كشفت مصادر مطلعة في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط» عن مخاوف من حدوث مواجهات جديدة بين الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المدينة، في وقت قال وزير الدفاع الليبي السابق محمد البرغثي إن ضباطاً مشاركين في الاجتماعات الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية في القاهرة سعوا إلى إقناعه بقبول منصب مساعد القائد الأعلى للجيش في حال التوصل إلى اتفاق نهائي.
وقال مسؤولان أحدهما عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن ما «يعرف باسم كتيبة البقرة التي يقودها بشير البقرة تقوم حالياً بحشد عناصرها وآلياتها العسكرية في طرابلس، استعداداً على ما يبدو لخوض جولة جديدة من المعارك ضد ميليشيات منافسة لها موالية لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج وتحظى بدعم بعثة الأمم المتحدة».
ورجح المسؤول العسكري «وقوع اشتباكات في طرابلس، خلال أيام، وذلك بناءً على رصد حشد كبير لميليشيا البقرة، والتي على الأغلب تستعد للهجوم على قاعدة معيتيقة المنفذ الجوي الوحيد لغرب ليبيا»، لافتاً إلى أن «هذه الميليشيا تضم مقاتلين متطرفين هاربين من المنطقة الشرقية بالإضافة إلى آخرين من المنطقة الغربية».
وتحدث مسؤول أمني آخر عما وصفها بمعلومات عن قيام ميليشيات البقرة في معقلها بضاحية تاجوراء بالضاحية الشرقية لطرابلس، بتجميع الآليات والأفراد في أماكن محددة، مضيفاً أن «لديهم ورشة تعمل كل الوقت لتصفيح الآليات... هذه تحركات غير عادية».
واعتبر المسؤول الذي طلب عدم تعريفه أن هذه التحركات ربما تستهدف خلط الأوراق أكثر وإفشال المساعي الرامية إلى توحيد الجيش في ختام الاجتماعات التي ترعاها السلطات المصرية في القاهرة بين ضباط ليبيين يمثلون مختلف المناطق العسكرية. في غضون ذلك، حذرت مديرية أمن طرابلس مما وصفتها بمحاولات «دنيئة تهدف إلى غرس الفتن والمحاولات الخبيثة لزعزعة الأمن من خلال استغلال حق التظاهر وحاجات المواطن البسيط لتحقيق مآربهم». وقالت، في بيان، إن «من واجب الجميع التصدي لتلك المؤامرات بسد الطريق أمام كل حاقد».
وكان فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق، قد أصدر منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، قراراً بحل الكتيبة 33 مشاة التي يقودها بشير البقرة عقب هجوم شنته على كتيبة ثوار طرابلس وقوة الردع الخاصة التابعة لوزارة الداخلية الليبية في محيط مطار معيتيقة بالعاصمة، ما أدى إلى سقوط عشرين قتيلاً على الأقل وإغلاق المطار وإصابة طائرات بأضرار خلال محاولة فاشلة لتهريب متشددين من سجن مجاور. ومعيتيقة قاعدة جوية عسكرية قرب وسط طرابلس وبدأت تتعامل مع الرحلات المدنية بعد أن أصبح المطار الدولي خارج نطاق الخدمة في 2014 كما يوجد سجن مجاور تحتجز فيه قوة الردع نحو 2500 شخص بينهم محتجزون يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش.
إلى ذلك، قال محمد البرغثي وزير الدفاع الليبي السابق لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى اتصالات من ضباط ليبيين - رفض تعريفهم - مشاركين في الاجتماعات التي بدأت في العاصمة المصرية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، بهدف إقناعه بقبول منصب مساعد القائد الأعلى للجيش الليبي فائز السراج رئيس حكومة الوفاق في حال إبرام اتفاق نهائي على توحيد الجيش.
وبدأت في القاهرة برعاية اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا، جولة مفاوضات هي السادسة من نوعها منذ أشهر بين اللواء عبد الرحمن الطويل، رئيس الأركان المكلف من المجلس الرئاسي لحكومة السراج، والفريق عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان الجيش الوطني الليبي.
