إردوغان يعلن بدء عمليات عسكرية في شمال العراق

تستهدف {تطويق الموصل} وقطع الدعم الأميركي للمقاتلين الأكراد في سوريا

TT

إردوغان يعلن بدء عمليات عسكرية في شمال العراق

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان انطلاق عملية عسكرية في قضاء سنجار شمال العراق تستهدف عناصر حزب العمال الكردستاني. وقال إردوغان أمام أنصار لحزب العدالة والتنمية الحاكم في طرابزون شمال شرقي تركيا، أمس، إن «العمليات العسكرية بدأت في سنجار» ضد حزب العمال الكردستاني. وتابع: «قلنا إننا سندخل سنجار أيضاً، والآن بدأت العمليات العسكرية هناك». وأضاف إردوغان: «نحارب الإرهابيين في الداخل والخارج. لسنا دولة احتلال، وهمنا الأكبر مكافحة الإرهابيين».
إلا أن العراق نفى مساء أمس وجود أي حركة لقوات أجنبية عبر الحدود العراقية في محافظة نينوى وقضاء سنجار. وحسب وكالة الأنباء الألمانية، نقل المركز الإعلام الأمني عن قيادة العمليات المشتركة تأكيدها أن «الوضع الأمني في نينوى وسنجار والمنطقة الحدودية تحت سيطرة القوات العراقية ولا صحة لعبور قوات عبر الحدود العراقية إلى تلك المناطق».
وكان إردوغان أعلن مؤخرا أنه تم الاتفاق مع الحكومة العراقية بشأن عمليات تستهدف عناصر «العمال» الكردستاني في شمال العراق. ووسط التباين في المواقف بين أنقرة وبغداد بشأن الضربات الجوية للقوات التركية في شمال العراق والتي تصاعدت خلال الأسبوع الماضي في سنجار وهاكورك وغيرها من مواقع حزب العمال الكردستاني، كشفت تقارير صحافية أمس عن استعداد تركيا لإطلاق حملة عسكرية باسم «درع دجلة» تستهدف مواقع «العمال» الكردستاني في سنجار غرب محافظة نينوى شمال العراق.
وأكدت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية أن شن عملية عسكرية بمنطقة سنجار بات أمرا مؤكدا إذا لم تتوصل أنقرة وواشنطن إلى اتفاق بشأن مدينة منبج السورية التي تطالب تركيا واشنطن بتنفيذ وعد سابق لها بإخراج عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية منها إلى شرق نهر الفرات لتضمن تركيا بذلك إبعاد القوات الكردية نهائيا من منطقة غرب الفرات المتاخمة لحدودها في شمال سوريا.
وقالت الصحيفة إن عملية «درع دجلة» التي تهدف للتخلص من «العناصر الإرهابية» على الحدود التركية - العراقية ستطوق شمال الموصل وفي المقدمة دهوك وزاخو، وهما من أهم مراكز حزب العمال الكردستاني شمال العراق. وأضافت أن العملية العسكرية ستؤمن معبر «أوفا كوي» الحدودي بين تركيا والعراق الذي سيشكل بديلا لمعبر «فيشخابور» في بلدة دهوك، المنفذ الوحيد على العراق، حيث ستقوم العملية بتأمين خط «أوفا كوي» حتى الموصل بجانب استرداد سنجار من «العمال» الكردستاني.
وسبق للصحيفة نفسها أن تحدثت عن العملية العام الماضي قبل انتهاء عملية «درع الفرات» التي نفذتها قوات الجيشين التركي و«السوري الحر»، حيث أشارت إلى أنه كان من المقرر تنفيذها صيف عام 2017.
ولمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مرارا، في الفترة الأخيرة إلى «عملية عسكرية محتملة» في سنجار إذا لم تقم الحكومة المركزية في العراق بما يجب عليها تجاه «تهديدات عناصر حزب العمال الكردستاني للحدود التركية»، لافتا إلى أن عملية «غصن الزيتون» لن تتوقف عند عفرين؛ بل «ستمتد إلى حدود تركيا مع العراق». وقالت الصحيفة إنه في حال تأخر الحكومة العراقية في اتخاذ «خطوة عسكرية» بشأن سنجار المجاورة لمدينة «تلعفر» ذات الغالبية التركمانية، «فإن أنقرة ستحل الأمر بنفسها».
وعدّت الصحيفة أن العملية العسكرية في سنجار ستوجه ضربة قوية للولايات المتحدة التي تنقل المساعدات إلى «الوحدات» الكردية في سوريا عبر أربيل. وقالت الصحيفة إن العملية تهدف أيضا بالدرجة الأولى إلى قطع الاتصال بين سنجار ومنطقة جبال قنديل التي يتخذها «العمال» الكردستاني منطلقاً لشن هجماته ضد تركيا، إضافة إلى منع التعاون بين مسلحي «العمال» الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال سوريا وإغلاق منافذ وصول السلاح الأميركي إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية. وأضافت أنه حال تنفيذ العملية العسكرية في سنجار فستسيطر تركيا على معبري سيميلكا وياروب على الحدود العراقية - السورية على أن يرافق الجيش التركي في عملية «درع دجلة» قوات الحشد الوطني المحلية التي تتدرب بالقاعدة العسكرية التركية في بعشيقة المجاورة للموصل والتي تم إنشاؤها منذ عام 2015 وتتصاعد المطالبات في العراق بسحب القوات التركية منها حيث يتم النظر إليها على أنها «احتلال» تركي لجزء من الأراضي العراقية.
والأسبوع الماضي ردت وزارة الخارجية العراقية على تصريحات لمسؤولين أتراك بشأن موافقة الحكومة العراقية على ضربات جوية تنفذها القوات التركية في شمال العراق قتلت نحو 50 من عناصر «العمال» الكردستاني في هاكورك وامتدت إلى سنجار. وأعلنت الخارجية العراقية، مجددا، رفض بغداد دخول القوات التركية إلى أراضي العراق، داعية أنقرة إلى التنسيق الدقيق مع بغداد بشأن عملياتها العسكرية.
وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد محجوب إن «العراق يرفض عمليات القصف العشوائي ويدعو للتنسيق من أجل تجنيب المدنيين نيران العمليات التي تقوم بها القوات التركية على الأراضي العراقية».
وأشار إلى أن الحكومة العراقية ترفض العمليات التي استهدفت مناطق بمحافظة أربيل في كردستان العراق، والتي أدت إلى إزهاق أرواح بعض المدنيين، وأن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أبلغ وكيل وزير الخارجية التركي أحمد يلديز أثناء لقائه الأسبوع الماضي بضرورة التنسيق مع بغداد بشأن العمليات العسكرية، ورفض دخول القوات التركية إلى العراق، وجدد مطالبته بضرورة خروج القوات التركية من مدينة بعشيقة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.