اهتمام أميركي واسع بزيارة ولي العهد السعودي

وسط توقعات بزيادة الشراكات الاقتصادية والاستثمارية وفق {رؤية المملكة 2030}

TT

اهتمام أميركي واسع بزيارة ولي العهد السعودي

بدأ الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، زيارته إلى واشنطن أمس، واحتلت الزيارة جزءاً كبيراً في تغطيات الصحف ووسائل الإعلام الأميركية، وخصوصاً أنها الزيارة الأولى للأمير محمد بن سلمان منذ أصبح ولياً للعهد. وتأتي الزيارة في وقت بالغ الأهمية، في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تغيرات متسارعة لم تشهدها منذ عقود، سواء على مستوى التهديدات الأمنية، أو عدم الاستقرار السياسي الذي تعاني منه بعض الدول العربية بسبب الأوضاع الداخلية، وعلى رأسها سوريا واليمن، وبخاصة مع استمرار قيام إيران بممارساتها المعهودة في التدخل في شؤون الدول الأخرى بهدف زعزعة الاستقرار في الدول المجاورة وتقوية نفوذها في المنطقة على حساب الدول الأخرى.
واهتمت العديد من وسائل الإعلام الأميركية، بالملف الإيراني الذي سيحتل أولوية كبيرة في لقاء الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب المقرر عقده اليوم في البيت الأبيض، خاصة في ظل استمرار تعنت طهران وعدم احترامها لسيادة الدول الأخرى، واستمرارها في تمويل الجماعات والميليشيات العسكرية لإثارة الفوضى في الدول المجاورة خاصة في سوريا والعراق واليمن. ومن المرجح أن يناقش الجانبان صفقة بيع مفاعلات نووية أميركية إلى السعودية، خصوصاً في الوقت الذي تسعى فيه المملكة لتقليل الاعتماد على البترول في العديد من نواحي الاقتصاد.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن الأمير محمد بن سلمان يناقش خلال لقائه مع الرئيس ترمب آلية اتخاذ الولايات المتحدة موقفا متشددا ضد طهران. وأضافت أن موقف الأمير محمد بن سلمان تجاه إيران لقي صدى عند إدارة ترمب التي ترغب في اتباع سياسة أكثر تشددا ضد طهران بسبب ممارستها غير المقبولة في المنطقة. وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن غياب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عن المشهد بعد استبعاده من قبل الرئيس ترمب الأسبوع الماضي واختيار مايك بومبيو مدير وكالة المخابرات الأميركية (سي آي إيه) بدلا منه، سيمهد الطريق لبعض أفراد الإدارة الأميركية الراغبين في مواجهة إيران بشدة في تنفيذ خطتهم، وهو ما يتفق مع ما تسعى إليه السعودية.
وأكد أوين دانيال، الخبير بمعهد أتلانتيك، أن أحد أهم الملفات التي تتم مناقشتها خلال لقاء الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس ترمب اليوم هي كيفية مواجهة إيران من خلال استراتيجية أميركية - سعودية. وأضاف أنه من المرجح أن تتخذ الولايات المتحدة موقفا أكثر تشددا مع إيران خلال الفترة المقبلة سواء بصورة فردية أو من خلال شراكة مع حلفاء واشنطن. وكان الرئيس الأميركي قد عبر في أكثر من مرة عن إحباطه من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه بين طهران وكل من الولايات المتحدة وألمانيا وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة عام 2015، ويهدف الاتفاق إلى وقف طموحات إيران النووية من خلال وقف أنشطتها النووية مقابل إلغاء بعض العقوبات