اليوسفي: تغييري مسار رحلة عبد الناصر من المغرب إلى الجزائر سبب سقوطي في الانتخابات

«أحاديث في ما جرى» يستعرض سنوات الجرب والإشاعات المزيفة... وقصة أول وآخر ترشيح

اليوسفي رفقة العاهل المغربي الملك محمد السادس (غيتي)  - غلاف كتاب «أحاديث في ما جرى» («الشرق الأوسط»)
اليوسفي رفقة العاهل المغربي الملك محمد السادس (غيتي) - غلاف كتاب «أحاديث في ما جرى» («الشرق الأوسط»)
TT

اليوسفي: تغييري مسار رحلة عبد الناصر من المغرب إلى الجزائر سبب سقوطي في الانتخابات

اليوسفي رفقة العاهل المغربي الملك محمد السادس (غيتي)  - غلاف كتاب «أحاديث في ما جرى» («الشرق الأوسط»)
اليوسفي رفقة العاهل المغربي الملك محمد السادس (غيتي) - غلاف كتاب «أحاديث في ما جرى» («الشرق الأوسط»)

قال عبد الرحمن اليوسفي، رئيس وزراء المغرب خلال حكومة التناوب التوافقي (1998 - 2002)، والأمين العام الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن دوره في تحويل زيارة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر من المغرب إلى الجزائر، كان سبباً في سقوطه خلال الانتخابات التشريعية لعام 1963. جاء ذلك في مذكراته الصادرة حديثاً بعنوان «أحاديث في ما جرى» التي استعرض فيها شذرات من سيرته الذاتية، كما رواها لرفيقه في الحزب والمقاومة مبارك بودرقة، الملقب «عباس». وتضمنت مذكرات اليوسفي في جزئها الأول، والتي تضمنت 5 فصول، صفحات عن نشوء الحركة الوطنية وجيش التحرير ودورهما معاً في الكفاح من أجل الاستقلال، إضافة إلى تسجيل الإرهاصات الأولى للبناء الديمقراطي وترسيخ حقوق الإنسان، وما واكب ذلك كله، أحياناً، من صراعات بين السلطة والأحزاب خلال ما سُمي «سنوات الرصاص»، قبل وصول المعارضة إلى الحكم.
تنظيم أول إضراب
انخرط اليوسفي مبكراً في مواجهة تحديات الحياة وهو تلميذ صغير، في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي. فقد انتقل وحيداً من مدينة طنجة، مسقط رأسه في شمال المملكة، إلى مدينة مراكش في جنوبها، لمواصلة دراسته في المرحلة الثانوية، بعد أن تم رفض طلب حصوله على منحة تؤهله للالتحاق بثانوية مولاي يوسف بالرباط. وقبل بداية الرحلة، كان عليه اجتياز العديد من العراقيل الإدارية، كالحصول على جواز السفر، وطلب التأشيرة من القنصلية الإسبانية لعبور المنطقة الشمالية الخاضعة للنفوذ الإسباني، ثم الحصول على تأشيرة ثانية من القنصلية العامة الفرنسية لعبور المناطق الجنوبية الرازحة تحت الحماية الفرنسية.
وحين يتذكر اليوسفي تلك اللحظات، يقول إن شعوراً بالإهانة كان ينتابه وهو يخضع للمراقبة والتفتيش بصفة متكررة، من طرف أجانب وبطريقة سلطوية، ما دفعه إلى طرح العديد من الأسئلة حول تقسيم التراب الوطني بين قوتين أجنبيتين، وحول المضايقات التي كانت تعترض تنقله لغرض إتمام دراسته الثانوية في بلده المغرب. لكن لم يسعفه سنه آنذاك للإجابة عن كل تلك الأسئلة، إلا أن ذلك أسهم في تنامي وعيه حول الاستعمار، وعرقلة حرية التنقل، والحق في التمدرس، وأخيراً الحق في المقاومة، بدءاً بالاستنكار والاحتجاج.
في تلك الفترة نسج اليوسفي علاقة صداقة مع العديد من الطلاب في مراكش، وأسهم في تنظيم أول إضراب في الثانوية، احتجاجاً على قرار ظالم صادر عن المراقب العام، الذي أراد أن يعاقب جميع التلاميذ بدعوى أن أحدهم بصق على قطعة من الخبز، وقد وقفوا جميعاً محتجين ضد هذه العقوبة، «مؤكدين أنه لن يتجرأ أي مغربي أن يبصق على قطعة من الخبز، وهذا أمر مترسخ في تقاليدنا وثقافتنا».
وبعد التأكد من الأمر، اتضح أن المشكل يتعلق بقطعة صغيرة من الملح لم يتم ذوبانها كلية داخل العجينة، فطفت على سطح الخبز وبدت كأنها بصقة.
ومن بين زملاء اليوسفي في تلك الفترة، الذين ذكرهم على سبيل المثال لا الحصر: الطيبي بنهيمة الذي سيصبح وزيراً للخارجية، ومحمد الشياظمي الذي أصبح أميناً عاماً للبرلمان، ومحمد بوستة الأمين العام الأسبق لحزب الاستقلال، ووزير خارجية المغرب الأسبق، الذي كان يتقاسم معه طاولة الدراسة في السنة الأولى، قبل أن يفترقا في السنة الثانية، غير أنهما سيلتقيان لاحقاً «حول ملفات وطنية ولحظات تاريخية»، كان أبرزها ميلاد الكتلة الديمقراطية في بداية التسعينات من القرن الماضي.
