لوحات ومنحوتات لـغوغان ورودان ورينوار وديلاكروا ومونيه رهينة متاحف مغلقة

ثروة فنية لدى مصر تعاني من الإهمال

«لوحة زهرة الخشخاش» لفان غوخ التي ما زالت مسروقة
«لوحة زهرة الخشخاش» لفان غوخ التي ما زالت مسروقة
TT

لوحات ومنحوتات لـغوغان ورودان ورينوار وديلاكروا ومونيه رهينة متاحف مغلقة

«لوحة زهرة الخشخاش» لفان غوخ التي ما زالت مسروقة
«لوحة زهرة الخشخاش» لفان غوخ التي ما زالت مسروقة

أكثر من 500 عمل فني نادر وفريد لفنانين عالميين تملكها الدولة المصرية، لكنها حبيسة مخازن وزارة الثقافة المصرية ومتاحفها المغلقة. ومن بينها أعمال نحتية للفرنسي أوغست رودان، ولوحات شهيرة مهمة لأكبر فناني العالم، ومن بينهم بول غوغان وأوجست رينوار وأوجين ديلاكروا وغوستاف كوربيه وكلود مونيه وإدغار ديجا وهنري تلوز لوتريك ودوميه وإنجرز وميلي ومورو ولاتور ودياز وسانتير.
ولم يشفع للوحة مثل «الحياة والموت» الشهيرة لبول غوغان، بما تحمل من مفارقة حادة بين المرأة التي تنبض بالحياة والأخرى الزرقاء الباهتة الباكية، أو «ذات ربطة العنق» لرينوار، برقتها التي تخطف العين، كونهما من أيقونات القرن التاسع، لتبقيا بعيداً عن الأعين (إلا فيما ندر) بمتحف محمد محمود خليل المغلق من عام 2010، بحجة إعادة تطويره، عقب سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» لفان غوخ. والحال نفسه كان مصير منحوتة شهيرة مثل «بلزاك»، وغيرها من منحوتات رودان، ولوحات أخرى لكبار رواد التشكيل في العالم، القابعة بمتحف محمد محمود خليل ومتحف الجزيرة بالقاهرة، المغلقين للتجديد من سنوات.
ومن بين أشهر هذه الأعمال الفنية لوحات «الرجل والغليون» و«صورة شخصية للفنان» ولوحة «عارية» لكوربيه، ولوحة «الزينة» و«وجه الفنان» لديجا، و«سالومي في الحديقة» لمورو، و«المسيح بعد الصلب» و«نمر نائم» و«أسد يلتهم حصاناً» لديلاكروا، و«نبات مائي» و«كوبري على ممر مائي» لمونيه، و«الغسالات» و«لعبة الكريكيت في بدفور» لكميل بيسارو، و«زهور الداليا» لرينوار، و«أطفال يخافون الكلب» لديكامب، و«السامري الصالح» لريبوت، و«المستحمة» لتريون، و«الببغاء» لستيفنز، وغيرها من أعمال خالدة تحمل توقيع فنانين مؤثرين في حركة الفن العالمين، بالأخص خلال القرن التاسع عشر.
لكن ما قصة هذه اللوحات، وكيف وصلت إلى مصر، ولماذا آلت إلى هذا المآل؟ تبدأ القصة من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1994، في قلب العاصمة الفرنسية باريس، حين كان عشاق الفنون والشغوفون بها في العالم كله على موعد مع ما يمكن تسميته باكتشاف كنز هائل مجهول قادم من العاصمة المصرية القاهرة. هذا الكنز كان 116 لوحة وتمثالاً فريداً لأهم فناني القرن التاسع عشر، احتواها معرضٌ أقيم بمتحف أورسي (محطة القطارات التي تقع على الضفة الغربية لنهر السين، التي أصبحت أحد أهم المتاحف في العالم).
ولم يكن هذا المعرض الذي حمل عنوان: «القاهرة في باريس... أعمال منسية من القرن التاسع عشر» كغيره، فالحدث الذي حمل بوستره لوحة غوغان «الحياة والموت»، وتم بالتعاون بين وزارتي الثقافة في مصر والحكومة الفرنسية، واستمر من 3 أكتوبر حتى أول يناير (كانون الثاني) 1995، سرعان ما جذب الأنظار، وأحدث دوياً هائلاً، وحاز متابعات كثيرة، وأصبح حديث الصحافة الفنية في العاصمة الفرنسية، بما يليق بمعرض يضم 116 لوحة نادرة تعرض لأول مرة في باريس منذ اقتنائها، وتحمل توقيعات أهم فناني القرن التاسع عشر، الذين يزداد الشغف بأعمالهم يوماً بعد يوم، ويقصد متاحفهم ويرى لوحاتهم الملايين.
ووثق الفنان الناقد التشكيلي حسن عثمان لمعرض «الأورسي» في كتابه الأرشيفي التوثيقي، الصادر بعنوان «القاهرة في باريس... أعمال منسية من القرن التاسع عشر»، عن الهيئة العامة للكتاب، عام 1994. ووفق ما جمعه حسن عثمان من متابعات صحافية وبيانات صدرت عن هذا المعرض ضمنها كتابه التوثيقي، يتضح أن هذه الأعمال، التي قدرت قيمتها التأمينية آنذاك بمليار ومائتين وواحد وثلاثين مليون جنيه لدى عرضها في باريس، نبهت الأوساط الفنية والثقافية المصرية لما تحويه متاحف القاهرة من كنوز وأعمال نادرة تجذب أنظار عاشقي الفنون، وطالبوا بضرورة عرضها في مصر العرض اللائق، بل وتشدد البعض في رفضه سفر هذه الأعمال إلى باريس من الأصل، خشية تعرضها للتبديل أو التقليد لتعود لمصر النسخ المقلدة، وهو ما لم يحدث بالطبع، بل حدث العكس، فلوحة «زهرة الخشاش» لفان غوخ، التي تنازلت باريس عن استعارتها، بعدما قدر ثمنها التأميني بخمسين مليون دولار، هي التي سرقت، فيما عادت باقي اللوحات والتماثيل غير منقوصة، بل بصورة أبهى، حيث تم ترميم اللوحات التي تحتاج لذلك، وفق جهود مصرية فرنسية مشتركة.
وسرعان ما انتهت الضجة التي أثارتها الأوساط المصرية آنذاك، وذهبت مطالبهم أدراج الرياح، وخفتت الأصوات المتحدثة عن امتلاك مصر كنزاً فنياً لا يقدر بثمن، والمنادية بضرورة العرض الجيد لهذه الأعمال الفنية التي عادت إلى القاهرة من باريس، لتدخل في حقب متتالية من النسيان.
أما كيف استقرت هذه الأعمال النادرة الفريدة في القاهرة؟ كما يوثق كتابُ حسن عثمان، يعود تاريخ ذلك للنصف الأول من القرن العشرين، خلال الحقبة الملكية، والفضل في أغلبه لرئيس مجلس الشيوخ المصري رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة محمد محمود خليل (1877 - 1953)، الذي اقتنى أغلب هذه اللوحات، ما استلزم منه سنوات طوالاً قضاها دائراً في صالات ومزادات الفنون في كبرى العواصم الأوروبية، وعلى رأسها باريس، مقتنياً هذه اللوحات النادرة، ليحول منزله المطل على النيل إلى متحف يضم 304 لوحات وأعمال نحتية، بينها المجموعة الفريدة لأوغست رودان.
وبعد وفاة محمد محمود خليل، آلت هذه الأعمال إلى زوجته أميلين هكتور، التي نفذت وصية زوجها بأن يؤول منزله (المتحف)، بما فيه من مقتنيات، إلى الدولة المصرية كمنفعة عامة، بحيث تتاح هذه اللوحات لعاشقي الفنون، وهو ما لم يتحقق فيما عدا فترات زمنية قليلة، إذ راوح المتحف بين الفتح والإغلاق، كما نجا من محاولة الرئيس الأسبق محمد أنور السادات ضمه إلى منزله المجاور، بعد نقل ما فيه عام 1972 إلى قصر البرنس عمرو في المنيل، وعادت المقتنيات مرة أخرى في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، بعد تطوير المتحف على يد الفنان أحمد نوار، رئيس قطاع الفنون التشكيلة الأسبق، وأعيد افتتاحه بحضور الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
واستمر المتحف مفتوحاً حتى وقع الحادث المؤسف في عام 2010، بسرقة لوحة «زهرة الخشاش» لفان جوخ، التي لم تظهر حتى الآن. وعليه، تم غلق المتحف على ما فيه من مقتنيات، وأودع الراحل الفنان محسن شعلان، رئيس قطاع الفنون التشكيلية آنذاك، السجن. ومن يومها حتى الآن، لم يعد افتتاح المتحف بحجة عدم انتهاء أعمال تطويره وتأمينه التأمين الكافي، وإن كانت قد عرضت بعض لوحات متحف محمود خليل خلال العام الفائت في قصر عائشة فهمي (مجمع الفنون)، ضمن معرض بعنوان «كنوز متاحفنا»، لكن أغلب مقتنياته بقيت حبيسة جدران المتحف المطل على نيل الجيزة.
ومتحف الجزيرة هو الآخر، ومخازنه التي تحفظ عدداً كبيراً من هذه الأعمال النادرة، بينها لوحات لديلاكروا وكوربيه ومانيه، لم يكن أفضل حالاً من متحف محمود خليل، فالمتحف الذي خصص ليضم مقتنيات عدد من باشاوات الحقبة الملكية، ومقتنيات جمعية محبي الفنون الجميلة، المعروضة آنذاك في سراي متحف الفن الحديث، الذي أسسته رائدة النسوية العربية هدى شعراوي، إلى جانب الأعمال التي تمت مصادرتها في الحقبة الناصرية، مغلقٌ من سنوات طويلة على ما فيه من أعمال، يقال إن بعضها يتعرض للتلف بسبب سوء التخزين.
وكما يكشف الفنان أحمد نوار، الرئيس الأسبق لقطاع الفنون التشكيلية المسؤول (سابقاً) عن المتاحف الفنية في مصر، فإن متحف الجزيرة الذي يضم أكثر من 4 آلاف عمل فني لمدارس متنوعة، ما بين أوروبية وإسلامية وقبطية، بدأ العمل في تطويره خلال فترة ترؤسه القطاع في التسعينات، وتم الانتهاء من تطوير سقفه وعزله لضمان عدم تسرب المياه حفاظاً على ما به من مقتنيات، وتم الانتهاء من جميع الأعمال الإنشائية والدور الأرضي المخصص للمخزن المتحفي، بوسائل حديثة وأمن إلكتروني، وتم إنشاء مركز خاص للترميم، وتم تخزين جميع المقتنيات الخاصة بالمتحف بعد ترميمها وصيانتها تمهيداً لاستكمال الشركة المنفذة أعمال الترميم وافتتاح المتحف.
وأشار نوار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه بعدما ترك قطاع الفنون التشكيلة، توقف العمل بالمتحف، ولم يستكمل المشروع، مرجعاً ذلك لعدم تخصيص ميزانية من قبل الدولة تكفي كل مرحلة، بالإضافة لكثرة تغيير رؤساء القطاع.
ونوه المسؤول الأسبق عن المتاحف الفنية إلى أن عدم توفير الدولة الميزانية المطلوبة أدى إلى ارتفاع تكلفة تنفيذ المراحل الأخيرة، موضحاً أن تكلفة المشروع كانت في أوائل التسعينات نحو عشرين مليوناً، والآن تتخطى مئات الملايين في ضوء متغيرات العملة.
بدوره، أكد الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المسؤول الحالي عن المتاحف الفنية، أن أعمال تطوير المتحفين جارية تمهيداً لإعادة افتتاحهما. ورفض رئيس قطاع الفنون التشكيلية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، تحديد موعد معين لافتتاح متحف محمود خليل، وكذلك متحف الجزيرة، مشدداً على أن العمل مستمر من قبل المقاولين المسؤولين عن أعمال الصيانة والتأمين.وحدد سرور عدداً من العقبات التي حالت دون افتتاح المتحفين في المواعيد التي حددت لذلك سابقاً، ومن بينها طبيعة عمل المقاولين، وأزمات مثل تعويم الجنيه التي ضاعفت تكاليف الأعمال، لكنه أكد سلامة الأعمال الفنية، سواء في متحف الجزيرة أو محمود خليل، وعدم إصابتها بأي تلف نتيجة التخزين، حيث يراعى توفير الظروف المناسبة لذلك.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.