كريستينا فيدلسكايا... وفن الطبقات المتعددة

أكدت في مجموعتها الأخيرة قدرة عجيبة على مزج الألوان الهادئة في تصاميم عصرية مفعمة بالأنوثة
أكدت في مجموعتها الأخيرة قدرة عجيبة على مزج الألوان الهادئة في تصاميم عصرية مفعمة بالأنوثة
TT

كريستينا فيدلسكايا... وفن الطبقات المتعددة

أكدت في مجموعتها الأخيرة قدرة عجيبة على مزج الألوان الهادئة في تصاميم عصرية مفعمة بالأنوثة
أكدت في مجموعتها الأخيرة قدرة عجيبة على مزج الألوان الهادئة في تصاميم عصرية مفعمة بالأنوثة

خلال أسبوع الموضة الأخير لخريف وشتاء 2018، وفي متحف «دو لارميه» بباريس قدمت المصممة الأوكرانية الأصل والمقيمة بدبي، كريستينا فيدلسكايا، عرضاً فخماً بكل المقاييس. صحيح أن مكان العرض فرض هيبته التاريخية وارتباطه بنابليون بونابرت، فضلاً عن معماره الفريد، إلا أن الأزياء كانت بنفس القوة والدراما. وكانت هي الأخرى تفوح منها رائحة خفيفة من الماضي. قالت المصممة إنها استوحتها من مصادر عدّة «فهناك ما استلهمته من الفنان ديفيد بووي في السبعينات، ويتجسد في أزياء تجمع الذكوري بالأنثوي، ومنها ما استلهمته من امرأة باريسية أنيقة لا تميل إلى التكلف وهي تتنزه في جادة هوش في التسعينات وهكذا». المهم بالنسبة للمصممة أن تكون النتيجة عبارة عن أزياء تخدم المرأة، سواء تعلق الأمر بإبراز جمالها أو تسهيل حركتها، وهذا ما تجسد تارة في فستان طويل، وتارة في بنطلون واسع، أو معطف مبتكر تظهر من تحته عدة قطع منفصلة تتناغم فيما بينها من حيث اللون أو الأسلوب.
بالنسبة لنفحة الحنين إلى الموضة التي تنبعث من بين طيات التشكيلة، أجابت المصممة بأن ما يكون جديداً اليوم يصبح قديماً غداً، خصوصاً أن إيقاع الموضة أصبح سريعاً بشكل مخيف، الطريقة التي يؤثر فيها الزمن عليه هو المهم. قالت هذا وهي تستشهد بوصف زوجة الشاعر هنري دي رينييه لإبداعات المصمم الإسباني ماريانو فورتوني حين قالت: «إن الفساتين عادة لديها مستقبل واحد فقط، ولكن يبدو أن هذه الأزياء تملك ماضياً سوف يضفي عليها نفحة من الحنين في يوم ما». من هنا جاء تبرير فيدلسكايا بأن النوستالجيا أو الحنين إلى الماضي يمكن أن يُوظف بطريقة عصرية. وبالفعل فإن الأكتاف القوية والضخمة التي ظهرت في بعض القطع وتستحضر أسلوب المصمم مونتانا في الثمانينات لم تؤثر على جمالها، كذلك الأسلوب التفكيكي الذي اعتمدته في قطع أخرى لعبت فيها الطبقات المتعددة دور البطولة. هنا تم مزج أطوال مختلفة وأقمشة شفافة مع أخرى سميكة مثل الغاباردين مع الحرير والجلد مع الكشمير، إضافة إلى ألوان متدرجة في إطلالة واحدة. لم تنس في رحلتها إلى الماضي أن تعرج على أسلوب جيفري بين لتستقي منها خطوطاً هندسية أضافت إليها شراشيب من الحرير حتى تزيدها مرونة وحركة، وعلى الرسّام ألبيرتو بوري لتستقي من أعماله ألوانها الداكنة.
وبما أن كريستينا فيدلسكايا، مصممة تأتي من شرق أوروبا وتقطن في دبي، فإنها تُقدر الترف وكل ما هو مميز، لهذا لم تبخل على أي قطعة قدمتها بالفخامة، لا من حيث الخامات التي يمكن أن ترقى بأي قطعة مهما كانت بسيطة، ولا بالألوان الفنية أو الخطوط المنسدلة بأنوثة. فمند عام 2014 تاريخ انطلاقتها، وهي تقدّم تصاميم جاهزة، لكن فاخرة تتلاءم مع متطلبات امرأة عصرية. فهي تأخذ بعين الاعتبار أن زبونتها لا تعيش في بُرج عال، بل هي أم وزوجة وسيدة أعمال وفنانة، وهذا ما تُترجمه لها في أزياء تراعي بيئتها وأسلوب حياتها المتنوع. تتذكر كريستينا أنها عندما انتقلت إلى دبي، لاحظت أن السوق تزخر بالمنتجات المترفة، لكنه كان يفتقد إلى أزياء أوروبية بسيطة تكون جسراً بين الغرب والشرق، بحيث تأخذ بعين الاعتبار ما تتطلبه الثقافة العربية من حشمة، وهو ما استغلته بعد أن تخرجت من معهد «إسمود» للموضة. فالمرأة الشرقية التي تعرفها تحب الموضة وتتابع آخر صيحاتها، لكنها لم تكن تجد ما يمنحها أزياء تحترم ثقافتها، وهذا ما استغلته بتوفير تصاميم طويلة وباستعمال الطبقات المتعددة.
كل هذه العناصر كانت واضحة في تشكيلتها الباريسية الأخيرة. بيد أن ما يُحسب لها أكثر أنها لم تجعلها صادمة، فهي ليست جريئة فنياً، ولا مُغرقة في الإثارة التي تُبرز أنوثة المرأة بشكل كبير. كانت في المقابل مُفعمة بأناقة يمكن تسويقها بسهولة إلى أي امرأة، أياً كان ذوقها أو أسلوبها أو عمرها. ولا يختلف اثنان أن المحلات الكبيرة والصغيرة، على حد سواء، لن تتردد في عرضها لأنها بالنسبة لهم تصب في خانة السهل الممتنع، وهو ما يمكن ترجمته بلغة صريحة بالتجاري. فبالرغم من أنها تتضمن لمسات حنين من الماضي إلا أن كل تفاصيلها وقصاتها تنتمي إلى الحاضر، وهنا تكمن قوتها.



سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

صرعات الموضة (آيماكستري)
صرعات الموضة (آيماكستري)
TT

سروال الساق الواحدة يقسم الباريسيين... هل ينجح مثل الجينز المثقوب؟

صرعات الموضة (آيماكستري)
صرعات الموضة (آيماكستري)

لفتت النظر في عروض باريس لموضة الربيع والصيف المقبلين، عارضات يرتدين سراويل ذات ساق واحدة، وأيضاً بساق مغطَّاة وأخرى مكشوفة. ومنذ ظهور تلك البدعة، تضاربت الآراء وسط المُشتغلين بالتصميم بين مُعجب ومُستهجن. هل يكون الزيّ في خدمة مظهر المرأة أم يجعل منها مهرّجاً ومسخرة؟

لم يقتصر تقديم تلك الموضة على مجموعات المصمّمين الجدد والشباب، وإنما امتدّ إلى أسماء شهيرة، مثل عروض أزياء «لويس فويتون»، و«كوبرني»، و«فيكتوريا بيكام»، و«بوتيغا فينيتا». ففي حين يرى المعجبون بالسراويل غير المتناظرة أنها تعبّر عن اتجاه جريء يحمل تجديداً في التصميم، وجد كثيرون أنها خالية من الأناقة. فهل تلقى الموضة الجديدة قبولاً من النساء أم تموت في مهدها؟

طرحت مجلة «مدام فيغارو» الباريسية السؤال على محرّرتين من صفحات الأزياء فيها؛ الأولى ماتيلد كامب التي قالت: «أحبّ كثيراً المظهر الذي يعبّر عن القوة والمفاجأة التي نراها في هذا السروال. إنه يراوح بين زيّ المسرح وشكل البطلة المتفوّقة. وهو قطعة قوية وسهلة الارتداء شرط أن تترافق مع سترة كلاسيكية وتنسجم مع المظهر العام وبقية قطع الثياب. ثم إنّ هذا السروال يقدّم مقترحاً جديداً؛ بل غير مسبوق. وهو إضافة لخزانة المرأة، وليس مجرّد زيّ مكرَّر يأخذ مكانه مع سراويل مُتشابهة. صحيح أنه متطرّف، لكنه مثير في الوقت عينه، وأكثر جاذبية من سراويل الجينز الممزّقة والمثقوبة التي انتشرت بشكل واسع بين الشابات. ويجب الانتباه إلى أنّ هذا الزيّ يتطلّب سيقاناً مثالية وركباً جميلة ليكون مقبولاً في المكتب وفي السهرات».

أما رئيسة قسم الموضة كارول ماتري، فكان رأيها مخالفاً. تساءلت: «هل هو نقص في القماش؟»؛ وأضافت: «لم أفهم المبدأ، حيث ستشعر مرتدية هذا السروال بالدفء من جهة والبرد من الجهة الثانية. وهو بالنسبة إليّ موضة تجريبية، ولا أرى أي جانب تجاري فيها. هل هي قابلة للارتداء في الشارع وهل ستُباع في المتاجر؟». ولأنها عاملة في حقل الأزياء، فإن ماتري تحرص على التأكيد أنّ القطع المبتكرة الجريئة لا تخيفها، فهي تتقبل وضع ريشة فوق الرأس، أو ثوباً شفافاً أو بألوان صارخة؛ لكنها تقول «كلا» لهذا السروال، ولا تحبّ قطع الثياب غير المتناظرة مثل البلوزة ذات الذراع الواحدة. مع هذا؛ فإنها تتفهَّم ظهور هذه الصرعات على منصات العرض؛ لأنها تلفت النظر وتسلّي الحضور.