وقال البرغثي: «اتصل بي ضباط من المشاركين في اجتماع القاهرة، لسؤالي عن رأيي حول إعادة تشكيل الجيش واقتراح شخصين كمعاونين للقائد الأعلى السراج منهم أنا (البرعثي) عن شرق ليبيا وناجى مختار عن الجنوب». واعتبر أن البلاد في حاجة إلى مؤسسة عسكرية موحدة. وأضاف: «لا يمكن أن تقوم دولة في ظل جيش منقسم وثلاث حكومات وبرلمانين، ولا بد أن تنتهي هذه المهازل ويتوحد الجيش في ظل حكومة واحدة تهيئ لانتخابات رئاسية وبرلمانية واستفتاء على الدستور».
لكن مصادر في وفد الجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر نفت لـ«الشرق الأوسط» في المقابل صحة مقترح متداول منذ أول من أمس يقصي المشير حفتر عن قيادة الجيش ويعيّن السراج قائداً أعلى مع تعيين نائبين له. وقال مسؤول عسكري إن «الجانب المصري لم يقدم رسمياً أي مقترح بتعيين أشخاص، ولم يطلب من المشاركين في اجتماعات القاهرة الانحياز لطرف على حساب الطرف الآخر».
وعلى الرغم من حالة التفاؤل التي تسود أروقة اجتماعات القاهرة، صدرت أصوات معارضة لها في مصراتة ومن قياديين في عملية البنيان المرصوص التي تشنها قوات موالية لحكومة السراج على تنظيم داعش في ضواحي مدينة سرت الساحلية.
لكن حكومة السراج سعت إلى احتواء أزمة سببتها تصريحات مناوئة لهذه الاجتماعات أطلقها العميد محمد الغصري الناطق باسم وزارة الدفاع في الحكومة والذي يشغل أيضاً منصب الناطق باسم عملية البنيان المرصوص. وأصدر أوحيدة عبد الله وكيل وزارة الدفاع قراراً مفاجئاً بإلغاء تكليف الغصري كناطق باسم الوزارة، علماً بأن الأخير كان قد اعتبر في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس أن اجتماعات القاهرة غير مجدية وليست شفافة، قبل أن يطالب بنقلها إلى داخل ليبيا.وللمرة الثانية اتهم عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، عصابة مسلحة خارجة عن القانون تابعة لعملية الكرامة، بمحاولة اغتياله أثناء زيارته مدينة يفرن يوم الأربعاء الماضي. وهذا هو أحدث اتهام من نوعه يوجهه السويحلي إلى عملية الكرامة التي أطلقها المشير حفتر ضد المتطرفين قبل نحو أربع سنوات في شرق البلاد.
من جهته، قال محمد السلاك الناطق باسم حكومة السراج إن مفاوضات القاهرة لهدف توحيد الجيش الليبي «تسير بشكل إيجابي وجيد حتى الآن».
وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس أن «المفاوضات لا تزال مستمرة»، معتبراً أن «من المبكر الحديث عن نتائج نهائية على الرغم من التقدم الذي أحرزته الأطراف المفاوضة من الضباط العسكريين». لكنه شدد في المقابل على «أهمية أن تكون القيادة العسكرية للجيش تحت السلطة المدنية»، وقال إن السراج على «يقين كامل بأن كافة الأطراف المشاركة في الاجتماعات، على قدر كاف من المسؤولية والجدية نحو توحيد المؤسسة العسكرية، من أجل مواجهة كافة التحديات التي تواجه ليبيا، وعلى رأسها تحديات الإرهاب».
إلى ذلك، أعربت وزارة الدفاع بحكومة السراج عن أسفها ورفضها القاطع لعملية الاختطاف التي تعرض لها المدعي العام العسكري للجيش الليبي اللواء مسعود رحومة يوم الخميس الماضي بالقرب من منزله في طرابلس. وطالبت الوزارة في بيان الخاطفين بالإفراج الفوري عنه، وحذرت من «عواقب هذه الأفعال المرفوضة شرعاً وقانوناً».
مخاوف من معارك وشيكة في طرابلس
السويحلي يتهم مجدداً قوات تابعة لحفتر بمحاولة اغتياله
مخاوف من معارك وشيكة في طرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة