الكونغرس «يرفع الفيتو» عن أسلحة يطلبها لبنان

الجيش ينتظر «ترجمة عملية» للدعم السياسي والمعنوي في «روما 2»

TT

الكونغرس «يرفع الفيتو» عن أسلحة يطلبها لبنان

لم تتضح حتى الساعة نتائج مؤتمر «روما 2» الذي عُقد في العاصمة الإيطالية الأسبوع الماضي تحت عنوان دعم الأجهزة الأمنية اللبنانية. فرغم كل ما أشيع عن مبالغ مالية تم رصدها لتسليح الجيش وتطوير معداته، نفت مصادر عسكرية تماماً هذا الموضوع، لافتة إلى أن الجيش لا يزال ينتظر ترجمة فعلية وعملية للدعم السياسي والمعنوي الذي تلقاه في مؤتمر «روما 2».
إلا أن رئيس الحكومة سعد الحريري فاجأ يوم أمس اللبنانيين بالإعلان عن أن الكونغرس رفع الفيتو عن بعض الأسلحة التي كان طلبها لبنان، وأن واشنطن ستقدم معدات بمثابة هبة بقيمة 110 ملايين دولار، من دون إيراد أي تفاصيل إضافية. وفي حين نفت المصادر العسكرية تبلّغ قيادة الجيش بهذا الموضوع بشكل رسمي، أشارت مصادر في تيار «المستقبل» الذي يرأسه الحريري، إلى أن تفاصيل ما أعلنه خلال جلسة الحكومة يوم أمس ستتضح خلال الساعات الـ48 المقبلة.
ورجح العميد إلياس حنا، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن تكون واشنطن رفعت الفيتو عن طائرات الهيلكوبتر الهجومية، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كلاماً منذ أيام بهذا الخصوص بدأ تداوله مباشرة بعد مؤتمر روما. وأشار حنا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية «جاهزة لدعم الجيش بكل ما من شأنه مساعدته في إمساك الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب، لكنها تتفادى مده بالأسلحة الهجومية والكاسرة للمعادلات؛ خوفاً من سقوط هذا السلاح بأيدي (حزب الله)»، معتبراً أنه وبعد تأكيد رئيسي الجمهورية والحكومة التزامهما ببحث الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات النيابية: «يبدو أن واشنطن قررت رفع الفيتو عن الهيلكوبترات الهجومية بعدما كانت قد قدمت إلى لبنان في السنوات القليلة الماضية طائرات (سيسنا) و(سوبر توكانو)، وهي طائرات غير نفاثة تؤمّن الدعم الجوي للوحدات المقاتلة براً».
وكانت السفارة الأميركية في بيروت أعلنت نهاية العام الماضي عن برامج مساعدات عسكرية جديدة للبنان تقدر قيمتها بأكثر من 120 مليون دولار، لافتة إلى أنها تشمل «ست طائرات هليكوبتر هجومية خفيفة من طراز (إم.دي350.جي) وست طائرات من دون طيار جديدة من طراز (سكان إيغل)، بالإضافة إلى أحدث أجهزة للاتصالات والرؤية الليلية». وتقدر واشنطن إجمالي المساعدات المقدمة للجيش اللبناني منذ عام 2006 بنحو 1.5 مليار دولار.
وأشار المصدر العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الدعم الأميركي للجيش لم يتوقف، وهو غير مرتبط بمؤتمر هنا أو هناك»، وأضاف: «كل ممثلي الدول في مؤتمر (روما 2) عرضوا خدماتهم في مجال التدريب، حتى أن كندا عرضت إنشاء مركز تدريب بالقرب من منطقة عرسال. أما كل ما حكي عن أموال دفعت أو ستدفع على شكل هبات، كلام غير دقيق على الإطلاق، باعتبار أنه حتى ما أعلنت عنه فرنسا تبين أنه نوع من دين».
وأوضح المصدر، أن «قيادة الجيش لا تزال تعول على أن يُترجم الدعم المعنوي والسياسي عملياً من خلال مساهمة الدول بتطبيق الخطة الخمسية التي تقدم بها الجيش إلى مؤتمر روما»، وقال: «كان واضحاً تماماً خلال المؤتمر اقتناع الجميع بأن الجيش اللبناني يشكل خط الدفاع الأول عن أوروبا من خلال محاربته للإرهابيين ومنعهم من عبور البحر الأبيض المتوسط، حتى أن الولايات المتحدة الأميركية تحدثت خلال (روما 2) عن تجربتها الناجحة بدعم الجيش وحثّت بقية الدول على القيام بالمثل».
وقد أصر رئيس الحكومة خلال انعقاد مجلس الوزراء، يوم أمس، على التأكيد أن مؤتمر «روما 2» كان «ناجحاً جداً»، لافتاً إلى إن كان فيه «تأكيدات على الاستقرار وأهمية الأمن في لبنان».
وعرض الحريري نتائج المؤتمر أمام رئيس الجمهورية والوزراء، الذي حضرته «40 دولة درست المشروعات التي تقدمت بها الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية». وفي حين تحدث عن «تجاوب مع أوراق العمل اللبنانية، على أن تحصل مفاوضات ثنائية بين لبنان والدول التي أبدت استعدادها للمساعدة»، لفت إلى أن فرنسا «قدمت مبلغاً ائتمانياً بقيمة 400 مليون يورو سيتم درسه بين الجانبين اللبناني والفرنسي». وقال: «تبلغنا من الجانب الأميركي أن الكونغرس رفع الفيتو عن بعض الأسلحة التي كان طلبها لبنان، وستقدم معدات بمثابة هبة بقيمة 110 ملايين دولار»، مشيراً إلى أن «ثمة دولاً أخرى سيتم التواصل معها لتأمين مساعدات للأجهزة الأمنية».
وأعلن السفير التركي في لبنان، تشغاتاي اجيياس، يوم أمس، أن «تركيا سلمت الجيش اللبناني 147 قطعة غيار للدبابات ولناقلات الجنود المدرعة، تصل قيمتها إلى مليون دولار أميركي»، مشيراً إلى أن «هذه المنحة تأتي ضمن اتفاقية المساعدات الخارجية العسكرية اللوجيستية المبرمة بين البلدين». وأعرب اجيياس عن أمله «أن يسهم هذا التبرع في دعم استقرار لبنان وأمنه، وكذلك السلام الإقليمي»، مؤكداً «دعم تركيا المستمر لاستقرار وأمن واستقلال وسيادة لبنان»، لافتاً إلى أن «التحديات التي تواجهها كل من تركيا ولبنان متعددة الأوجه وخطيرة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.