تفاصيل عن ارتباطات «داعشية» للمتورطين في محاولة اغتيال الحمد الله

مصادر في عائلة أبو خوصة لـ {الشرق الأوسط}: تحوّل إلى التشدد قبل عام وأجبر والدته وشقيقاته على ارتداء النقاب

TT

تفاصيل عن ارتباطات «داعشية» للمتورطين في محاولة اغتيال الحمد الله

أفيد، أمس، بأن العمليات التي تنفذها الأجهزة الأمنية التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة أدت إلى كشف تفاصيل حول علاقة مزعومة بين أوساط «الدواعش» وبين المشتبه بهم بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، ومدير جهاز المخابرات ماجد فرج لدى زيارتهما القطاع، في الثالث عشر من الشهر الحالي.
وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن أجهزة «حماس» اعتقلت مزيداً من الأشخاص المشتبه في تورطهم في محاولة الاغتيال، وبين من شارك في تصنيع العبوة الناسفة مع أنس أبو خوصة المشتبه به الرئيسي والذي قتل صباح الخميس في عملية أمنية كانت تهدف إلى اعتقاله في منطقة النصيرات وسط قطاع غزة.
وقالت المصادر، إن أنس أبو خوصة عمل مع مجموعة من الأشخاص لدى بعضهم «ملفات أمنية» سابقة، لكنها ليست خطيرة، كما أن بعضهم اعتقل سابقاً على خلفية حمل فكر تنظيم داعش الإرهابي. لكنها أضافت أن بينهم من يظهر للمرة الأولى على الساحة ولم يعرف عنه سابقاً أي معلومات أمنية أو أي انتماء سياسي ولا يوجد لدى أجهزة الأمن أي ملاحظات أمنية أو جنائية بحقه. وتابعت المصادر، إن أنس أبو خوصة لا ينتمي إلى أي تنظيم سياسي، لكنه قتل مع عبد الهادي الأشهب الذي كان سابقاً يعمل في أحد التنظيمات «السلفية الجهادية» الناشطة في غزة، مشيرة إلى أنه يجري ملاحقة سبعة آخرين على الأقل في عملية واسعة تنفذها الأجهزة الأمنية التابعة لـ«حماس» في مناطق متفرقة من القطاع.
وأشارت المصادر إلى أن هناك أشخاصاً اعتقلوا فجر الجمعة في منطقة دير البلح والبريج وسط القطاع، متحدثة عن دهم منازل في مناطق أخرى من وسط وشمال القطاع بحثاً عن مطلوبين.
وقالت المصادر، إن إبراهيم القريناوي، وهو أحد الأشخاص الذين اعتقلوا فجر الجمعة، يُعتبر أحد المشتبه بتورطهم في عملية التفجير، وقد يكون ساهم في تصنيع العبوة، لافتة إلى أنه معتقل سابق لدى جهاز الأمن الداخلي التابع لـ«حماس» على خلفية حمله فكر «داعش».
وأشارت المصادر إلى أن أجهزة الأمن بغزة عممت صوراً وأسماء لأشخاص مطلوبين على خلفية القضية ذاتها، أحدهم عبد الرحمن الأشهب شقيق عبد الهادي الذي قتل مع أبو خوصة في اشتباكات صباح الخميس، إلى جانب آخرين بينهم أحد أقرباء أبو خوصة، إضافة إلى شابين من عائلة واحدة تقطن في مخيم النصيرات وسط القطاع.
وعن المشتبه الرئيسي بالعملية أنس أبو خوصة، تقول المصادر، إنه جاء إلى قطاع غزة عام 2007 مع عائلته الآتية من سوريا، حيث عاش والده عبد المالك أبو خوصة (أحد كوادر «الجبهة الشعبية» وأسير محرر سابق) في دول عدة آخرها سوريا. وكان موظفاً بلا دوام على بند جهاز الأمن الوقائي. وأشارت إلى أن والده توفي قبل أعوام، كما توفي شقيقه الأكبر «سند» إثر إصابته بمرض السرطان قبل أعوام قليلة، مضيفة إنه الابن الوحيد لوالدته حالياً، ولم يكن يظهر عليه مسبقاً أي انتماء لأي جهة سياسية أو تنظيمية أو فكرية دينية.