مرحلة الاستقطاب السياسي
عند عودة اليوسفي إلى الرباط لإتمام دراسته بثانوية مولاي يوسف، وللتحضير لنيل شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، كان المهدي بنبركة في تلك الفترة أحد الأطر الشابة للحركة الوطنية، وكان أستاذاً للرياضيات بثانوية «غورو»، كما كان أستاذاً لنفس المادة بالمدرسة المولوية (الأميرية)، التي كان الأمير مولاي الحسن (ولي العهد آنذاك) وأصدقاؤه من تلاميذها.
في تلك المرحلة سوف يجد اليوسفي نفسه منجذباً نحو الاستقطاب السياسي الذي كان يقوده بنبركة، كممثل للقيادة الجديدة للحركة الوطنية، وقد كان يحث الجيل الصاعد على الانخراط في العمل السياسي والنضال من أجل التحرر والانعتاق. وقد توجت هذه المرحلة بأداء اليوسفي ورفاقه في ثانوية مولاي يوسف اليمين على المصحف الكريم في شهر ديسمبر (كانون الأول) 1943 كإعلان عن انضمامهم لحزب الاستقلال.
وفي تطور لاحق، وبعد مرور شهر على ذلك القسم، تم الإعلان على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 من يناير (كانون الثاني) 1944، و«كان القسم ينص على الوفاء للدين وللوطن وللملك، وعلى الاحتفاظ بأسرار الحزب وعدم كشف تنظيماته». غير أن إقدام سلطات الاستعمار الفرنسي على اعتقال قيادة حزب الاستقلال سوف يفجر الأوضاع، بخروج ساكنة الرباط في مظاهرات حاشدة بساحة المشور أمام القصر الملكي، سرعان ما انضم إليها تلاميذ ثانوية مولاي يوسف، وضمنهم اليوسفي، لكنهم وجدوا أنفسهم في موقف جد حرج بعد أن أغلقت داخلية ثانوية مولاي يوسف أبوابها في وجوههم.
ولأن المهدي بنبركة كان يتابع الوضع من بعيد، فقد تدخل لدى بعض قادة الحركة الوطنية، الذين كلفهم بمرافقة التلاميذ لدى العائلات الرباطية قصد إيوائهم لعدة أيام. وفي خضم تلك التفاعلات، أصيب اليوسفي، كما يحكي في كتابه، بداء الجرب، وكانت آثاره بادية على يديه، فتوجه إلى المحجز، ليفاجأ بوجود نفسه داخل مأوى مليء بالعديد من الحيوانات الهزيلة والمريضة. وما إن عرض حالته على إدارة المحجز، ومن دون أي فحص أو سؤال، حتى طلب منه نزع ملابسه، وبدأت عملية رش جسده بمادة كريهة الرائحة وشديدة الألم، بمجرد ملامستها لجسمه، وفهم فيما بعد أنها نفس المادة التي تُرش بها الحيوانات المصابة بالجرب.
حكاية الطربوش والإنزال الأميركي
من بين القصص التي يحفل بها كتاب اليوسفي أنه منذ مغادرته مدينة طنجة لمتابعة الدراسة في مراكش والرباط، بقي متمسكاً باللباس التقليدي، أي الجلباب والطربوش، مشيراً إلى أن حادثة عرضية دفعته إلى التخلي نهائياً عنهما منذ سنة 1944، ولم يرتدِهما منذ تلك الفترة سوى لأسباب بروتوكولية سنة 1998، بعد أن عُين وزيراً أول على رأس حكومة التناوب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
وفي تفاصيل الحادثة العرضية التي أجبرته على التخلي عن الجلباب والطربوش، أنه كان راكباً على متن دراجة هوائية في أحد شوارع مدينة الدار البيضاء، ومرت بقربه سيارة عسكرية (جيب) على متنها جنود من البحرية الملكية (المارينز)، فانتزع أحدهم الطربوش من فوق رأسه وانطلقوا مقهقهين.
وعندما حاول شراء طربوش آخر، اكتشف أن ثمنه يعادل الراتب الشهري الذي كان يتقاضاه كمعلم، فقرر التخلي عنه وعن الجلباب معاً.
ورغم مرور العديد من الأعوام على هذه الحادثة العرضية فقد ظلت عالقة بذهنه، ويحكي أنه عندما استقبل وزير الدفاع الأميركي وليم كوهن، بصفته وزيراً أول (رئيس وزراء)، تذكر حكاية الطربوش، فرواها للوزير كوهن، وخاطبه مازحاً «بما أنك وزير للدفاع والمسؤول الأول عن الجيش الأميركي، فإنك مدين لي بالطربوش الذي انتزعه مني أحد جنودكم المارينز سنة 1944». فرد المسؤول الأميركي على هذه الدعابة بالقول «أعترف لكم باسم الجيش الأميركي بهذا الدين، وسنعمل على تسديده». وبالفعل فقد حصل اليوسفي بعد مضيّ أسابيع على قبعة أميرال للجيش الأميركي، «كانت جميلة» حسب وصفه، لكنها لم تعوض له «بهاء القيمة المعنوية لذلك الطربوش المفقود».
كأس العرش لكرة القدم
وبالإضافة إلى المقاومة، لا ينسى اليوسفي في شذراته أن يذكّر بدوره في إنشاء عدد من الجمعيات والمنظمات لتأطير الشباب في مجالات متعددة، كالمسرح والكشفية والرياضة، إذ أسهم في تأسيس فريق الاتحاد البيضاوي لكرة القدم بالحي المحمدي، الذي ما زال يمارس نشاطه حتى الآن بمدينة الدار البيضاء. وكان اليوسفي قد انتُخب آنذاك كأول كاتب عام للعصبة المغربية لكرة القدم، التي قامت بتنظيم أول دوري لكأس العرش في كرة القدم بتاريخ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1946، وذلك بمشاركة العديد من الفرق البيضاوية.
وفي الحي المحمدي، يتذكر اليوسفي أيضاً، كيف جاءت فكرة نقل أموات المسلمين في سيارة بيضاء، مكتوب عليها عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقال إن أحد المناضلين كانت لديه ورشة لإصلاح السيارات، وهو من تكلف بإخراج أول سيارة لنقل الموتى.
أول وآخر ترشيح
ورغم ما كان يتمتع به اليوسفي من شعبية، فإنه لم يترشح للانتخابات سوى مرة واحدة، وكان ذلك سنة 1963، حين اختارته الأمانة العامة لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية للترشيح بمدينة طنجة. واعتبر أن نتيجة الانتخاب تم تغييرها لصالح منافسه، عقاباً له على ما سماه التدخل الذي قام به في الجزائر في نهاية شهر مايو (أيار) 1963 لتحويل مسار رحلة الرئيس المصري جمال عبد الناصر إلى الجزائر بدل المغرب. وقد اعترف اليوسفي بذلك، وقال إنه أوعز إلى الرئيس الجزائري آنذاك أحمد بن بلة بأن يتصل بعبد الناصر، الذي كان يستعد لزيارة المملكة في وقت كانت تتهيأ فيه للانتخابات التشريعية، وذلك حتى لا تستغلها الحكومة للتغطية على حملات الاعتقالات في صفوف أحزاب المعارضة.
اتصل بن بلة بعبد الناصر وفاتحه في الموضوع، فرد عليه قائلاً بأنه يوجد على متن الباخرة التي غادرت المياه المصرية متوجهة إلى المملكة المغربية، فطلب منه تحويل الرحلة نحو الجزائر، حديثة العهد بالاستقلال، لكونه زار المغرب سنة 1961، وهذا ما تم بالفعل.
وحين ظهرت نتائج الانتخابات التشريعية، أُعلن عن فوز جميع أعضاء الأمانة العامة لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ما عدا اليوسفي، ومنذ ذلك الحين قرر ألا يُكرر التجربة على الإطلاق، وهو الوعد الذي التزم به إلى الآن.
الهدايا... أخبار مزيفة
استغل اليوسفي مذكراته لينفي عن نفسه ما راج في بعض وسائل الإعلام من كونه تلقى هدايا عندما كان على رأس حكومة التناوب التوافقي (1998 - 2002). وفي هذا الصدد أكد أن أخباراً راجت في بعض الصحف، تزعم أنه حصل على مبلغ مالي خيالي كتعويض من هيئة الإنصاف والمصالحة، إضافة إلى أخبار مماثلة ادّعت أنه حصل على هدايا عينية في شكل ضيعات بمناطق مختلفة في المغرب، متسائلاً عن «غايات وتهافت من يطلقون أخباراً مزيفة مماثلة».
وسجل اليوسفي بتقدير موقف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالمغرب، الذي بادر إلى إصدار بيان ينفي فيه أن يكون قد طالب أصلاً بتعويض من هيئة الإنصاف والمصالحة، وكذا خبر تعويضه بمليار سنتيم.
وذكّر بأن صحيفة حزبه «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» نشرت له سابقاً تصريحات موثقة، أوضح خلالها أنه لم يحصل على أي هدايا من الدولة المغربية، سوى هديتين من الملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس، هما عبارة عن ساعتي يد.
مشدداً على أنه كان يرفض دائماً الحصول على أي تعويضات غير مبررة قانونياً في أثناء ممارسة مهامه الحكومية، وأعلن أنه اتخذ قراراً إرادياً، لم يلزم به باقي الوزراء، «هو أنني كنت دوماً أحيل تعويضات مهامي بالخارج إلى صندوق التضامن مع العالم القروي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».