فرنسا: تكريم وطني للضابط الذي «مات بطلاً» في الهجوم الإرهابي

المحققون يعثرون على «وصية داعشية»

الجنرال ريتشارد لوزاري وزملاؤه ينعون الضابط الفرنسي أرنوا بلترام أمس بعدما أصيب بجروح بالغة أثناء عملية الاحتجاز التي نفذها مسلح في متجر ببلدة تريب جنوب فرنسا (أ.ف.ب)
الجنرال ريتشارد لوزاري وزملاؤه ينعون الضابط الفرنسي أرنوا بلترام أمس بعدما أصيب بجروح بالغة أثناء عملية الاحتجاز التي نفذها مسلح في متجر ببلدة تريب جنوب فرنسا (أ.ف.ب)
TT

فرنسا: تكريم وطني للضابط الذي «مات بطلاً» في الهجوم الإرهابي

الجنرال ريتشارد لوزاري وزملاؤه ينعون الضابط الفرنسي أرنوا بلترام أمس بعدما أصيب بجروح بالغة أثناء عملية الاحتجاز التي نفذها مسلح في متجر ببلدة تريب جنوب فرنسا (أ.ف.ب)
الجنرال ريتشارد لوزاري وزملاؤه ينعون الضابط الفرنسي أرنوا بلترام أمس بعدما أصيب بجروح بالغة أثناء عملية الاحتجاز التي نفذها مسلح في متجر ببلدة تريب جنوب فرنسا (أ.ف.ب)

