ترقب دولي لتسلم بومبيو مهام «الخارجية»... وسط أمل روسي وتمسك صيني بالمحادثات الكورية

الأسواق المالية تتجاوز مخاوفها عقب إقالة تيلرسون

بومبيو يتوسط مدير الـ«إف بي آي» كريستوفر راي (يسار) ومدير الاستخبارات الوطنية دانييل كوتس في جلسة استماع بالكونغرس في فبراير الماضي (واشنطن بوست)
بومبيو يتوسط مدير الـ«إف بي آي» كريستوفر راي (يسار) ومدير الاستخبارات الوطنية دانييل كوتس في جلسة استماع بالكونغرس في فبراير الماضي (واشنطن بوست)
TT

ترقب دولي لتسلم بومبيو مهام «الخارجية»... وسط أمل روسي وتمسك صيني بالمحادثات الكورية

بومبيو يتوسط مدير الـ«إف بي آي» كريستوفر راي (يسار) ومدير الاستخبارات الوطنية دانييل كوتس في جلسة استماع بالكونغرس في فبراير الماضي (واشنطن بوست)
بومبيو يتوسط مدير الـ«إف بي آي» كريستوفر راي (يسار) ومدير الاستخبارات الوطنية دانييل كوتس في جلسة استماع بالكونغرس في فبراير الماضي (واشنطن بوست)

تواصلت ردود الفعل الدولية أمس على إقالة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، وترشيح مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو ليحل محلّه، وكانت إيران في مقدمة المنتقدين للقرار، معتبرة أنها إشارة لتوجه واشنطن للانسحاب من الاتفاق النووي. إذ قال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء «إيسنا»، إن «الولايات المتحدة مصممة على الانسحاب من الاتفاق النووي، والتغييرات داخل وزارة الخارجية أجريت لهذه الغاية، أو على الأقل هذا أحد أسبابها».
في المقابل، هناك اعتقاد في الأوساط الدبلوماسية العربية أن مقاربة وزير الخارجية المعيّن قد تكون أنجع من تلك التي انتهجها تيلرسون في كبح النشاط الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ومواجهة سلوك طهران المزعزع للاستقرار في سوريا والعراق ولبنان واليمن. كما تترقب هذه الأوساط سياسة بومبيو تجاه أزمة قطر، بعد أن باءت مقاربة سلفه بالفشل.
وإلى جانب الملف النووي الإيراني، تنتظر بومبيو مهمات دولية في غاية التعقيد، تتقدمها الأزمة السورية والتوتر الغربي - الروسي، والمحادثات المرتقبة مع كوريا الشمالية، وشبح حرب تجارية دولية. وفيما يلي بعض أبرز ردود الفعل على ترشيح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مايك بومبيو لتسلم حقيبة الخارجية:

أمل روسي في تحسن العلاقات
رأى الكرملين أمس أن العلاقات مع الولايات المتحدة «لا يمكن أن تكون أسوأ في ظل ولاية وزير الخارجية المعيّن». وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في رد على سؤال حول التغيرات في الإدارة الأميركية: «لا يمكن أن تصل الأمور إلى أدنى مما هي عليه، وبالتالي فإنه من غير المرجح أن تكون أسوأ».
وأضاف بيسكوف: «في مطلق الأحوال، يبقى الأمل قائما بمقاربة بناءة للعلاقات الثنائية، هناك أمل على الدوام».
وقبل أن يتولى الخارجية، عمل ريكس تيلرسون على مدى عشرين عاما بتعاون وثيق مع روسيا، في إطار مهامه كرئيس مجلس إدارة شركة النفط «إكسون موبيل»، وكان يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بانتظام.

تأجيل محتمل لاجتماع أميركي ـ تركي
في أول تعليق رسمي تركي على قرار إقالة تيلرسون، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن العلاقات القائمة بين أنقرة وواشنطن ليست مرتبطة بأشخاص، موضحاً أن موقف بلاده ثابت وواضح، وأن تركيا لا تولي أهمية بالغة إزاء ما يفكر به الوزير الأميركي الجديد تجاه تركيا.
وتشهد العلاقات التركية الأميركية توتراً بلغ ذروته، مع انطلاق عملية «غصن الزيتون» في عفرين السورية، وزار تيلرسون أنقرة في فبراير (شباط) الماضي، واتفق مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو على تشكيل لجان مشتركة من كلا البلدين لتطبيع علاقات البلدين، وكان مقررا أن يترأسا اجتماعا للجنة في 19 مارس (آذار) الجاري، إلا أن جاويش أوغلو أعلن أمس أن الاجتماع قد يتأجل بسبب إقالة تيلرسون.
وذكر وزير الخارجية التركي أمس أن تركيا تأمل في بناء علاقات طيبة مع وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو: «لكن عليه احترام أنقرة». وركزت وسائل إعلام تركية على تغريدة تزعم أن بومبيو كتبها بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في 2016، قبل أن يتولى منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وأشار فيها إلى تركيا على أنها «ديكتاتورية إسلامية مستبدة». وحُذفت التغريدة لاحقا، كما ذكرت «رويترز».

تمسك صيني بمحادثات مع كيم
من جانبها، عبّرت الصين أمس عن أملها في ألا تؤثر الإقالة المفاجئة لتيلرسون على العلاقات الثنائية، أو على المحادثات المقررة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وصرح المتحدث باسم الخارجية الصينية، لو تشانغ، للصحافيين في مؤتمر صحافي: «نأمل في ألا يكون لهذا التغيير أي تأثير على تطور العلاقات الصينية - الأميركية الثنائية، أو على التعاون الصيني - الأميركي في بعض المجالات المهمة»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال لو إن الصين تأمل في أن تستطيع الولايات المتحدة «الحفاظ على الوضع الإيجابي الذي طرأ مؤخراً في شبه الجزيرة الكورية، بما في ذلك الرغبة الإيجابية التي أبداها الطرفان الأميركي والكوري الشمالي لإجراء محادثات مباشرة». وأضاف لو: «نقدر جهود تيلرسون في تطوير العلاقات الصينية - الأميركية»، مضيفا: «نأمل في أن يواصل تيلرسون الاهتمام بتطوير العلاقات الصينية - الأميركية ودعمها في المستقبل». وتابع بأن الصين «مستعدة للعمل» مع وزير الخارجية المعين مايك بومبيو، الرئيس السابق لـ«سي آي إيه»، من أجل مواصلة العلاقات القائمة على الاحترام والتعاون.
ويرى البعض أن تعيين بومبيو قد يقلق بكين من الناحية التجارية، لآرائه الصارمة في هذا الإطار. ويأتي اختياره لمنصب وزير الخارجية في وقت تضع فيه واشنطن اللمسات الأخيرة على فرض رسوم مرتفعة على واردات الصلب والألمنيوم، أغضبت عددا من شركائها الآسيويين في التجارة.

«أسف» ياباني
أما وزير خارجية اليابان تارو كونو، فقال أمس إنه شعر شخصيا بالأسف، لرحيل وزير الخارجية الأميركي المقال: «الصريح والجدير بالثقة» عن منصبه، قبل القمة المرتقبة بين ترمب وكيم. وأضاف كونو للصحافيين في طوكيو: «كان (تيلرسون) شريكا صريحا وجديرا بالثقة، واعتقدت أننا سنتعامل مع قضية كوريا الشمالية معا، ولكن على صعيد شخصي أشعر أن هذا الوضع الذي تطور مؤسف». وتابع كونو: «الأمر بالتأكيد في يد أميركا، لذا أريد لقاء خليفته في منصب وزير الخارجية قريبا، ونتبادل وجهات النظر بشأن كوريا الشمالية ومسائل أخرى».
من جهتها، قالت وزارة الخارجية في كوريا الجنوبية، في رسالة نصية، إن الوزيرة كانغ كيونغ – وها، قررت زيارة واشنطن لبحث قضية كوريا الشمالية رغم إقالة تيلرسون، بعد أن انتشرت شائعات حول إلغاء الزيارة.
وقال مسؤولون كوريون جنوبيون آخرون، مشترطين أيضا عدم الكشف عن هوياتهم وفق «رويترز»، إن بومبيو معروف بآرائه الصارمة إزاء كوريا الشمالية؛ لكنه سياسي مخضرم، ويبدو أنه يعرف كيف يساوم. وقال مسؤول كبير منهم: «ندرك أن بومبيو كان صاحب واحد من أقوى الأصوات عند الحديث عن تحرك عسكري، وغذى تقديرات ترمب المرتبطة بالأمر؛ لكن الأمور تغيرت كثيرا منذ ذلك الحين»، في إشارة إلى المحادثات المقبلة بين الرجلين.
وذكرت وزارة الخارجية في كوريا الجنوبية أن «تفاهمنا المشترك مع الولايات المتحدة هو الحفاظ على التعاون القوي من خلال التواصل الوثيق... بغض النظر عن تغيير الأفراد بالجانب الأميركي، وذلك نظرا لوجود قضايا مهمة، منها قضية كوريا الشمالية النووية والتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي، ومسائل التجارة».
ورحبت أستراليا، الحليف الوثيق للولايات المتحدة والمعفاة من الرسوم التجارية الأخيرة، باختيار بومبيو.
وقال رئيس الوزراء مالكولم ترنبول للصحافيين: «نعرفه جيدا... إنه صديق رائع لأستراليا. سيكون الانتقال سلسا تماما».

ترحيب إسرائيلي
وفي إسرائيل، لاقى قرار ترمب تعيين بومبيو ترحيبا في أروقة الحكم الإسرائيلية، وذلك أن الإسرائيليين يعتبرون تيلرسون «عقبة أمام تطوير الموقف الأميركي ضد إيران»، ويرون في بومبيو «صديقا حميما لإسرائيل، وصاحب موقف حازم جدا أمام طهران».
وقالت مصادر مقربة من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إن «تيلرسون كان من القلائل في الإدارة الأميركية الجديدة الذي بدا باردا تجاه إسرائيل، ولم يتحمس للقرارات المؤيدة لها، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة، ولم يتحمس لمشروع (صفقة القرن) ولم يكن راضيا عن تعيين يهودي يميني متشدد، مثل ديفيد فريدمان سفيرا لبلاده في إسرائيل، وأراد أن تتم المحافظة على الاتفاق النووي مع إيران، بدعوى الإبقاء على حد أدنى من التفاهم مع الحلفاء في الاتحاد الأوروبي».
في المقابل، يعتبر كثيرون في إسرائيل أن بومبيو لا يتفق مع تيلرسون في كثير من هذه القضايا، إذ يعتبر الاتفاق النووي «كارثة للمصالح الأميركية ولجميع حلفائها في الشرق الأوسط»، ويؤيد الرئيس في كل مواقفه السياسية وبشكل خاص المواقف المؤيدة لإسرائيل.

ارتياح في الأسواق
بدورها، سجلت الأسواق الأوروبية والأميركية ارتفاعا أمس، متجاوزة المخاوف السياسية التي أثارها قرار الرئيس الأميركي المفاجئ بإقالة تيلرسون الثلاثاء. وأثارت هذه الأنباء مخاوف السوق من حدوث اضطرابات في البيت الأبيض وتبني سياسة خارجية متشددة، ما أدّى إلى هبوط الأسهم الأميركية، الثلاثاء، والأسهم الآسيوية في وقت مبكر أمس.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.