأولى في صفوف المنتخب الاسكوتلندي أمام المجر.
وفي فترة ماضية، كان دوغلاس في صفوف فريق هامبدين بارك، وشارك على امتداد موسمين كاملين في صفوف كوينز بارك، نادي الهواة المنتمي إلى الأدوار الدنيا من بطولة الدوري الاسكوتلندي، قبل أن ينتقل إلى دندي يونايتد ليبدأ مسيرة تبدو جديرة بالاحتفاء بها حتى من قبل أن يصل إلى الآفاق المأمولة. وثمة تفاصيل رائعة تكمن خلف سطور هذه القصة. كان دوغلاس قد شارك في تدريبات ما قبل انطلاق الموسم مع كوينز بارك بناءً على دعوة تلقاها من المدرب الذي انبهر بموهبته عندما كان يشارك في مباراة خماسية مع أصدقائه. ولم تطرأ على ذهن دوغلاس قط أحلام الصعود والترقي، الأمر الذي غرسته فيه نشأته في بناية متواضعة في منطقة بولوك القاسية في غلاسكو وبعض التوجيهات الصارمة من أفراد أسرته.
وعن حياته، قال الظهير الأيسر: «كنت أخوض تدريباً للعمل بمجال إصلاح المبردات وأجهزة تكييف الهواء. وحانت أمامي فرصة المشاركة بدوام كامل في كوينز بارك، لكن جدي دائماً ما كان يقول لي: (احرص على أن تكون لك مهنة تستند إليها). وعليه، مضيت في التدريب المهني». وأضاف: «كان دائماً لدي طموح. ودائماً ما اعتقدت أنني جيد بما يكفي لممارسة كرة القدم الاحترافية، لكن الأمر برمته ارتبط بالحصول على إجازة، ثم المشاركة على أعلى مستوى ممكن».
منذ عقد مضى، كان دوغلاس يضطر للاستيقاظ في الخامسة صباحاً والاستمرار في العمل أحياناً حتى السادسة مساءً. وفي بعض الأيام، كان يضطر للانتقال بالسيارة مباشرة من العمل إلى التدريب. وعن هذا، قال: «بفضل هذه الأيام، كلما حققت أمراً في عالم كرة القدم أشعر بامتنان بالغ لذلك. إنني لا أتعامل مع أي شيء باعتباره مضموناً لأنني خبرت العالم الواقعي جيداً وأدرك تماماً كيف تسير به الأمور». وقال: «في أي وقت أقابل شخص يرتبط بالفترة التي خضت خلالها التدريب المهني، أتوقف لتبادل الحديث معه. ومن الرائع دوماً الإبقاء على صلاتي بهذا العالم، ولا أنوي تغيير أي شيء في نهج حياتي الراهن. إنني في وضع ممتاز فيما يخص كرة القدم وربما يستمر ذلك لفترة طويلة. وحتى اليوم، لا تعتبر مسرتي المهنية بالرديئة».
يبدو واضحاً تميز دوغلاس بالتواضع، رغم مكانته كواحد من أفضل لاعبي وولفرهامبتون وندررز خلال الموسم الحالي - فريق يبدو في طريقه نحو الصعود إلى الدوري الممتاز. يذكر أنه لدى رحيله عن دندي يونايتد عام 2013، انضم دوغلاس إلى فريق ليخ بوزنان البولندي. وأعقب ذلك حصده للقب الدوري البولندي وبطولة كأس والمشاركة الأوروبية. وبذلك، يعتبر دوغلاس من أوائل اللاعبين الاسكوتلنديين الذين يحالفهم النجاح داخل دولة أجنبية.
من جانبه، قال اللاعب: «كانت تلك مجرد فرصة بالنسبة لي. وقد ذهبت لمشاهدة المنشآت والتجهيزات وكانت ممتازة، ثم رغبت في إثبات نفسي وقدرتي على النجاح. ثمة نموذج نمطي عن اللاعب الاسكوتلندي أو البريطاني باعتباره يعجز عن النجاح في الخارج. ورغبت من جانبي أن أثبت خطأ هذه الرؤية. لقد كان نادياً كبيراً، ولم أدرك مدى عظمته الحقيقية سوى لدى مشاركتي في صفوفه. أعتقد أن جزءا كبيرا من الأمر يتعلق بالخيارات المتاحة. ربما فرص الانتقال إلى الخارج غير متوافرة أمام الصبية الاسكوتلنديين، ولذاك يصبح من الأسهل أمامهم الانتقال إلى إنجلترا للمشاركة في الأدوار الأدنى من الدوري. عن نفسي، عدت من الخارج أكثر ثقة في قدراتي. لقد عايشت أوقاتاً رائعة فيما يتعلق بكرة القدم والحياة بوجه عام، لكن كان من الرائع كذلك العودة لأصبح جزءا من مشروع وولفرهامبتون وندررز. ولا أعتقد أن أحداً توقع منا مثل هذا الإنجاز، رغم أننا في حقيقة الأمر لم نحقق أي شيء فعلياً بعد. لقد كنت مدركاً لحقيقة طموحاتهم وعلمت أنهم سيلعبون بجدية وعلى نحو يلائم أسلوبي في اللعب».
فيما بين المشاركة مع بوزنان والانتقال مقابل 750.000 يورو إلى وولفرهامبتون، قضى دوغلاس فترة في تركيا في صفوف نادي قونيا سبور. ومن جديد، نجح دوغلاس في التألق أوروبيا. وعن هذا، قال: «في الواقع، لقد استمتعت بالسفر، واستمتعت بالمغامرة وخروجي عن الدائرة المألوفة لي. ومن جديد، عندما لاحت أمامي الفرصة قلت في نفسي: ولم لا. كان هذا أسلوباً مختلفاً في كرة القدم، خاصة أنه ليس بإمكان المرء ممارسة الضغط على الخصم طيلة 90 دقيقة في ظل مثل تلك الحرارة المرتفعة. وعليه، كانت تجربة تعلمت منها الكثير».
ورغم أن المدربين الاسكوتلنديين أخفقوا في الالتفات إلى موهبته، فإن دوغلاس ليس من النوع الذي يتوقف كثيراً عند مثل هذه الأمور. وأكد اللاعب أنه: «لم أركز كثيراً على هذا الأمر في الحقيقة. وربما كنت بعيداً بعض الشيء عن الأنظار والأذهان هنا، فالمرء لا يحصل على تغطية إعلامية كبيرة عندما يلعب خارج البلاد، لكن هذا الأمر لم يثر قلقي قط. وكنت دوماً لأشعر بالفخر إزاء استدعائي للمشاركة في المنتخب وكنت سعيداً بترك الأمور تسير كما شاء لها القدر».
ويضحك دوغلاس عندما يمعن النظر في حقيقة أن اثنين من أفضل اللاعبين الاسكوتلنديين - كيران تيرني وآندي روبرتسون - كانا يلعبان في مركز الظهير الأيسر. وبسبب إصابة تيرني، فإن دوغلاس شارك أمام المجر الثلاثاء الماضي. وعن ذلك الأمر، أكد دوغلاس: «لدي رغبة في التدريب واللعب مع أفضل اللاعبين، لذا لن يضرني شيء إذا ما تدربت مع هؤلاء اللاعبين، فأنت تلعب لصالح بلادك في أي وقت تحين أمامك الفرصة لذلك. وإذا طلبت مني المشاركة، سأحرص على التأقلم مع أي دور يوكل إلي». وبعد ذلك، يواجه دوغلاس تحدي الصعود مع وولفرهامبتون وندررز إلى الدوري الممتاز للمرة الأولى منذ عام 2012، وعن هذا، قال: «الأمر لا يتعلق بالفوز فقط، وإنما كيفية تحقيقه. لقد قدمنا بعض المباريات الجيدة، وهذا أمر أستمتع به كثيراً».


مقالات ذات صلة

رياضة عالمية نيكولاس جاكسون يحرز هدف تشيلسي الثاني في مرمى برنتفورد (رويترز)

البريمرليغ: تشيلسي يقترب من ليفربول... وصحوة توتنهام

واصل تشيلسي نتائجه الجيدة على ملعب «ستامفورد بريدج» بقيادة مدربه الجديد الإيطالي إنزو ماريسكا، محققاً فوزه الخامس توالياً على حساب ضيفه برنتفورد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عربية نهضة بركان يحلق في صدارة مجموعته بالكونفدرالية الأفريقية (نادي نهضة بركان)

«الكونفدرالية الأفريقية»: نهضة بركان يحلق في الصدارة... واتحاد الجزائر يستعرض بثلاثية

فاز فريق نهضة بركان بشق الأنفس على ضيفه الملعب المالي بنتيجة 1 - صفر في الجولة الثالثة بالمجموعة الثانية لكأس الكونفدرالية الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (بركان)
رياضة عالمية سيموني إنزاغي مدرب إنتر ميلان (رويترز)

إنزاغي: أرشح لاتسيو للمنافسة على لقب الدوري الإيطالي

يعتقد سيموني إنزاغي مدرب إنتر ميلان أن ناديه السابق لاتسيو بإمكانه المنافسة على لقب الدوري الإيطالي.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية لايبزيغ هزم ضيفه آينتراخت فرنكفورت (إ.ب.أ)

البوندسليغا: لايبزيغ يهزم فرنكفورت ويحرمه من الوصافة

فاز لايبزيغ على ضيفه آينتراخت فرنكفورت 1-2، الأحد، ضمن منافسات الجولة 14 من الدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليغا).

«الشرق الأوسط» (لايبزيغ)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».