أعلنت الرئاسة الفرنسية أول من أمس، أن تكريما وطنيا سيقام للضابط أرنوا بلترام، الذي قتل قبل يوم مع ثلاثة أشخاص آخرين، بيد إرهابي في جنوب فرنسا. كما تم أيضا استدعاء هيئة متابعة الأشخاص الذين انتقلوا إلى التطرف. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الإعلان عن تكريم وطني للضابط الذي «مات بطلا» تم في أعقاب اجتماع لمجلس الدفاع في الإليزيه؛ لكن دون تحديد موعد له. كما طلب ماكرون استدعاء مسؤولي الهيئات المكلفة متابعة المتطرفين (استخبارات وشرطة ودرك ونيابة وإدارة السجون). وأوضحت وزارة الداخلية أن مثل هذا النوع من الاجتماع «يهدف إلى التذكير بإرشادات التيقظ بعد حادث مماثل». وقال رضوان لقديم (25 عاما) الفرنسي من أصل مغربي، إنه «جندي» في تنظيم داعش الذي أعلن تبنيه لاحقا للهجوم. ومع أن أجهزة الاستخبارات رصدته وتابعته، فإن وزير الداخلية جيرار كولومب قال: «كنا نعتقد أنه لم ينتقل إلى التطرف».
وعثر المحققون في منزله في كاركاسون (جنوب) على «رسائل فيها إشارة إلى تنظيم داعش» ويمكن اعتبارها بمثابة وصية، بحسب ما أفادت مصادر متطابقة. كما تم توقيف شخصين، هما شاب في الـ17، قالت السلطات إنه صديق للمهاجم ورفيقته.
وقُتل المهاجم الذي حمل مسدسا وسكينا وعبوات ناسفة، بحسب مصدر قريب من التحقيق، برصاص قوات الأمن، بعد هجوم دامٍ بدأ في كاركاسون وانتهى داخل «سوبر ماركت» في تريب، البلدة القريبة، حيث احتجز عدة أشخاص رهائن. وخلال عملية احتجاز الرهائن، تطوع اللفتنانت كولونيل أرنوا بلترام (45 عاما) ليحل محل امرأة كان المهاجم يحتجزها، بحسب مصدر قريب من التحقيق.
وتوفي بلترام الذي أصيب إصابة خطيرة، أول من أمس، متأثرا بجروحه، ما أثار موجة تأثر عارمة في البلاد. وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه «مات بطلا»، و«يستحق أن يحظى باحترام الأمة ومحبتها». ووجه مسجد باريس الكبير تحية «لشجاعة وقيم والتزام» الضابط. ونكست الأعلام على مراكز الدرك السبت. وأقيم قداس صباح أمس ترأسه أسقف كاركاسون في تريب، حيث أقيمت سهرة صلاة لراحة أنفس الضحايا.
وأصيب في الهجوم ثلاثة أشخاص، أحدهم كان لا يزال أول من أمس بين الحياة والموت.
وبدأ سكان المنطقة يتوافدون لوضع باقات وأكاليل الزهور أمام الـ«سوبر ماركت» المغلق في تريب، وثكنة الدرك في كاركاسون. ودعت ماري كلير كاستيل التي أتت حاملة باقة من الورود البيضاء، كتب عليها «شكرا»، إلى «تكريم وطني» للضابط، قائلة: «إنه بطل... لقد أنقذ أرواحا».
وفي تريب، عبر السكان عن صدمتهم وحزنهم، وقالت خديجة (52 عاما) بصوت مرتعش: «كنا نقول إن مثل هذه الأمور لا تحدث إلا في المدن الكبيرة».
ولا تزال فرنسا المشاركة في التحالف العسكري ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تعيش تحت تهديد إرهابي منذ موجة الاعتداءات المسلحة غير المسبوقة على أراضيها، التي أوقعت 245 قتيلا منذ عام 2015.
وندد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدة بـ«الأعمال العنيفة لمنفذ الهجوم وأي شخص قدم دعما له»، مضيفا: «أفكارنا وصلواتنا مع ضحايا الهجوم الرهيب في فرنسا بالأمس، ونشعر بالأسى للخسارة التي لحقت بهذه الأمة».
من جهته دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى «تصدّ دولي متضامن تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة» للإرهاب، معربا عن تضامن بلاده مع فرنسا «الصديقة حيال تهديدات الإرهاب وجرائمه».
ولد لقديم في المغرب في 11 أبريل (نيسان) 1992، ونال الجنسية الفرنسية في 2004، وكان يخضع منذ 2014 لمراقبة أجهزة الاستخبارات، ومدرجا على لوائح أمن الدولة «بسبب ارتباطه بالتيار السلفي»، بحسب المدعي العام فرنسوا مولانس. وأشار مصدر قريب من التحقيق إلى أن لقديم لم يتوجه أبدا إلى سوريا.
في أغسطس (آب) 2016، أمضى لقديم شهرا في السجن، بعد إدانته بـ«حمل سلاح محظور» و«استخدام مواد مخدرة» و«رفض الانصياع للأوامر».
وبين 2016 و2017، خضع من جديد لمراقبة الاستخبارات التي لم ترصد «أي مؤشر يمكن أن ينذر بالانتقال إلى عمل إرهابي».
ودعا لقديم الجمعة إلى «تحرير إخوته» وفق النائب العام فرنسوا مولانس. ومن بين هؤلاء سمى صلاح عبد السلام، الوحيد الذي لا يزال حيا من منفذي اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) والمسجون قرب باريس. وبدأ لقديم هجومه بعيد الساعة 10:00 الجمعة، عندما سرق سيارة قتل راكبا فيها، وأصاب السائق البرتغالي بجروح خطيرة في الرأس، ثم أطلق النار بعدها على أربعة شرطيين، وأصاب واحدا منهم في الكتف، قبل أن يلوذ بالفرار. ونحو الساعة 11:15 دخل لقديم إلى «سوبر ماركت سوبر يو» في تريب، وقتل القصاب وأحد الزبائن. ونحو الساعة 14:20 فتح لقديم الذي بقي بمفرده مع الضابط النار على هذا الأخير، ما شكل إشارة انطلاق هجوم قوات الأمن، الذي انتهى بمقتل المهاجم.
وأفاد مصدر قضائي، أول من أمس، بأن الشرطة داهمت منزل منفذ الاعتداءات في جنوب فرنسا رضوان لقديم، وعثرت على «كتابات تشير ضمنا إلى تنظيم داعش المتطرف».
وأضاف المصدر نفسه أن «المداهمة أتاحت العثور على كتابات تشير ضمنا إلى تنظيم داعش، وتبدو كأنها عبارة عن وصية».
من جهته، أوضح مصدر مقرب من التحقيق أن «المحققين عثروا على وصية مكتوبة بخط اليد، يعلن فيها المنفذ ولاءه لتنظيم داعش». وذكر موقع «لوموند» الفرنسي، أن مداهمة منزل منفذ الهجوم ساهمت في العثور كذلك على أجهزة رقمية، مشيرة إلى أن الوصية تحتوي على ما يشبه «ولاء كتابي لتنظيم داعش».
ويسعى المحققون إلى معرفة الأسباب التي دفعت الشاب الفرنسي من أصل مغربي، البالغ الخامسة والعشرين من العمر، إلى ارتكاب فعلته، وما إذا كان لديه شركاء.
وكان رضوان لقديم قتل (الجمعة) أربعة أشخاص في سلسلة اعتداءات وقعت جنوب فرنسا، تبناها «داعش». وتبين أن السلطات الأمنية كانت تراقبه لقربه من الأوساط المتشددة، إلا أنها لم تلاحظ لديه أي سلوك يشير إلى احتمال قيامه باعتداءات.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».