أعلنت الرئاسة الفرنسية أول من أمس، أن تكريما وطنيا سيقام للضابط أرنوا بلترام، الذي قتل قبل يوم مع ثلاثة أشخاص آخرين، بيد إرهابي في جنوب فرنسا. كما تم أيضا استدعاء هيئة متابعة الأشخاص الذين انتقلوا إلى التطرف. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الإعلان عن تكريم وطني للضابط الذي «مات بطلا» تم في أعقاب اجتماع لمجلس الدفاع في الإليزيه؛ لكن دون تحديد موعد له. كما طلب ماكرون استدعاء مسؤولي الهيئات المكلفة متابعة المتطرفين (استخبارات وشرطة ودرك ونيابة وإدارة السجون). وأوضحت وزارة الداخلية أن مثل هذا النوع من الاجتماع «يهدف إلى التذكير بإرشادات التيقظ بعد حادث مماثل». وقال رضوان لقديم (25 عاما) الفرنسي من أصل مغربي، إنه «جندي» في تنظيم داعش الذي أعلن تبنيه لاحقا للهجوم. ومع أن أجهزة الاستخبارات رصدته وتابعته، فإن وزير الداخلية جيرار كولومب قال: «كنا نعتقد أنه لم ينتقل إلى التطرف».
وعثر المحققون في منزله في كاركاسون (جنوب) على «رسائل فيها إشارة إلى تنظيم داعش» ويمكن اعتبارها بمثابة وصية، بحسب ما أفادت مصادر متطابقة. كما تم توقيف شخصين، هما شاب في الـ17، قالت السلطات إنه صديق للمهاجم ورفيقته.
وقُتل المهاجم الذي حمل مسدسا وسكينا وعبوات ناسفة، بحسب مصدر قريب من التحقيق، برصاص قوات الأمن، بعد هجوم دامٍ بدأ في كاركاسون وانتهى داخل «سوبر ماركت» في تريب، البلدة القريبة، حيث احتجز عدة أشخاص رهائن. وخلال عملية احتجاز الرهائن، تطوع اللفتنانت كولونيل أرنوا بلترام (45 عاما) ليحل محل امرأة كان المهاجم يحتجزها، بحسب مصدر قريب من التحقيق.
وتوفي بلترام الذي أصيب إصابة خطيرة، أول من أمس، متأثرا بجروحه، ما أثار موجة تأثر عارمة في البلاد. وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه «مات بطلا»، و«يستحق أن يحظى باحترام الأمة ومحبتها». ووجه مسجد باريس الكبير تحية «لشجاعة وقيم والتزام» الضابط. ونكست الأعلام على مراكز الدرك السبت. وأقيم قداس صباح أمس ترأسه أسقف كاركاسون في تريب، حيث أقيمت سهرة صلاة لراحة أنفس الضحايا.
وأصيب في الهجوم ثلاثة أشخاص، أحدهم كان لا يزال أول من أمس بين الحياة والموت.
وبدأ سكان المنطقة يتوافدون لوضع باقات وأكاليل الزهور أمام الـ«سوبر ماركت» المغلق في تريب، وثكنة الدرك في كاركاسون. ودعت ماري كلير كاستيل التي أتت حاملة باقة من الورود البيضاء، كتب عليها «شكرا»، إلى «تكريم وطني» للضابط، قائلة: «إنه بطل... لقد أنقذ أرواحا».
وفي تريب، عبر السكان عن صدمتهم وحزنهم، وقالت خديجة (52 عاما) بصوت مرتعش: «كنا نقول إن مثل هذه الأمور لا تحدث إلا في المدن الكبيرة».
ولا تزال فرنسا المشاركة في التحالف العسكري ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تعيش تحت تهديد إرهابي منذ موجة الاعتداءات المسلحة غير المسبوقة على أراضيها، التي أوقعت 245 قتيلا منذ عام 2015.
وندد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدة بـ«الأعمال العنيفة لمنفذ الهجوم وأي شخص قدم دعما له»، مضيفا: «أفكارنا وصلواتنا مع ضحايا الهجوم الرهيب في فرنسا بالأمس، ونشعر بالأسى للخسارة التي لحقت بهذه الأمة».