وقالت مصادر من عائلته لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ ما يزيد على عام أصبح متشدداً في فكره، وأجبر والدته وشقيقاته على ارتداء «النقاب»، لكنها أكدت أنه لم يظهر في الوقت ذاته انتماءه لأي جهة فكرية متشددة مثل «داعش» أو «القاعدة»، وأنه «التزم دينياً» منذ عامين فقط.
وتقول مصادر فلسطينية أخرى لـ«الشرق الأوسط»، إن المجموعة المشتبه بها بتنفيذ الهجوم لديها خليط من الأفكار المتشددة التي تحملها جهات مثل «داعش» و«القاعدة»، مشيرة إلى أن عدم وجود معلومات سابقة عن بعض الشبان صعّبت من مهمة الوصول إليهم بسرعة وبقيت المعلومات شحيحة إلى أن تم التوصل لخيط طرف بسيط.
وأوضحت المصادر، أن استخدام العبوات الناسفة بمواد مبيدات زراعية واستخدام «غالون زراعي» في عملية التفجير أوصل إلى أحد الأشخاص من أفراد تنظيم «جيش الإسلام» في قطاع غزة يدعى «ج.أ»، الذي اعترف بأنه اشترى مواد متفجرة مماثلة لها عبر شخص آخر قال: إنه يشتري تلك المواد من أنس أبو خوصة الذي لم يعرف عنه أنه يعمل في هذا المجال، لكنها أشارت إلى أنه يعمل في قطاع الزراعة رغم أنه تعلم «ملتيميديا» في إحدى جامعات غزة.
وقتل أنس أبو خوصة والأشهب صباح الخميس في عملية لقوات أمن «حماس» التي فقدت أيضاً اثنين من أفرادها، إلى جانب إصابة 7 آخرين.
وتتابع قيادة «حماس» على أعلى مستوى مجريات التحقيقات مع المعتقلين الجدد وعملية ملاحقة المطاردين، فيما توصل الأجهزة الأمنية بغزة نصب الحواجز وإغلاق الحدود منعاً لهروب المطاردين من قطاع غزة.
وبحسب مصادر مقربة من «حماس»، فإن الحركة تطلع الفصائل الفلسطينية والمسؤولين عن ملف المصالحة في المخابرات المصرية على تطورات التحقيقات، وتسعى وزارة الداخلية بغزة إلى نقل معلومات كاملة عن التحقيقات لرئيس وزراء حكومة التوافق ووزير الداخلية رامي الحمدالله حول التطورات.
وتشكك حركة «فتح» وقيادة السلطة الفلسطينية في التحقيقات التي تجريها «حماس»، وتخشى أن يكون القتلى في العمليات التي جرت الخميس أبرياء.
وقال محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، خلال خطبة صلاة الجمعة في مقر الرئاسة «لن نترك أمن الناس ألعوبة ونهباً في أيدي أولئك العابثين الذين يقتلون ربما أبرياء، ولا نريد أن يستمر هذا الهزل». وأكد مجدداً أن السلطة الفلسطينية تريد من حماس تسليم قطاع غزة، قائلاً: «نريد أن نستلم غزة من الباب إلى المحراب، والأمر ليس في حاجة إلى حوارات أو مباحثات، إنما المطلوب تسليم غزة للحكومة، وأن تعودوا فصيلاً كغيركم من الفصائل». وأضاف: «لن يتم القبول بتعددية السلطة والسلاح وأجهزة الأمن وتضاربها، نريد نظاماً وقانوناً وسلاحاً واحداً، ودولة واحدة لشعب واحد».
من جانبه، قال إسماعيل رضوان، القيادي في «حماس»، إن الأجهزة الأمنية في غزة تملك الأدلة الدامغة حول عملية التفجير، مشيراً إلى أنها تمتلك أدلة دقيقة بالصوت والصورة، والتي معها «لن يبقى شك» في هوية من يقف وراء الجريمة، بحسب ما قال خلال مسيرة لـ«حماس» بغزة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.