كتب أحمد الفريدي لاعب نادي النصر والمنتخب السعودي السطور الأخيرة من صفحات مسيرته الكروية الحافلة بالأخطاء المتراكمة والأحداث المتسارعة، ضارباً بمصلحة ناديه ومنتخبه الوطني عرض الحائط بعدما قطع كل وسائل التواصل مع الإدارة النصراوية وغاب عن التدريبات بعد تصريحه الإعلامي الأخير الذي أثار حفيظة النصراويين.
وبدا أن الفريدي لم يستفد من التجارب التي مر بها بداية من محطته الأولى في نادي الهلال ومروراً بالاتحاد قبل أن ينتقل لنادي النصر، واستمر على ما كان عليه متمرداً على اللوائح والأنظمة الداخلية للأندية التي مثلها، فلم يكن بأحسن الأحوال في علاقته بإدارة الهلال ولا جمهوره، واستمر بين مد وجزر مع إدارة الهلال والمدربين الذي أشرفوا عليه حتى انتقل إلى نادي الاتحاد لكن لم يجد نفسه في النادي الغربي، وظل حبيساً لمقاعد البدلاء أو خارج حسابات المدربين، ورفض استغلال الفرص المتكررة في ناديه الحالي.
ورغم السنوات الطويلة التي قضاها في الهلال والبطولات التي حققها معه، لم يندم على رحليه جمهور الهلال، بسبب مشكلاته المتكررة وخروجه الدائم عن النص، وعدم انصياعه لتعليمات الإدارة، وحتى الاتحاديين لم يحزنهم انتقاله للنصر لعدم جدوى بقائه في صفوف ناديهم، حيث ظل خارج التشكيل الأساسي في غالب المباريات، وتكاد بصماته الفنية لا تذكر في مسيرته الكروية مع أقطاب الكرة السعودية التي مثلها.
انقطاع اللاعب عن التدريبات وظهوره الإعلامي المستفز للإدارة النصراوية، ليس بجديد على أحمد الفريدي الذي اعتاد الشارع الرياضي السعودي منه على مثل هذه التصاريح، وتصدر غيابه المستمر عناوين الصحف اليومية، وبات من اللاعبين الذين لا يعول عليهم الكثير، حتى أن غالبية محبي وعشاق النصر يتمنون رحيله بعد نهاية الموسم الحالي، لتطوى صفحته في مسيرة ناديهم.
كما لم يحسن استغلال اهتمام تركي آل الشيخ رجل الرياضة الأول في السعودية، الذي تكفل بنفقات معسكر إعدادي خاص به في نادي مانشستر يونايتد لمدة عشرة أيام، بهدف رفع مخزونه اللياقي وجاهزيته البدنية، لتسخير إمكانياته الفنية لخدمة الأخضر السعودي في نهائيات كأس العالم، وعاد من المعسكر بخفي حنين.
الفريدي يفتقد إلى سلاح المثابرة والجد والاجتهاد، وهي من أهم الأسلحة التي يعتمد عليها اللاعب المحترف خلال سنواته الرياضية، وهذا ما اتضح للجميع، حيث كرر نفس الأخطاء في الأندية الثلاثة التي مثلها على الرغم من تغير المدربين والإدارات والرؤساء، وبات خارج حساباتهم.
المحطة الثالثة للاعب كانت الاختبار الحقيقي لمدى انضباطيته ومدى حرصه على اتباع الأنظمة واللوائح الداخلية للنادي، لكنه فشل في هذا الاختبار كما فشل قبله، وظهر في حديث فضائي محبطاً ومنتقداً لسياسة ناديه، مرجعاً لها سبب تدهور مستواه الفني وابتعاد ناديه عن المنافسة هذا الموسم بعد خروجه من مسابقة كأس الملك على يد الباطن وخسارته من الفريق نفسه بثلاثة أهداف.