من جهته دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى «تصدّ دولي متضامن تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة» للإرهاب، معربا عن تضامن بلاده مع فرنسا «الصديقة حيال تهديدات الإرهاب وجرائمه».
ولد لقديم في المغرب في 11 أبريل (نيسان) 1992، ونال الجنسية الفرنسية في 2004، وكان يخضع منذ 2014 لمراقبة أجهزة الاستخبارات، ومدرجا على لوائح أمن الدولة «بسبب ارتباطه بالتيار السلفي»، بحسب المدعي العام فرنسوا مولانس. وأشار مصدر قريب من التحقيق إلى أن لقديم لم يتوجه أبدا إلى سوريا.
في أغسطس (آب) 2016، أمضى لقديم شهرا في السجن، بعد إدانته بـ«حمل سلاح محظور» و«استخدام مواد مخدرة» و«رفض الانصياع للأوامر».
وبين 2016 و2017، خضع من جديد لمراقبة الاستخبارات التي لم ترصد «أي مؤشر يمكن أن ينذر بالانتقال إلى عمل إرهابي».
ودعا لقديم الجمعة إلى «تحرير إخوته» وفق النائب العام فرنسوا مولانس. ومن بين هؤلاء سمى صلاح عبد السلام، الوحيد الذي لا يزال حيا من منفذي اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) والمسجون قرب باريس. وبدأ لقديم هجومه بعيد الساعة 10:00 الجمعة، عندما سرق سيارة قتل راكبا فيها، وأصاب السائق البرتغالي بجروح خطيرة في الرأس، ثم أطلق النار بعدها على أربعة شرطيين، وأصاب واحدا منهم في الكتف، قبل أن يلوذ بالفرار. ونحو الساعة 11:15 دخل لقديم إلى «سوبر ماركت سوبر يو» في تريب، وقتل القصاب وأحد الزبائن. ونحو الساعة 14:20 فتح لقديم الذي بقي بمفرده مع الضابط النار على هذا الأخير، ما شكل إشارة انطلاق هجوم قوات الأمن، الذي انتهى بمقتل المهاجم.
وأفاد مصدر قضائي، أول من أمس، بأن الشرطة داهمت منزل منفذ الاعتداءات في جنوب فرنسا رضوان لقديم، وعثرت على «كتابات تشير ضمنا إلى تنظيم داعش المتطرف».
وأضاف المصدر نفسه أن «المداهمة أتاحت العثور على كتابات تشير ضمنا إلى تنظيم داعش، وتبدو كأنها عبارة عن وصية».
من جهته، أوضح مصدر مقرب من التحقيق أن «المحققين عثروا على وصية مكتوبة بخط اليد، يعلن فيها المنفذ ولاءه لتنظيم داعش». وذكر موقع «لوموند» الفرنسي، أن مداهمة منزل منفذ الهجوم ساهمت في العثور كذلك على أجهزة رقمية، مشيرة إلى أن الوصية تحتوي على ما يشبه «ولاء كتابي لتنظيم داعش».
ويسعى المحققون إلى معرفة الأسباب التي دفعت الشاب الفرنسي من أصل مغربي، البالغ الخامسة والعشرين من العمر، إلى ارتكاب فعلته، وما إذا كان لديه شركاء.
وكان رضوان لقديم قتل (الجمعة) أربعة أشخاص في سلسلة اعتداءات وقعت جنوب فرنسا، تبناها «داعش». وتبين أن السلطات الأمنية كانت تراقبه لقربه من الأوساط المتشددة، إلا أنها لم تلاحظ لديه أي سلوك يشير إلى احتمال قيامه باعتداءات.
فرنسا: تكريم وطني للضابط الذي «مات بطلاً» في الهجوم الإرهابي
المحققون يعثرون على «وصية داعشية»
فرنسا: تكريم وطني للضابط الذي «مات بطلاً» في الهجوم الإرهابي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة