جمعت 77 لائحة انتخابية، استقرت عليها الترشيحات للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في 6 مايو (أيار) المقبل، التناقضات السياسية لتحقيق هدف أساسي يتمثل في تحسين ظروف فوز القوى السياسية التقليدية في لبنان وتكبير حجم الكتلة النيابية لها، لكنها تكرس التوازن السياسي والطائفي بين القوى في البرلمان، وهو القائم منذ أول برلمان بعد الطائف في عام 1992، وتقضي على أي فرص للتغيير. وأعلنت المديرة العامة للشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات فاتن يونس أن باب تسجيل لوائح المرشحين للانتخابات النيابية العامة أقفل على 77 لائحة من بين 917 مرشحاً، علما بأن طلبات المرشحين الذين لم ينتظموا في لوائح وفقاً للقوانين تُلغى، كما «لا يعتد بانسحاب أي مرشح من اللائحة بعد تسجيلها». وأشارت إلى أن أكبر عدد من اللوائح المسجلة في دائرة بيروت الثانية، وقد بلغ عددها 9 لوائح، فيما سجلت دائرة صور - قرى صيدا أقل عدد من اللوائح المسجلة، وقد بلغ عددها لائحتين فقط.
وجمعت الائتلافات الانتخابية في اللوائح، الأضداد في السياسة، فيما فرقت حلفاء اجتمعوا في دوائر محددة، وتفرقوا في دوائر أخرى. فغياب الكيمياء السياسية بين «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل»، لم يمنع تحالفهما عبر «حزب الله» في دائرتي بعبدا (جبل لبنان) وبيروت الثانية. وخاض التيار معركة ضد «الحزب» في دائرة «بعلبك - الهرمل» وهي الدائرة التي يعدها «الحزب» مصيرية، كما تحالف «الحزب» مع منافسي «التيار» في دائرة جبيل.
ورغم أن التيار يخوض المعركة مع «تيار المستقبل» في بيروت الأولى وفي زحلة والمتن، فإنه يخوضها ضده في صيدا، حيث تترشح النائب بهية الحريري، كما يتنافسان في دائرة عكار، حيث يتحالف «المستقبل» مع «القوات اللبنانية»، كما يتحالف الطرفان في دائرة بعلبك - الهرمل، وفي دائرة البقاع الغربي وراشيا.
ولم يسجل أي تحالف بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» في هذه الانتخابات، كما لم يسجل أي تحالف بين «الوطني الحر» و«الاشتراكي»، بينما تحالف الأخير مع «القوات» في دائرتين، كما تحالف مع «المستقبل» في كل الدوائر التي يوجد فيها الطرفان بقوة.
كذلك، لم يسجل أي تحالف بين «المستقبل» والثنائي الشيعي، ولا تحالف بين «القوات» و«قوى 8 آذار»، وهو التحالف الذي رفضته «القوات» منذ اللحظة الأولى، واعترضت على المرشح في «الشوف عاليه» ناجي البستاني «بسبب تموضعه السياسي» كما قال مقربون منها، قبل أن تحصل تسوية أفضت إلى التحالف في هذه الدائرة وتم تجاوز قضية الاعتراض على البستاني، وهو مرشح «التقدمي الاشتراكي».
وينظر إلى بعض التحالفات على أنها هجين، وتخالف الخطاب السياسي الذي تنطلق منه بعض القوى، إذا تم النظر إلى تحالف «التيار الوطني الحر» مع «الجماعة الإسلامية» في صيدا مثلاً أو «جمعية المشاريع» في بيروت، وتحالف النائب بطرس حرب مع «الحزب السوري القومي الاجتماعي» في دائرة الشمال الثالثة، وتحالف مقربين من «تيار المستقبل» مع «الحزب الشيوعي» في دائرة الجنوب الثالثة.
غير أن هذه التحالفات يعدّها المتخصصون نتيجة حتمية لقانون انتخابي سمح بها؛ إذ يؤكد الأستاذ في علم الاجتماع الدكتور نديم منصوري أن «طبيعة القانون النسبي الجديد فرضت هذا الخليط بالتحالفات، كونه يمثل خلطة مشوهة من القانون النسبي»، مشدداً على أن «بنيان القانون الحالي أنشئ بسبب التوازنات السياسية والطائفية، وهو ما دفع لإثارة تحفظات واعتراضات عليه». وقال منصوري لـ«الشرق الأوسط» إن السمة الأساسية للتحالفات «تقوم على المصلحة الانتخابية»، وهي «أنتجت تلك التناقضات التي لم تعر اهتماما للثوابت السياسية، بقدر ما أعطت الأولوية لمصلحة انتخابية ترعى مصالحهم للحصول على كتلة انتخابية موازية»، مشيراً إلى أن هذين الاعتبارين «شكلا مشهداً مرتبكاً ومربكاً في الوقت نفسه»، لكنه لفت إلى أن الخطاب السياسي للقوى «سيُستعاد مرة أخرى بعد ظهور النتائج، كون التحالفات تنتهي في 7 مايو». وفي حين ينظر البعض إلى أن التحالفات قضت على فرص التغيير، حيث قلصت التكتلات بين القوى السياسية التقليدية حظوظ الوجوه الجديدة من خارج الاصطفافات الحزبية وتحديداً من المجتمع المدني، ينظر آخرون إلى أن النظام السياسي اللبناني القائم يفرض تكتلات مشابهة تمنع التغيير «حفاظاً على التوازنات السياسية التي تخط طريقة الحكم»، وهو «السيستم» المعمول به منذ برلمان 1992، وعادة ما تنتج الانتخابات 4 أو 5 قوى أساسية، تتفق فيما بينها على تسيير ملفات، وتكون هناك قوى وسطية ترجح كفة فريق على آخر في حال الاختلاف، مثل كتلة النائب وليد جنبلاط في السنوات التي تلت التوترات السياسية في 2005.
77 لائحة انتخابية تجمعها التناقضات... والنتائج تكرّس التوازنات في البرلمان
77 لائحة انتخابية تجمعها التناقضات... والنتائج تكرّس التوازنات في البرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة