لندن تهدّد باستهداف أصول مالية مرتبطة بالكرملين

خبراء دوليون إلى بريطانيا للتحقيق في تسميم الجاسوس

TT

لندن تهدّد باستهداف أصول مالية مرتبطة بالكرملين

أكّد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أمس، أن بريطانيا ستستهدف أصولاً مالية مرتبطة بالكرملين رداً على تسميم جاسوس مزدوج سابق في بريطانيا، وذلك قبيل زيارة خبراء دوليين في الأسلحة الكيميائية لبلاده للتحقيق في الأمر. وقال جونسون لمحطة «بي بي سي» الإخبارية «في حالة الأشخاص الذين راكموا ثروات من خلال الفساد، وحين يمكن أن نجد صلات بالكرملين وفلاديمير بوتين، قد يكون ممكناً إصدار أوامر متعلقة بثروات غير مبررة وفرض عقوبات أخرى على هؤلاء الأشخاص».
وتعرض الجاسوس الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا لهجوم بغاز أعصاب في مدينة سالزبيري في الرابع من مارس (آذار) الحالي، وهما حالياً في حالة حرجة، ما دفع بريطانيا لطرد 23 دبلوماسياً روسياً، الأمر الذي ردت عليه موسكو بالمثل.
ويزور خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بريطانيا، اليوم الاثنين، لجمع عينات من غاز الأعصاب المستخدم في الهجوم. وقالت الخارجية البريطانية، في بيان، إن هذه العينات «ستنقل لمعامل دولية مرموقة تختارها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتخضع للفحص، ومن المتوقع أن تصدر النتائج في غضون أسبوعين على الأقل». وأشار جونسون إلى أن الحكومة تدرس مقترحاً مماثلاً لـ«قانون ماغنيتسكي» الذي أصدرته واشنطن في العام 2012 لمعاقبة المسؤولين الروس المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وفرض القانون الأميركي حظراً على تأشيرات السفر وجمّد أصولاً عائدة لمسؤولين روس متورطين في مقتل سيرغي ماغنيتسكي، وهو ناشط روسي ندد باحتيال ضريبي وتوفي في سجن روسي في العام 2009.
واتهم جونسون روسيا بـ«إنكار» الاتهامات البريطانية و«الاستهزاء بها»، وشدد على أن المجتمع الدولي يدعم موقف بلاده في القضية. وأضاف أن السلوك «الخبيث والتخريبي» لروسيا على الصعيد الدولي هو ما دفع حلفاء بلاده «إلى عدم منح روسيا أي فائدة» في القضية. وأول من أمس، أكد فلاديمير شيزوف السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي أن موسكو «ليس لها أي علاقة» بالهجوم، متهماً جونسون بـ«التصرف بشكل غير مناسب» إثر توجيهه أصابع الاتهام لبوتين. وفي حديثه عن بوتين يوم الجمعة الماضي، قال جونسون «نرجح بشكل كبير أن التوجيه باستخدام غاز للأعصاب في الشوارع البريطانية والأوروبية لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية كان قراره». وقال شيزوف إن «روسيا أوقفت إنتاج أي مواد كيميائية منذ 1992».
لكن الخارجية البريطانية رفضت تصريحاته، مشددةً على أن لديها «معلومات تشير إلى أنه خلال العقد الفائت، حققت روسيا تقدماً في طرق نقل غاز الأعصاب لاستخدامه في الاغتيالات على الأرجح». وقالت في بيان إن «جزءاً من هذا البرنامج تضمن إنتاج وتخزين كميات من مادة نوفيتشوك». ولمح شيزوف إلى أن بريطانيا نفسها قد تكون مصدر الغاز المستخدم في الهجوم. وقال: «حين يكون لديك غاز أعصاب، فإنك تجربه ضد العينات المؤكدة التي بحوزتك في معاملك». وأضاف: «بورتون تاون، كما نعرف جميعاً، هي أكبر منشأة عسكرية في بريطانيا تتعامل في أبحاث الأسلحة الكيميائية، وهي بالفعل على بعد ثمانية أميال فقط من سالزبيري» حيث وقع الهجوم. ووصف جونسون اتهامات شيزوف بأنها «تثير السخرية»، معتبراً أن «هذا ليس رداً من بلد يؤمن بأنه بريء».
وقالت صحف بريطانية، أمس، إن الحكومة تنظر في إقرار تشريع طارئ لتسهيل مصادرة أصول في بريطانيا تم الحصول عليها بمال روسي قذر. كما تخطط لفرض قيود على سفر حلفاء بوتين واستهداف أموال النخبة الروسية الثرية التي تعيش في بريطانيا. وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن الحكومة طلبت من شركات الطاقة تعزيز دفاعاتها الإلكترونية بسبب المخاوف من محاولة روسيا اختراق أنظمة تشغيل محطات الطاقة.
وعلى خلفية تداعيات الأزمة الدبلوماسية بين بريطانيا وروسيا، قال جون لاوث، مدير شؤون الدفاع والصناعات والمجتمع بـ«المعهد الملكي للخدمات المتحدة»، وهو منظمة بحثية مقرها لندن، إن «من الصعب ألا نعتقد أن أمراً خطيراً قد حدث». وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: «بالطبع، ليست هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها أشياء تحدث في شوارعنا (في بريطانيا)، ولذلك علينا أن نقبل احتمال أن يكون هناك أشخاص يعملون ضدنا». وتابع: «هذا ليس مفاجأة كبيرة. إذا كنا نقوم بوضع سيناريو لمنظور روسيا الذي يصور الغرب على أنه عدو يجري تطويقه، وأنها سوف تستعيد نفوذها من خلال شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا، وإظهار الازدراء نحو القوة الغربية، والتدخل في انتخاباتنا، فإننا لا نكون قد تجاوزنا كثيراً الوضع الذي نحن فيه الآن». وتابع: «إنها لا تبدو دولة صديقة ولا تتبع القواعد العادية، في ظل وضعها الاقتصادي الذي يبدو على حافة الهاوية ومشكلاتها الهيكلية الداخلية الهائلة. عندما ترى ذلك (مثلما الحال مع بوتين)، فإنك تشتت الانتباه (انتباه الشعب) عن طريق التحول إلى بطل متنمر على صعيد السياسات الخارجية». وقال: «أعتقد أنها لحظة فاصلة. أنا شخصياً صدمت جراء رد (بريطانيا) الضعيف حيال شبه جزيرة القرم وإسقاط طائرة في أوكرانيا. أعتقد أن ذلك صادم. أرى أن هذا قد يكون مشكلة كبيرة. وأعتقد أننا سنرى ردوداً في شكل تدريب مشترك لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، كما أعتقد أننا سنشهد مزيداً من الحشد المسبق للأصول (العسكرية) في أوروبا الشرقية». وقال: «أعتقد أن هذه هي اللحظة التي سيستيقظ فيها الغرب».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.