ولم يقبل الفريدي الاعتذار عما بدر منه تجاه إدارة ناديه، وحديثه الذي أغضب جميع النصراويين، بأنه مهتم بتجارته الخاصة أكثر من اهتمامه بناديه، ولم يوفِ بوعده لتركي آل الشيخ رئيس هيئة الرياضة السعودية حينما بوعده بإنقاص 4 كلم من وزنه خلال فترة قصيرة، كون آل الشيخ انتقد وزن الفريدي الزائد في مواجهة الرائد، وألمح إلى أنه لم يستفد من معسكر مانشستر يونايتد، وعاد بوزن زائد.
الموهبة الكروية التي يمتلكها، قلما يجدها المتابع للمنافسات السعودية في لاعب غيره، حتى أن الكرة لا تستطيع التمرد عليه ويطوعها حيثما يشاء ويصل لمرمى الخصوم من أقصر الطرق وأقرب المساقات، بيد أنه هو من تمرد على موهبته، ولم يطوعها لخدمة ناديه، ولا منتخب وطنه الذي يعد الخاسر الأكبر للاعب موهوب قادر على صناعة الفارق الفني بلمساته السحرية وصناعته للأهداف بطريقة لا يستطيع غيره فعلها.
لا أحد يستطيع إنكار أن أحمد الفريدي لاعب موهوب إلى حد الإمتاع والإقناع، يعزف أجمل الألحان على المستطيل الأخضر بلمساته الساحرة، وأدائه المذهل متى ما كان في يومه، غير أن مزاجيته تتحكم في تصرفاته التي تطغى عليها العصبية في غالب الأحيان، وهو ما أفقده الاتزان في اتخاذ قراراته سواء داخل أو خارج الملعب، وتمتد عصبيته إلى حد الخشونة مع لاعبي الخصوم، ونال على إثرها الكثير من البطاقات الملونة، بالإضافة إلى اعتراضه المتكرر على قرارات الحكام ودخوله في نقاشات حادة معهم.
ولا يعلم الفريدي ما يخبئه له القدر في الأيام المقبلة، فهذا الانقطاع غير المبرر لا يليق بلاعب محترف يتقاضى ملايين الريالات في الموسم الواحد، وينتظر منتخب بلاده مشاركة مونديالية، حيث يحظى باهتمام رئيس مجلس الهيئة العامة للرياضة الذي حرص على إعداده للمشاركة في المحفل العالمي، وهي الفرصة التي يحلم بها جميع اللاعبين، غير أنه غير مبالٍ بهذا الاهتمام ولا بتمثيل الأخضر السعودي.
الحماسة التي يلمسها المتابع الرياضي في غالبية اللاعبين في الملاعب السعودية في إثبات قدرتهم على ارتداء قميص الوطن، منذ بداية التصفيات المؤهلة لنهائيات روسيا 2018 كانت واضحة، فجميع اللاعبين الأساسيين بذلوا مجهودات مضاعفة في الدوري السعودي لتثبيت أقدامهم على الخريطة الأساسية، وحتى أن لاعبي أندية المؤخرة والوسط كان طموحهم الوصول لصفوف المنتخب، وقدموا كل ما لديهم للفت أنظار الجهاز الفني، بيد أن أحمد الفريدي كأن الأمر لا يعنيه بشيء وظل مزاجياً في تحركاته وأدائه.
متى ما رغب الفريدي الاستمرار في الملاعب والبقاء في دائرة النجومية، عليه المسارعة في اغتنام الفرصة التي ربما لن تتكرر له في المستقبل بخدمة وطنه في نهائيات كأس العالم، والاعتذار عما بدر منه تجاه ناديه، والعودة مجدداً للتدريبات، وطي صفحة الغيابات حتى لا تكون نهايته وشيكة، ويجد نفسه خارج حسابات مدرب منتخب بلاده، وأسوار ناديه، ولا ترغب في استقطابه جميع الأندية السعودية.
الفريدي يفرط في الفرصة «المونديالية»
اللاعب الجدلي فشل في الاستفادة من اهتمام المسؤولين بقدراته الكروية
الفريدي يفرط في الفرصة «المونديالية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة