كتاب يتناول الحياة الشخصية والسياسية للأمير سعود الفيصل

أعده وأشرف عليه د. مدني وأصدره مركز الملك فيصل

كتاب يتناول الحياة الشخصية والسياسية للأمير سعود الفيصل
TT

كتاب يتناول الحياة الشخصية والسياسية للأمير سعود الفيصل

كتاب يتناول الحياة الشخصية والسياسية للأمير سعود الفيصل

عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية صدر كتاب «سعود الفيصل: حياته وشخصيته، رؤاه وأفكاره، أعماله وإنجازاته»، الذي وقعه الدكتور نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية في السعودية مساء أمس في جناح المركز بمعرض الرياض الدولي للكتاب.
ويتناول الكتاب، الذي أعده وأشرف عليه د. مدني، حياة وشخصية الأمير الراحل سعود الفيصل وزير الخارجية السابق وعميد السلك الدبلوماسي السعودي والعربي، إلى جانب عرض آرائه وأفكاره، وأعماله وإنجازاته في مجالات السياسة والتربية والتعليم والشؤون الاقتصادية المحلية والدولية، وذلك من خلال معاصرة د. مدني للأمير الراحل وقربه منه على مدى أربعة عقود؛ مما جعله يلم بكل تفاصيل حياة الأمير الشخصية والسياسية.
وشارك في كتابة موضوعات هذا الكتاب نخبة من الشخصيات البارزة رفيعة المستوى في مجالات الثقافة والفكر والسياسة محلياً وعالمياً، ومن بينهم عدد من رؤساء الدول والوزراء والسفراء والبرلمانيين؛ الذين تناولت كتاباتهم كل ما يخص الأمير الراحل وما يعرفونه عنه.
يشار إلى أن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية يشارك في معرض الرياض الدولي للكتاب 2018، من خلال جناح خاص بالمركز رقمه (C17)، يتضمن إصدارات متنوعة من كتب وبحوث ودراسات كثيرة في مجالات عدة؛ منها: الدراسات الإسلامية، واللغوية، والدراسات المعاصرة، والبحوث العلمية، وكتب التراث المحققة، بجانب «مجلة الفيصل»، و«الدراسات اللغوية»، و«الفيصل العلمية»، والكتب والدراسات والكشافات التي توثق مسيرة الملك فيصل، والأمير سعود الفيصل رحمهما الله.
إضافة إلى إصدارات مجلة «الفيصل» بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيس دار الفيصل الثقافية وصدور المجلة في عام 1977؛ حيث أصدرت الدار خمسة مجلدات مختارة من منشوراتها، وهي: الملك فيصل في الفيصل، قصص من ذاكرة الشعوب، تشكيل، قصائد، حوارات.
كما يضم جناح المركز عدداً كبيراً من الإصدارات السابقة مثل: «الحياة العلمية في عصر ملوك الطوائف في الأندلس، أنشاب الكُثُب في أنساب الكتب، المسلمون والنظام العالمي الجديد، اختصار الكتب بين التراكم والاجترار، العربية... هذه اللغة الشريفة، السلفية الجهادية... تاريخ الفكرة، التراث العمراني للحضارة الإسلامية، التراث الثقافي... ماهيته ومهدداته وكيفية الحفاظ عليه، تسهيل المعارج إلى تحقيق المخارج»، وعدداً من الإصدارات الحديثة المتنوعة بين تراثية وثقافية، ودراسات فكرية معاصرة.



«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.