السودان والأمم المتحدة يتفقان على خروج قوة حفظ السلام المختلطة

TT

السودان والأمم المتحدة يتفقان على خروج قوة حفظ السلام المختلطة

توصلت الحكومة السودانية إلى اتفاق مع الأمم المتحدة، تحدد بموجبه موعد خروج البعثة المشتركة لحفظ السلام في إقليم دارفور غرب البلاد، وإكمال المرحلة الأولى من الانسحاب التدريجي للبعثة المتفق عليه مع الخرطوم في يونيو (حزيران) المقبل، وذلك لتحسن الأوضاع الأمنية والإنسانية في الإقليم المضطرب.
وقال مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمر دهب، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (سونا) أمس، إن المرحلة الأولى من الخروج التدريجي لقوات البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور والمعروفة اختصاراً بـ«يوناميد»، ستنتهي في يونيو المقبل، وذلك تنفيذاً لاستراتيجية خروج قوات البعثة الدولية المتفق عليها مع الحكومة السودانية عام 2017.
وفي مايو (أيار) 2017، أجازت آلية ثلاثية مكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وحكومة السودان في أديس أبابا الإثيوبية اتفاقية «استراتيجية خروج بعثة يوناميد»، وقضت بخروج تدريجي للبعثة الأممية من السودان وإعادة هيكلتها، بعد تأكيدها تحسن الأوضاع الأمنية والإنسانية في الإقليم المضطرب منذ عام 2003.
ووفقاً للسفير دهب، فإن مجلس الأمن الدولي سيجري في يونيو المقبل تحليلاً للأوضاع في دارفور، ليقرر بعدها بدء المرحلة الثانية من مراحل خروج قوات يوناميد، وذلك استناداً إلى قرار مجلس الأم الصادر في يونيو 2017 الذي أجاز خروج يوناميد المتفق عليه بين الأطراف الثلاثة.
وأوضح دهب أن الأمم المتحدة اعترفت لأول مرة بتحسن الأوضاع في دارفور، وأنها «أصبحت آمنة عدا جيب صغير في مناطق جبل مرة»، ما يجعل من الانسحاب التدريجي فيصلاً بين مرحلتي النزاع وبناء السلام.
وقال دهب إن حكومته تعاونت مع الدول والمجموعات كافة من أجل الوصول إلى سلام في دارفور، مشيراً في ذلك إلى «اتفاقية الدوحة للسلام في دارفور» والموقعة مع حركة تحرير السودان 2011، باعتبارها سرعت التحول للوضع الطبيعي في الإقليم، بإتاحتها المطلوبات اللازمة للانتقال من وضع النزاع إلى الوضع الآمن تحت إشراف آلية دولية لمتابعة التنفيذ.
وتبعاً للمسؤول السوداني، فإن تقارير آلية متابعة تنفيذ اتفاقية الدوحة أكدت «تحسن الأوضاع»، معتبراً عودة الأوضاع إلى طبيعتها «نجاحاً للقوة الأمنية والحكومة السودانية»، وتابع: «أصبحت مآلات الأحداث تدعو إلى ضرورة تنفيذ استراتيجية الخروج، وتعني في المقام الأول أن المهمة نجحت، لتخرج قوات البعثة بعد أن نجحت في تنفيذ المهمة التي أوكلت لها».
وانتشرت قوة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في إقليم دارفور السوداني بداية عام 2008، من أجل حفظ السلام في الإقليم الذي يشهد حرباً بين القوات الحكومية، والحركات المتمردة المسلحة منذ عام 2003. وخلف النزاع أكثر من 300 ألف قتيل، وتشرد بسببه قرابة 2.5 مليون شخص، وفقاً للإحصائيات الأممية، فيما تعترف الحكومة السودانية بأعداد أقل.
وتعد يوناميد «ثاني أكبر بعثة حفظ سلام في العالم» توفدها الأمم المتحدة، وتلي في ذلك بعثة حفظ السلام التي أرسلت لدولة «الكونغو الديمقراطية»، وتتكون من أكثر من 20 ألفاً من العسكريين وجنود الشرطة والموظفين المدنيين من جنسيات مختلفة، وبلغت ميزانيتها السنوية 1.4 مليار دولار.
وفي فبراير (شباط) الماضي أعلنت البعثة بدء المرحلة الأولى من الانسحاب التدريجي بخفض عديدها إلى 8735 عسكرياً، و2500 شرطي، ويكتمل بحلول 30 يونيو المقبل، وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي لتلك القوات من دارفور تدريجياً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.