عليها، ومنذ وصول ترمب إلى البيت الأبيض اتخذت الإدارة الأميركية موقفا متشددا تجاه إيران واتهمتها بزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وأشار دانيال إلى أن استمرار دعم إيران للمتمردين الحوثيين في اليمن وسعيها لامتلاك وتطوير أسلحة باليستية يمثل تهديدا لأمن المنطقة، وأضاف أنه سيتم التركيز خلال الزيارة على استمرار دعم الولايات المتحدة لجهود التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وسلطت العديد من الصحف الأميركية الضوء على الإصلاحات الاجتماعية التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، والتغير الذي اعتبره العديد من الخبراء والمسؤولين الأميركيين الأبرز في تاريخ السعودية. ويأتي السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات وفتح المجال أمامها للعمل، على رأس الإصلاحات التي تشهدها المملكة في هذا الشأن.
وفيما يخص الشق الاقتصادي للزيارة، أكدت هليما كروفت، الخبيرة بمؤسسة «آر بي كي» للأسواق الرأسمالية، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان تستهدف أيضا جذب استثمارات أجنبية إلى السعودية، وبخاصة بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي تتبعها المملكة لتنويع مصادر الدخل وتسهيل إجراءات الاستثمارات لجذب مستثمرين أجانب. وأضافت أن ولي العهد السعودي أجرى حزمة واسعة من الإصلاحات في إطار رؤية 2030، ويسعى خلال زيارته إلى الولايات الأميركية المختلفة إلى تصدير صورة حقيقية عن التغيرات التي يشهدها مناخ الاستثمار في السعودية، وأنها تفتح أبوابها للمستثمرين الأجانب في إطار خطة شاملة لإعادة بناء الاقتصاد المحلي.
وعن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه السعودية، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الأمير محمد بن سلمان يهدف من خلال هذا البرنامج إلى إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي وخروجه من وضعية الاعتماد على البترول التي ظل مغمورا فيها لعقود طويلة، مشيرة إلى أنه يسعى إلى إعادة بناء المنظومة الاقتصادية من جديد. وأضافت أن الأمير محمد بن سلمان مصمم على مواجهة كل التحديات السابقة التي طالما أرجأ القادة السعوديون مواجهتها على مدى أربعين عاما. وقال بلوتكن بوغاردت، الخبير بمعهد الشرق الأدنى بواشنطن، إن هناك دعما جيدا من الولايات المتحدة لبرامج التحول التي يقوده الأمير محمد بن سلمان في السعودية.
من ناحيتها, ذكرت صحيفة «وول ستريت» أن الأمير محمد بن سلمان غير الوضع القائم في السعودية الذي استمر لعقود زمنية، من خلال حزمة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي شرعت المملكة في تطبيقها، خاصة في المجال الاقتصادي، من خلال تنويع مصادر الدخل القومي وعدم الاعتماد بصورة كلية على عوائد البترول في الموازنة العامة، والذي كان يشكل خطرا على مستقبل المملكة في حالة تدني أسعار البترول لأي سبب، وهو ما عانت منه المملكة خلال السنوات الماضية، وأدى إلى اهتزازات في بنية الاقتصادي المحلي وعدم قدرة الحكومة على الالتزام بحجم الإنفاق الكلي المحدد في الموازنة العامة. وأضافت الصحيفة أن السعودية تخلت عن النمط التقليدي في سياستها الخارجية في سبيل وقف تغلغل النفوذ الإيراني في المنطقة.



