ليبيا: «الصاعقة» تنفي انشقاقاً في قواتها بسبب قائد مطلوب من «الجنائية»

الاتحاد الأوروبي يسعى لزيادة تدريب خفر السواحل بهدف وقف الهجرة

عناصر من القوات الخاصة في الجيش الوطني الليبي فوق دبابة في أحد شوارع بنغازي (أ. ف. ب)
عناصر من القوات الخاصة في الجيش الوطني الليبي فوق دبابة في أحد شوارع بنغازي (أ. ف. ب)
TT

ليبيا: «الصاعقة» تنفي انشقاقاً في قواتها بسبب قائد مطلوب من «الجنائية»

عناصر من القوات الخاصة في الجيش الوطني الليبي فوق دبابة في أحد شوارع بنغازي (أ. ف. ب)
عناصر من القوات الخاصة في الجيش الوطني الليبي فوق دبابة في أحد شوارع بنغازي (أ. ف. ب)

نفت القوات الخاصة (الصاعقة)، التابعة للجيش الوطني الليبي، وجود انشقاق في صفوفها على خليفة قضية الرائد محمود الورفلي، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب قتل معتقلين في بنغازي (شرق ليبيا) على مدى العامين الماضيين.
وقالت مصادر أمنية وعسكرية إن الورفلي محتجز في مكان غير معلوم بمقر قيادة الجيش الوطني خوفاً على حياته، وخشية تعرضه لمكروه، مشيرة إلى أنه يتم السماح لأسرته من وقت لآخر بزيارته، بينما تم منع الاتصالات الهاتفية عنه مؤخراً.
وقال ضابط بالقوات الخاصة على صلة بالورفلي لـ«الشرق الأوسط» «إنه في مكان آمن لا يمكن الإفصاح عنه. أموره جيدة، لكنه بالطبع في مكان يخضع للقوانين العسكرية».
ونقل مصدر عسكري عن الجنرال ونيس بوخمادة، قائد الصاعقة، أن «الحديث عن انشقاق في قوات الصاعقة أمر معيب وكاذب»، مضيفاً أن هذه التقارير «غير صحيحة بالمرة».
من جهته، اعتبر العقيد ميلود الزوي، المتحدث باسم القوات الخاصة لـ«الشرق الأوسط» أن ملف قضية الورفلي «شأن خاص بالدولة الليبية، وإذا كانت هناك محاكمة، فلتكن داخل ليبيا... لا خارجها... نحن نرفض تسليم الرائد محمود الورفلي، سواء للمحكمة الجنائية الدولية أو للشرطة الدولية (الإنتربول)»، وأضاف متسائلاً: «ما هي القضية التي سيحاكم عليها الرائد الورفلي؟ هل هي قضية قتل (الدواعش)؟ العالم كله يحارب (الدواعش)، ونحن جزء من هذا العالم، والأجدر أن يحاكموا من يدعم هؤلاء (الدواعش)».
وجاءت تصريحات الجنرال بوخمادة والعقيد الزوي، رداً على تقرير لوكالة «رويترز» أفاد بأن الغموض بشأن الورفلي أثار شقاقاً بين قادة عسكريين، معتبرة أن هذه القضية كشفت عن تصدع في صفوف قوات الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
وكان حفتر قد صرح خلال اجتماعه مع بوخمادة وقادة آخرين بالقوات الخاصة، الشهر الماضي، بأن الورفلي «قضيته الوطن، والوطن أكبر من أي محكمة»، وذلك وفق ما ذكرته عدة مصادر حضرت الاجتماع. وفي الأسبوع الماضي اضطر الجنرال بوخمادة للتدخل شخصياً لإقناع أنصار الورفلي، الذين أغلقوا عدة طرق في مدينة بنغازي للمرة الثانية، بإنهاء احتجاجهم.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في شهر أغسطس (آب) الماضي، مذكرة بشأن توقيف واعتقال الورفلي للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب شرق البلاد.
ميدانياً، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، أن قوة أمنية قتلت مساء أول من أمس خمسة من عناصر عصابة مسلحة، وأصابت قائدها خلال مداهمة بمدينة صرمان، الواقعة على بعد 60 كلم غرب طرابلس. وفي غضون ذلك استمر الغموض حول ملابسات خطف اللواء مسعود أرحومة، المدعي العام العسكري التابع لحكومة السراج، قرب منزله أول من أمس في منطقة صلاح الدين جنوبي العاصمة طرابلس.
ونفى نوري الوحيشي، رئيس نيابة طرابلس العسكرية، ما نقلته عنه قناة «النبأ» التلفزيونية التابعة لـ«الإخوان المسلمين»، بأن اعتقال مسعود تم بناءً على مذكرة اعتقال بحقه من نيابة في مدينة الزاوية على خلفية أحداث فبراير (شباط) عام 2011. وقال الوحيشي في بيان مقتضب «لم يصدر عني أي تصريح أو بيان أو مداخلة لقناة (النبأ) في هذه الواقعة».
واختطف مسلحون مجهولون، أول من أمس، المدعي العام العسكري قرب منزله بطرابلس، واقتادوه بقوة السلاح إلى جهة مجهولة بعد إطلاق النار، وفقاً لما أفادت به عائلته، فيما قال مركز شرطة الهضبة إنه تلقى بلاغاً بشأن الحادث.
من جهة أخرى، أعلن الأميرال إنريكو كريدندينو، قائد المهمة البحرية للاتحاد الأوروبي بالبحر المتوسط، أن الاتحاد يرغب في الإسراع بتوسيع تدريب خفر السواحل الليبي لوقف تدفق المهاجرين إلى إيطاليا، ولتقليل حوادث الوفاة في البحر، في إشارة إلى جهد جديد لدعم قوة تكافح لحماية سواحلها.
وقال إنريكو إن العملية «صوفيا»، التي يقودها، تأمل في تدريب ما بين 300 و500 فرد بحلول نهاية العام الحالي، وأضاف أن خفر السواحل الليبي نشط للغاية، خصوصاً في النصف الثاني من 2017، مرجعاً ذلك إلى التدريب الذي وفرته المهمة وإلى زوارق الدورية التي قدمتها إيطاليا.
لكن رغم زيادة المساعدة من الاتحاد الأوروبي وإيطاليا، لا يزال خفر السواحل الليبي يواجه اتهامات من منظمات خيرية أوروبية بأنه يعمل بتهور خلال عمليات الإنقاذ، مما يعرض حياة المهاجرين للخطر، وهي اتهامات ينفيها خفر السواحل الليبي دوماً.
وبدأت العملية «صوفيا» في مراقبة المتدربين الليبيين في أواخر 2017، وزودت زوارق خفر السواحل بكاميرات لتسجيل نشاطهم.
وقال كريدندينو «نحن نراقب خفر السواحل الليبي. نراقبهم في البحر... ولدينا طائرات ولدينا سفن تراقبهم ونعقد أيضاً اجتماعات دورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».