المغرب: «العدالة والتنمية» يستعد لإطلاق حوار لتجاوز خلافاته السياسية

التحقيق مع قيادي بالحزب في قضية مقتل طالب

TT

المغرب: «العدالة والتنمية» يستعد لإطلاق حوار لتجاوز خلافاته السياسية

صادقت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي، ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي، على إطلاق حوار داخلي للحزب، يرتقب تنظيمه أواخر أبريل (نيسان) المقبل من أجل تجاوز الخلافات السياسية التي كادت أن تعصف به خلال الشهور الماضية. كما أعلنت الأمانة العامة للحزب أيضا خلال لقاء عقدته مساء أول من أمس عن أعضاء اللجنة المشرفة على تنظيم هذا الحوار، والتي ستعقد اجتماعها الأول في 22 من أبريل المقبل.
ويرأس اللجنة سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، وتضم إضافة إلى أعضاء الأمانة العامة كل من عبد العلي حامي الدين، وأمينة ماء العينين، ومنى أفتاتي، المحسوبين على التيار الذي كان مؤيدا للولاية الثالثة لعبد الإله ابن كيران.
وستشرف اللجنة على تنظيم ندوات ولقاءات مفتوحة في وجه أعضاء الحزب، كما سيمنح الحزب الفرصة للمهتمين من خارجه للمشاركة في هذا الحوار. وقد يتجه الحزب لعقد مؤتمر عام استثنائي للمصادقة على أطروحة سياسية جديدة.
ويسعى الحزب من خلال إطلاق هذا الحوار، الذي ستتجه إليه الأنظار باهتمام كبير سواء في الداخل أو الخارج، إلى تقييم المرحلة السابقة التي ترأس فيها الحكومة إلى أن جرى إعفاء ابن كيران، الأمين العام السابق ورئيس الحكومة الأسبق، من قبل الملك محمد السادس، وما نتج عن ذلك من شرخ كبير، بسبب ما وصف بـ«الزلزال السياسي»، الذي ضرب الحزب، لا سيما بعد نشوب خلافات حادة بين قيادييه المؤيدين لاستمرار ابن كيران وخطه السياسي في قيادة الحزب، وبين المعارضين لتمكينه من ولاية ثالثة، خشية إضعاف حكومة خلفه سعد الدين العثماني.
ومن أجل ذلك ينتظر من الحوار «تذويب جزء كبير من الخلافات السياسية الموجودة داخله، ثم الاتفاق على الحد الأدنى من منهج تدبير العلاقة مع الدولة»، حسب قيادي في الحزب.
وفي موضوع منفصل، مثل عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي، أمس أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، على خلفية شكوى قدمت ضده، تتهمه بالتورط في مقتل الطالب اليساري محمد بنعيسى آيت الجيد، وذلك بعد مرور 25 عاما على القضية، التي سبق للقضاء أن بت فيها، وأدين فيها بسنتين سجنا نافذا.
وقرر قاضي التحقيق بمحكمة فاس تحديد جلسة جديدة للاستنطاق التفصيلي للمتهم يوم 19 أبريل المقبل. وبالموازاة مع ذلك نظم أقارب الضحية وقفة احتجاجية أمام المحكمة.
وكان حامي الدين قد تلقى استدعاء للمثول أمام قاضي التحقيق على خلفية شكوى جديدة تتهمه بالضلوع في مقتل الطالب اليساري في أحداث، عرفتها كلية الحقوق بفاس عام 1993، وسبق للمحكمة أن أدانته فيها بسنتين سجنا نافذا. ويتهم حامي الدين حزب الأصالة والمعاصرة المعارض بتحريك الشكاوى ضده للنيل منه ومن حزبه، لا سيما أن الملف سبق فتحه عامي 2012 و2013، إلا أن قاضي التحقيق قرر حفظ الشكوى وعدم فتح أي تحقيق بشأنها، قبل أن يتقرر الاستماع للمتهم للمرة الأولى في هذه القضية، على إثر شكوى جديدة من أقارب الضحية، قدمت في يناير (كانون الثاني) 2017.
وقال حامي الدين، وهو مستشار بالغرفة الثانية للبرلمان ورئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، والمعروف بمواقفه السياسية المعارضة، عقب خروجه من جلسة الاستماع الأولى إليه من طرف قاضي التحقيق، إن «القضية سياسية بالدرجة الأولى، وأنا أحضر احتراما للقضاء... نحن أمام شكوى كيدية توضع للمرة الرابعة، وسبق للقضاء أن قال كلمته بخصوص هذا الملف».
وتعود وقائع القضية إلى سنة 1993، حينما تعرض الطالب اليساري آيت الجيد، المنتمي إلى فصيل الطلبة القاعديين، للقتل قرب كلية العلوم القانونية والاقتصادية بفاس، إبان الصراع الآيديولوجي الدامي، الذي كانت تعرفه الجامعة المغربية بين الحركات اليسارية الراديكالية والحركات الإسلامية.
وسبق لهيئة الإنصاف والمصالحة أن أقرت بتعويض مالي لفائدة حامي الدين، بعد أن ثبت لها تعرضه لاعتقال تعسفي من المستشفى الذي كان يرقد فيه بفاس، بسبب إصابته بجروح في الرأس خلال الأحداث، التي أدت إلى مقتل آيت الجيد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.