السعودية تؤكد دعمها الكامل لقرارات «قمة فلسطين» في القاهرة

الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في الرياض الثلاثاء (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في الرياض الثلاثاء (واس)
TT

السعودية تؤكد دعمها الكامل لقرارات «قمة فلسطين» في القاهرة

الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في الرياض الثلاثاء (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في الرياض الثلاثاء (واس)

أكّد مجلس الوزراء السعودي الدعم الكامل لقرارات «قمة فلسطين» العربية غير العادية في القاهرة، الهادفة إلى تأكيد رفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وإنهاء التداعيات الكارثية الناتجة عن الحرب، مشدداً على حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونيل حقوقه المشروعة، بما فيها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

جاء ذلك خلال جلسته، الثلاثاء، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في الرياض، حيث أدان قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، داعياً المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته تجاه هذه الانتهاكات الخطيرة، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية، وضمان الوصول المستدام للمساعدات.

وتوجَّه ولي العهد بالحمد لله أن بلَّغ المسلمين شهر رمضان المبارك، وعلى ما أكرم السعودية بشرف خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، مؤكداً الاعتزاز بمواصلة القيام بهذه المسؤولية العظيمة، وبذل كل الجهود وتسخير جميع الإمكانات لتوفير سبل الراحة لضيوف الرحمن منذ قدومهم حتى مغادرتهم إلى ديارهم سالمين غانمين.

مجلس الوزراء نوّه بما تضمنه بيان السعودية ولبنان المشترك بشأن أهمية التطبيق الكامل لـ«اتفاق الطائف» (واس)

وأطلع المجلس على فحوى الرسائل التي تلقاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد، من رئيسي أذربيجان إلهام علييف، وجمهورية القمر المتحدة عثمان غزالي. كما أحيط بنتائج مباحثات الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال زيارته الرسمية للرياض، وما اشتملت عليه من استعراض سبل دعم وتعزيز علاقات البلدين بمختلف المجالات، وبحث مستجدات الأوضاع في لبنان والمنطقة والجهود المبذولة تجاهها.

ونوّه بما تضمنه بيان السعودية ولبنان المشترك، بشأن أهمية التطبيق الكامل لـ«اتفاق الطائف»، والقرارات الدولية ذات الصلة، وبسط الدولة اللبنانية سيادتها، وحصر السلاح بيدها، والتأكيد على الدور الوطني للجيش اللبناني، وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية.

وفي الشأن المحلي، أكد مجلس الوزراء استمرار الدولة في دعم منظومة الخدمات الاجتماعية والمبادرات الوطنية التي تستهدف توفير المسكن الملائم للأسر المستحقة، مشيداً بالتعاون وتكامل الأدوار بين الجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية، وأفراد المجتمع لتحقيق أهداف حملة «جود المناطق».

الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في الرياض الثلاثاء (واس)

واستعرض سير العمل في المشاريع التنموية والخدمية الكبرى الجاري إنجازها لتعزيز مسيرة النهضة الشاملة في البلاد، مباركاً افتتاح أولى مراحل مشروع «المسار الرياضي» الذي سيسهم في ترسيخ مكانة مدينة الرياض ضمن أفضل المدن العالمية.

واتخذ المجلس جملة قرارات تضمنت تفويض وزير الداخلية بالتباحث مع المالديف بشأن مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الدفاع المدني والحماية المدنية، ووزير التعليم بالتباحث مع أمانة مجلس التعاون الخليجي حول مشروع مذكرة تعاون علمي وتعليمي، ووزير السياحة بالتباحث مع الأردن بشأن مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الترويج والتسويق السياحي.

ووافق على نموذجين استرشاديين لمذكرتي تفاهم في مجالي الصناعة والثروة المعدنية مع دول أخرى، وتفويض وزير الصناعة بالتباحث حولهما والتوقيع عليهما، كذلك اتفاقيات مقر مع مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة مع مصر. وفي مجال خدمات النقل الجوي مع بروناي دار السلام، ومذكرات تفاهم بشأن المشاورات السياسية مع آيرلندا. وفي مجال تعزيز المنافسة مع قطر، ومكافحة جرائم الإرهاب مع العراق، والتعاون بين النيابة العامة ومكتب المدعي العام الأذربيجاني.

جانب من الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء السعودي في الرياض الثلاثاء (واس)

وأقرّ مجلس الوزراء تحويل اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي إلى مركز، والموافقة على ترتيباته التنظيمية وتعديل نظام تطبيق الكود، وتأسيس أكاديمية للكود، كذلك تنظيم «هيئة تسويق الاستثمار». كما اطّلع على موضوعات عامة مدرجة على جدول أعماله. من بينها تقريران سنويان لمكتبة الملك فهد الوطنية، وجامعة القصيم. وقد اتخذ ما يلزم حيالها.